alexametrics
الأولى

إعلان الحرب في شركة الستاغ

مدّة القراءة : 4 دقيقة
إعلان الحرب في شركة الستاغ

 

يبدو أن الأمور تسير من سوء إلى أسوإ في الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) .. الحادثة الأخيرة أثارت حفيظة النقابيين وأعوان المؤسسة الذين دخلوا في إضراب تعبيرا عن الإحتجاج على العريضة الصادرة عن الإدارة العامة ضد رضا الترخاني، الكاتب العام لإقليم تونس للجامعة العامة للكهرباء والغاز والكاتب العام للنقابة الأساسية للمقر المركزي للشركة والتابعة للإتحاد العام التونسي للشغل.

 

سبب الغضب الشديد في الأوساط النقابية صلب الستاغ هي تقدّم الإدارة العامة للشركة بشكوى ضد، أحد قيادييها، رضا الترخاني، على خلفية الإعتصام الذي تم تنفيذه يوم غرة مارس الماضي بالمقر الإجتماعي للمؤسسة. فقد تم استدعاؤه يوم الخميس، 21 مارس 2019 من قبل فرقة مكافحة الإجرام بحي الخضراء التي حققت معه طيلة ثلاث ساعات بتهمة تعطيل المرفق العام ومنع موظفي الإدارة العامة من الدخول ومنع المدير العام من القيام بمهامه ونصب خيمة دون موافقة من الإتحاد العام التونسي للشغل، وهي تهم في صورة ثبوتها قد تؤدي بالترخاني إلى عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجنا.

 

تهم مغرضة وكيدية ولا تمت للواقع بالصلة، حسب زملائه الذين رأوا أن الهدف هو استفزاز النقابيين والأعوان. كما أن هذه التهمة تعد تعديا على الحق النقابي ورغبة في الإساءة ليس فقط للنقابيين بل أيضا للستاغ، فالحركة الإحتجاجية انطلقت، وفق روايتهم، للدفاع عن الشركة التي تشهد أزمة عميقة، من بين أسبابها سوء تصرف المدير العام، المنصف الهرابي.

 

منذ انطلاق الحركة الإحتجاجية يوم 1 مارس 2019، لم تتوقف مصالح الشركة عن العمل بشكل طبيعي، حسب ما أفاد به سليم البوزيدي، عضو الجامعة العامة للكهرباء والغاز، في تصريح لبيزنيس نيوز، اليوم الجمعة، موضحا أن فقط الأعوان خارج أوقات العمل أو ممن ليسوا في حالة دوام، هم الذين يتجمعون أمام الخيمة المنصوبة قبالة مكاتب الإدارة، في حين يتناوب الآخرون على الإعتصام.

 

كما أوضح المسؤول النقابي أن الإعتصام مشروع وتم اتخاذه بقرار من الهيئة القطاعية وبموافقة من الإتحاد العام التونسي للشغل ومن الجامعة العامة.

 

إلى ذلك فإن المحتجين لم يمنعوا موظفي الإدارة من الدخول إلى مكاتبهم. وكذلك الشأن بالنسبة إلى الهرابي الذي لم يتحول إلى مقر الشركة، منذ الشروع في تنفيذ الإعتصام، بل إنه كان في عطلة منذ انطلاق الحركة الإحتجاجية.

 

وقد حاولت بيزنيس نيوز الإتصال بالملحق الصحفي للستاغ أو منصف الهرابي، لكن دون جدوى.. إلا أن مصادر من داخل الشركة أفادتنا ببعض التفاصيل والأحداث.. إذ يبدو أن هذا المسؤول كان عرضة لبعض التهديدات مما اضطره إلى السعي إلى إدارة الشركة من مقر موجود بمنطقة العمران الشمالي.. لذلك ومن أجل تفادي مواجهة قد تكون وخيمة العواقب على شركة الستاغ، قرر الهرابي اللجوء إلى الطرق القانونية المتاحة له.

 

السؤال المطروح: لماذا كل هذه التحركات ؟ بالعودة إلى تفاصيل الأحداث فقد انطلقت الخلافات منذ أسابيع، بين الطرف النقابي، من جهة والإدارة ووزارة الصناعة، من جهة ثانية.. فالنقابيون معترضون على التمديد بسنة في عهدة المدير العام الذي بلغ سن التقاعد والذي يعتبرون أن نتائجه سلبية فضلا عن تدهور وضعية الشركة بشكل خطير مما جعلهم يطالبون بتعويضه وتعيين مسؤول جديد يكون قادرا على إنقاذ الستاغ والخروج بها من الوضعية المالية المتأزمة.

 

عمليا يعترض النقابيون على بعض الثغرات التي تعكسها الأرقام والمؤشرات .. فبالنسبة إليهم منذ أن تولى المدير العام مهامه بداية 2017، تفاقمت ديون الشركة، لتمر من 4،41 مليار دينار، أواخر 2016، إلى 6،53 مليار دينار، على المدى البعيد (أي بزيادة 2،12 مليار دينار) ومن 587 مليون دينار إلى 1،69 مليار دينار على المدى القريب (أي بزيادة قدرها 1،1 مليار دينار)، وفق الأرقام الصادرة عن النقابة الأساسية.

 

بدورها مرت النتائج المتعلقة بالإستغلال من 310،6 مليون دينار في 2016 إلى 594 مليون دينار في 2018. ديون الحرفاء تطورت كذلك من 979 مليون دينار في 2016 إلى 1372 مليون دينار في 2018، 48،5 بالمائة منها ديون عمومية (23 بالمئة ديون على المؤسسات العمومية و18،5 بالمئة على الإدارات و7 بالمائة على الجماعات المحلية. في ديسمبر 2018، ثلاث مؤسسات عمومية فاقت ديونها الجملية مجتمعة، 227 مليون دينار توزعت إلى 83 مليون دينار للشركة التونسية لعجين الحلفاء و78 مليون دينار لشركة الفولاذ و66 مليون دينار لشركة الإسمنت "أم الخليل". بخصوص الوزارات تتصدر وزارة الصحة القائمة ب 48 مليون دينار، تليها وزارة الفلاحة ب 47 مليون دينار، ثم الداخلية ب41 مليون دينار.    

 

بالنسبة إلى المدير العام، تقف جملة من العوامل وراء تدهور الأوضاع.. فحسب وثيقة لمجلس إدارة الشركة، تعود تلك الأسباب بالخصوص إلى ارتفاع برميل النفط والمرتبط بدوره بانزلاق الدينار، إلى جانب ارتفاع طلب البلاد مع انخفاض الإنتاج من الطاقة والمبالغ  المخصصة بعنوان التعويض والتي لا ترصد بصفة آلية، بالإضافة إلى قرار مجلس وزاري منعقد في 30 ديسمبر 2014 ينص على الفصل بين عمليتي شراء الغاز الطبيعي وبيعه وبين الشركتين العموميتين المعنيتين.

 

في هذا الصدد يقترح منصف الهرابي بعض الحلول من ضمنها بالخصوص إيجاد خطوط تمويل بالعملة الصعبة من شأنها تمكين الشركة من مواجهة التزاماتها وشراء الغاز الطبيعي للتوقي من المخاطر الممكنة في علاقة بالصرف.

 

مما لا شك فيه أن الوضع الإجتماعي صلب شركة الستاغ متفجر وقد  يسوء أكثر في قادم الأيام.. لذلك يجب اتخاذ حلول عاجلة حتى لا يتضرر هذا المرفق العمومي الحيوي ولا يتم ارتهان التونسيين، لأسباب لا علاقة لهم بها. وبالتالي فإن إدخال إصلاحات هيكلية أضحى أمرا حتميا وعاجلا، للحفاظ على هذا المكسب الهام.

 

 (ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)


 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter