alexametrics
الأولى

التونسي يتنفس إضرابات

مدّة القراءة : 2 دقيقة
التونسي يتنفس إضرابات

منذ الثورة في 2011، صار يعيش المواطن التونسي على إيقاع التحركات الإجتماعية بمختلف أشكالها .. فهو إن لم يكن طرفا فيها تجده رهينة لتلك الإضرابات ومجبرا على تحمّل المطالب سواء كانت مشروعة أو غير معقولة.


التحركات الإحتجاجية والإضرابات وتعليق الأنشطة تعددت وتكاثرت خلال الأيام القليلة الماضية في قطاع النقل (التاكسي والتاكسي الجماعي واللواج ومدارس تعليم السياقة...) ومحطات الوقود (أعوان وأصحاب المحطات) وقطاع نقل البضائع والمحروقات إلى جانب أعوان الصناديق الإجتماعية والأستاذة الجامعيين وأصحاب المخابز ومهنيو الحليب والألبان وأعوان الستاغ وآخرها إضراب نقابة الطيارين.

البعض يطالب بمراجعة قرار الترفيع في أسعار المحروقات وآخرون يدافعون عن مطالب إجتماعية بعيدا عن الشعارات الكبرى وتتلخص في الزيادة في الأجور والمنح المختلفة.

 

المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية سجّل ارتفاع نسق التحركات الإجتماعية خلال شهر أفريل 2019 والتي شملت "60 ألف عامل معظمهم من ذوي الدخل المحدود، مثل عمّال الحضائر والفلاحين والصيادين والسبب هو الزيادة في أسعار المحروقات والتي تؤثر في كل القطاعات والمهن، فضلا عن مطالب الجهات في مجالات الصحة والتربية والنقل والماء الصالح للشراب والتشغيل والتنمية..."، حسب بيان أصدره المنتدى يوم 15 أفريل الجاري وأوضح فيه أن تدهور الخدمات العمومية والمقدرة الشرائية للمواطن هي السبب الرئيسي وراء هذا الغضب الشعبي.

 

رغم البحوث التي قمنا بها، لم نعثر للأسف على أرقام ومعطيات محيّنة حول التحركات الإجتماعية، فالإحصائيات الحديثة هي تلك الصادرة عن الإدارة العامة لتفقدية الشغل والمصالحة بوزارة الشؤون الإجتماعية وتتمثل في مقارنة بين أرقام ومؤشرات سنتي 2017 و2018. حسب هذه المعطيات فإن عدد الإضربات في القطاع الخاص وفي المنشآت العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية، استقرت عند مستوى 248 إضرابا في 2018 شملت 179 مؤسسة، مقابل 171 في السنة التي سبقتها. شارك في هذه التحركات الإحتجاجية 59976 شخصا في 2018 مقابل 58668 مشاركا في 2017 .. في المقابل فإن عدد أيام العمل الضائعة انخفض بنسبة 19 بالمائة لتمر من 144564 يوما في 2017 إلى 116882 يوما في 2018. حوالي نصف هذه التحركات كان سببها المطالبة بالزيادة في الأجور والترفيع في المداخيل.

ولئن كانت الإحصائيات تعكس انخفاضا وتراجعا في عدد الإحتجاجات، فإنها تبقى أيام عمل ضائعة بالنسبة إلى الإقتصاد الوطني، في ظرف لم يتجاوز فيه النمو في الثلاثي الرابع من سنة 2018، نسبة 2،2 بالمائة. وحتى إن كانت المؤشرات الإقتصادية تتجه نحو الإرتفاع، فإن ذلك ليس كافيا لإحداث مواطن الشغل اللازمة والإستجابة للمطالب الإجتماعية مع توفير خدمات جيدة.

 

لا يختلف إثنان حول الظروف الصعبة التي صار يعيشها المواطن التونسي اليوم الذي يكاد لا يمر يوم دون أن يكون ضحية التلويح بشن إضراب أو تعليق نشاط وما لذلك من انعكاسات على جيبه .. حتى الزيادة في الأجور في القطاع العام تنجر عنها حتميا زيادة في الأداءات والضرائب وهو الشأن ذاته في القطاع الخاص حيث تنعكس الزيادات في الأجور على تكلفة الخدمات أي أنه في كل الأحوال فإن المواطن أو بالأحرى المستهلك هو من سيدفع الثمن.

 

طبعا لابد أن تكون للإستجابة لهذه المطالب كلفة لا يستهان بها، فتعطيل آلة الإنتاج وقطع الطرقات تترجم في نهاية الأمر إلى خسائر مادية، كما أن الإستجابة للمطالب دون الترفيع في الإنتاج وفي خلق الثروات، ينجر عنها التضخم وفي غالب الأحيان تداين الأطراف المتدخلة في غياب الموارد الضرورية.. فمن أجل تسديد أقساط القروض أو تعويض النقص المسجل في المداخيل، يجب على الدولة أن ترفّع في الضرائب والأداءات كما أن المؤسسات تزيد من أسعار خدماتها المختلفة وهي حلقة مفرغة متواصلة منذ الثورة. إلا أن الوضع في القطاعين العام والخاص يزداد سوءا من يوم إلى آخر، مع انزلاق الدينار وارتفاع أسعار المواد الأولية وازدياد كلفة القروض بسبب الترفيع في النسبة المديرية من جراء ارتفاع نسبة التضخم.

 

لكن إلى متى سيستمر هذا الهراء؟ فالزيادات المتواترة في الأجور لن تساهم إلا في ارتفاع التضخم دون تحسين المقدرة الشرائية للمواطن. لذلك على كل الأطراف المعنية أن تعي أن الزيادة في الأجور لا تعني بالضرورة تطورا في المقدرة الشرائية بل بالعكس نقيض ذلك هي النتيجة في تونس لسبب بسيط جدا وهو أن الترفيع في الأجور ليس مصحوبا بتطور في الإنتاجية أو خلق للثورات وتحسين للخدمات .. من غرائب الأمور أن البعض مازالوا يحصلون على أجور وعلى زيادات، دون عمل أي شيء يذكر.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter