alexametrics
آراء

إذا كانت الدكتاتورية مصيرنا، فالأفضل لنا أن يعود بن علي

مدّة القراءة : 4 دقيقة
إذا كانت الدكتاتورية مصيرنا، فالأفضل لنا أن يعود بن علي

 

برلماننا الموقّر والوقار منه براء، شأنه في ذلك شأن سابقه المجلس الوطني التأسيسي سابقا، (غير مأسوف عليه)، يستعد عشية اليوم الخميس 13 حوان 2019 للنظر والنقاش والتصويت على التعديل في القانون الإنتخابي .. قبل ثلاثة أشهر من الإنتخابات اختار نوابنا الأفاضل هذا التوقيت بالذات لتعديل هذا القانون الذي كان يفترض أن تتم مراجعته منذ 2015 بالنظر إلى الثغرات والنقائص التي تشوبه لكن أعضاء البرلمان لا يسعون بهذا التعديل إلى تحسين القانون الحالي وإنما هم يريدون إقصاء عدد من المترشحين أو ممن يعتزمون الترشح للإنتخابات المقبلة ويتقدمون في نتائج سبر الآراء وما زال نجمهم في صعود .. وحتى نكون أكثر وضوحا فإن التعديل المزعوم يستهدف الثلاثة الأوائل في الإستطلاعات وهم نبيل القروي وقيس سعيّد وعبير موسي وقد تشمل القائمة بعض المترشحين الآخرين أسوأ ترتيبا مثل ألفة التراس ..  أبرز ما يعاب على هؤلاء هو عدم ممارستهم السياسة بوضوح والمغالطات واستغلال بؤس الفقراء عبر بوابة العمل الجمعياتي للتموقع في الفضاء العمومي ...

 

هؤلاء المترشحون الذين لا ينتمون إلى الأوساط الحزبية السياسية التقليدية، فاجؤوا الجميع باقتحامهم الساحة السياسية التونسية التي اهتزت أركانها لهذا الحدث المفاجئ.. فحسب ما يدور في الكواليس هناك عديد الخطط لقطع الطريق أمام هؤلاء المترشحين "الوقحين"، وفي مقدمة هذه المخططات صياغة قانون على القياس وفي صورة المصادقة على هذا القانون فيا حبذا وإلا يتم المرور للخطة الثانية وهي تأخير الإنتخابات المقبلة .. كما توجد سيناريوهات أخرى يُحبّذ عدم الخوض فيها هنا فهي تجلب الخزي والعار لأصحابها والمبادرين بها كما أنها مبعث خجل لنا كتونسيين  ولا فائدة أيضا من ذكر أين ومع من تم إعداد تلك الخطط (خاصة الإجتماع الذي عقد مساء أمس الأربعاء بالضاحية الشمالية).. وهو أمر مخجل فعلا.

 

ما يجب قوله وهذا هو سبب كتابة هذا المقال هو أن تعديل القانون الإنتخابي من قبل نواب الشعب أمر مخجل وعار على تونس الديمقراطية التي نطمح إليها .. كيف يسمحون لأنفسهم بتغيير قواعد اللعبة وهي في وسط الطريق ؟ كان عليهم تغييرها أن تنتهي اللعبة. فحين تقبل باللعبة الديمقراطية فعليك أن تقبل بحيثياتها كافة، حتى الثغرات والنواقص التي تشوب قوانينها والتي يستغلها المحتالون ..  

 

قيس سعيّد على سبيل المثال لم يطلب شيئا من أحد ومع ذلك وجد نفسه، بفضل أفكاره المستنيرة التي اكتشفها الجمهور العريض في تدخلاته وتصريحاته الإعلامية، في مقدمة المشهد السياسي وفي طليعة نتائج سبر الآراء .. فصياغة فصل خاص به في القانون الإنتخابي لمجرد إقصائه هو بكل بساطة ووضوح أمر مخجل.

 

أما نبيل القروي وألفة التراس فقد استغلا ثغرة قانونية لممارسة السياسة تحت غطاء العمل الإجتماعي .. فالأول وظّف واستغل وسيلته الإعلامية والثانية استغلته مالها لضخ ملايين الدنانير في وسائل الإعلام للتموقع .. ومع ذلك فإن إقصاءهما أمر مخجل أيضا.

 

من ناحيتها فإن عبير موسي ظلت وفية لمبادئها ولما كانت عليه فهي من رموز النظام السابق القلائل الذين دافعوا عنه وبقوا وفيين له .. ففي بلد يدعي أنه يحترم حرية التعبير، من حق عبير موسي أن تدافع عمن تشاء وأن تقول ما تريد وهي حرة في ذلك وليس من حق أي كان أن يقصيها ويمنعها من الترشح .. من سخرية القدر تجد نفسها اليوم ضحية ما كان مثلها الأعلى زين العابدين بن علي يمارسه على معارضيه حين كانت هي في الحكم. 

 

نواب البرلمان اختلقوا كل التعلات لتبرير هذا التمشي الذي اختاروه .. فقيس سعيّد في نظرهم شعبوي ولا يفقه شيئا في السياسة .. في حين اتبع نبيل القروي وألفة التراس خطوات غير أخلاقية .. أما عبير موسي فهي تجعل معنى حرية التعبير والديمقراطية.. هكذا يعتقد نوابنا المحترمون أنهم أدرى بالديمقراطية وبحرية التعبير من أولئك المترشحين.. أليس من المضحك حقا أنهم يريدون إيهامنا بأنهم ديمقراطيون باتباعهم هذا التمشي الدكتاتوري؟..

 

لكن يبدو أن أعضاء البرلمان ذاكرتهم قصيرة بل قصيرة جدا .. فقبل أن يصبحوا نوابا في البرلمان وقبل وجود مجلس النواب هذا، مر بتونس ما لا يقل عن رئيسين للجمهورية يعتقدان أنهما يعرفان مصلحتنا أكثر منا. فالحبيب بورقيبة هو أيضا صاغ قانونا على المقاس حتى يصبح رئيسا مدى الحياة وكان ذلك في 1975.

 

زين العابدين بن علي عرفت فترة حكمه العديد من القوانين التي صيغت على المقاس، بل أكثر من ذلك فقد قام بتنقيح الدستور حتى يتمكن من الترشح لفترات رئاسية أخرى .. وقد تقررت تلك القوانين لخدمة بن علي وإقصاء منافسيه ولكن أيضا للإستفادة من بعض المزايا والمصالح لفائدته هو وعائلته وأقاربه وقد استفاد من خلفه في الحكم بتلك المزايا.

 

 

 فلو أن نوابنا في تونس "الديمقراطية" يشرعون في تعديل القوانين لإقصاء منافسيهم من السياسيين من السباق فما الذي تغيّر يوم 14 جانفي 2011 ؟  فلمَ لا نعيد بن علي إلى قصر قرطاج ؟ على الأقل كانت الأمور واضحة والخطوط الحمراء كذلك وكان إقتصادنا على أحسن ما يرام ولم يكن لدينا مهرجون مثلما نحن عليه اليوم.

 

فإذا تحوّل نوابنا إلى قضاة يحكمون على النوايا ويعطون لأنفسهم الحق بأن يقولوا لنا مَن  من بين المترشحين ديمقراطي ومن ليس ديمقراطيا ؟ فليبدؤوا بإقصاء أنفسهم ما دام مشروع القانون غير ديمقراطي بامتياز.

 

وإذا كان نوابنا يرغبون في إقصاء المتهمين بالغش والذين يستغلون بؤس الفقراء من خلال العمل  الجمعياتي فليتسلحوا بالشجاعة بإقصاء الحزب الإسلامي (حركة النهضة) ونوابه ال87 الذين طالما استغلوا بؤس الناس وسذاجتهم إزاء الشأن الديني لكسب الإنتخابات.. كذلك الشأن بالنسبة إلى الباجي قايد السبسي الذي بكى في 2014 أمام تلك المرأة التي قالت له حينها إنها لم تعد تأكل اللحم .. ويوسف الشاهد الذي صار في الأسابيع الأخيرة يتحوّل إلى حيث الفقراء والمساكين.

 

وإذا كان نبيل القروي وألفة التراس وكذلك عبير موسي يستعملون وسائلهم وإمكانياتهم الخاصة للصعود في سبر الآراء فإن نوابنا وعديد السياسيين ومنهم منصف المرزوقي ويوسف الشاهد يستعملون أيضا إمكانيات ووسائل الدولة لتحقيق مآربهم.

 

وفي الأخير أقول لأعزائي النواب والذين من بينهم أصدقاء لي: ما كنتم تعتزمون فعله عشية اليوم مخجل لكم ولنا أيضا وهو يهدد الديمقراطية وقد يعود عليكم بالضرر يوما ما فينقلب السحر على الساحر .. سيكون ذلك نقطة سوداء في تاريخكم ولا أظنكم تريدون أن تكون في مسيرة كل واحد منكم نقط سوداء على غرار أولئك الذين سبقون مباشرة في مناصبكم ومقاعدكم هذه تحت قبة البرلمان.

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0