alexametrics
الأولى

العنف المسلّط على الأطفال ومسؤولية الأولياء

مدّة القراءة : 3 دقيقة
العنف المسلّط على الأطفال ومسؤولية الأولياء

حالات من الإعتداء الجنسي يقترفها إطار تربوي وسوء معاملة تجاه أطفال يرتادون مدرسة قرآنية وآخرون يتم تقديمهم في ومضات إشهارية غير لائقة، عديدة هي أحداث الإعتداء على أطفال تونسيين ما انفكت تتداولها الصحف ووسائل الإعلام خلال الأسبيع القليلة الماضية .. فأي دور حقيقي للأولياء، في ظل معرفة الجميع بالمُعتدين الفعليين ؟.


فضيحة المدرسة القرآنية بالرقاب أربكت الرأي العام التونسي .. ففي شهر فيفري 2019 خرج أولياء للشارع للإحتجاج على غلق مدرسة قرآنية سُجّلت فيها 11 حالة اغتصاب مؤكدة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاما. صورة أولئك الأولياء وهم يطالبون بإعادة إدماج أبنائهم في مؤسسة شهدت ممارسات غير قانونية، صدمت الرأي العام وأثارت تساؤلات واستفسارات عدة حول الدور والمسؤولية التي يجب أن يضطلع بها الأولياء من أجل ضمان السلامة الجسدية والعقلية لأبنائهم.

 

حادثة أخرى أثارت موجة من الإستياء العام، تمثلت في اتهام معلم بمدرسة عمومية في صفاقس، بالإعتداء جنسيا على أكثر من 20 تلميذا بين فتيان وفتيات .. إعتداءات اقترفت من قبل هذا المربّي، خلال حصص الدروس الخصوصية وهو ما أعاد الجدل من جديد حول هذه الدروس ولكن أيضا ساهم في حصول وعي جماعي بضرورة تأطير وحماية الأطفال عن قرب، من حالات الإعتداء الجنسي في الوسط المدرسي.

 

بالنسبة إلى الدكتورة فاطمة الشرفي، الأخصائية في علم نفس الأطفال بمستشفى المنجي سليم بالمرسى، توجد ثلاثة أنواع من سوء المعاملة: جسدي (عقوبات واعتداءات بدنية ...) وجنسي (تحرش واغتصاب ...) ونفسي (حط من العزائم واستغلال في خلافات بين الوالدين...).

ردا على أسئلة توجهت لها بها بيزنس نيوز، أوضحت الدكتورة الشرفي أن أشكال العنف الثلاثة متداولة كثيرا، ملاحظة أنه في معظم الحالات تحدث هذه الإعتداءات في الوسط العائلي وذلك حسب الحالات المسجلة في المستشفيات أو من خلال البحوث والدراسات والتحقيقات التي ينجزها مندوبو حماية الطفولة. وأضافت قولها: "غالبا ما يكون المعتدي من العائلة الموسعة، أي العم أو الخال .. فحالات الإغتصاب من قبل ذوي القربى أكثر من حالات الإعتداء الجنسي من قبل أشخاص غرباء عن الطفل.. فكيف للأولياء في هذه الصورة أن يتدخلوا لحماية أبنائهم؟ تقول الدكتورة فاطمة الشرفي في هذا الصدد: "للتوقي من الإعتداءات الجنسية، يجب بلورة برنامج متكامل للتربية الجنسية وذلك منذ سن الرابعة أو الخامسة. فالتربية الجنسية تم إدماجها في البرامج التعليمية في عديد البلدان وهي موجهة للأطفال ولكن للأولياء كذلك".

كما ذكرت أنه ليس بإمكان الأولياء وحدهم القيام بهذا الجهد الوقائي اللازم ضد الإعتداءات الجنسية، لكن توجد آليات بسيطة من بينها أنه يكفي للولي تنشئة ابنه على أن جسمه ملك له وعليه أن يقول لا متى توجب الأمر ذلك.. وفي هذا الشأن توضح الأخصائية في علم نفس الطفل أنه لا وجود لمفهوم القبول والرضا في حالات الإعتداء الجنسي واغتصاب الأطفال، فالطفل دائما يعتبر ضحية في مثل هذه الحالات. حسب الدكتورة الشرفي فإن الأولياء مدعوون أيضا إلى تفادي تسليط العقاب البدني على أبنائهم وتعريضهم للعنف بين الزوجين .. فمشاكل الأبوين يجب أن لا تعرض أمام الأبناء.

 

حسب دراسة أنجزتها منظمة اليونيسيف حول تونس في 2012، فإن 93،2 بالمائة من الأطفال التونسيين قد يكونوا ضحية ممارسات عنيفة وهو سلوك شائع ومقبول في بعض الأوساط .. إلى جانب العقوبات البدنية توجد ممارسات أخرى أقل شيوعا في بعض المناطق وفي أوساط محددة.

 

سنية بليبش، الأستاذة في قسم طب الأطفال بالمستشفى العسكري بتونس، ما انفكت تندد وتستنكر مثل هذه الممارسات ومن بينها تشليط بعض الولدان وحتى التسبب لهم في بعض الحروق.. "10 بالمائة من الأطفال الذين تم فحصهم يوم 21 فيفري برمادة من ولاية تطاوين، كانوا يحملون آثار وعلامات حروق .. مازال يتعرض بعض الرضع لعملية حرث أجزاء في أجسادهم في سن تتراوح بين شهر و12 شهرا.. وهي علامات تدل على ما يعانيه هؤلاء الأطفال من تعذيب على أيادي أوليائهم الذين يؤمنون بما يوهمهم به المشعوذون"، حسب الدكتورة بليبش التي قالت إن هذه الممارسات لها تأثيرات جسدية ولكن أيضا نفسية على الأطفال، على المدى القريب والمتوسط والبعيد، منددة بأولئك المشعوذين الذين بتصرفاتهم تلك يتسببون في إعداد أشخاص عنيفين، بل ومجرمين وإرهابيين.

في تصريح لبيزنس نيوز، تذكر الدكتورة بليبش أنها عاينت حالات تعنيف بدني منذ كانت مقيمة بمستشفى الأطفال أي في التسعينات وقد أبلغت بذلك مندوبي حماية الطفولة، مستعرضة عديد حالات العنف الجسدي المسلط على الرضع والأطفال من قبل أمهاتهم والتي سجلتها خلال مسيرتها المهنية.

 

من الجانب التشريعي مازالت صفة الطفل الضحية غير واضحة في مجلة حماية الطفولة التي صدرت منذ 1995. فلئن تم الشروع في تحقيق ثورة تشريعية، فإن الطريق مازال طويلا لتعزيز الآليات التشريعية في مجال حماية الطفل من كل أشكال المخاطر التي تتهدده.. وهذا يسري على عرض الأطفال عبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي الومضات الإشهارية والإنقطاع المدرسي والإستغلال الإقتصادي والإعتداء الجنسي .. فكثيرون هم الأطفال ضحايا العنف المدرسي والأسري، دون أن ينجر عن ذلك ما يليق به من إدانة واستنكار شديدين.

 

لذا علينا أن نذكّر بالمكانة الهامة التي يحتلها الأطفال أكثر فأكثر صلب المجتمعات وأن تونس ليست بمنأى عن هذا التوجه .. فطفل اليوم له كلمته ولم يعد ذلك الطفل الخاضع لكل أشكال العنف والهرسلة.. ومع ذلك فإن مجرد إدانة حالة إعتداء جنسي تبقى حادثة معزولة مقارنة بالعديد المهول لحالة الإغتصاب والممارسات البيدوفيلية التي مازال أصحابها يفلتون من العقاب، بسبب نقص في عملية الإتصال مع الوالدين وشيء من التواطؤ غير المفهوم.

صغار اليوم هم كبار الغد لذلك من واجبنا أن نحميهم ونوفّر لهم أفضل ظروف العيش والتربية .. فالأطفال هم مرآة آبائهم كما يقال وهذا وحده كفيل بأن نوفر كل أسباب النمو والتطور السليم لفلذات أكبادنا.

 

(ترجمة عن النص الأصلي باللغة الفرنسية)



 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter