alexametrics
الأولى

المشهد السياسي وموضة المبادرات المواطنية

مدّة القراءة : 2 دقيقة
المشهد السياسي وموضة المبادرات المواطنية

السباق نحو الإنتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في أوجها .. أمس الإثنين تم الإعلان رسميا عن تأسيس الحزب السياسي رقم 217 في تونس وهو دليل على أن هذه السنة الإنتخابية ستكون حامية الوطيس. فإلى جانب الأحزاب السياسية هناك مبادرات مواطنية بصدد التشكل للتموقع كمنافس في الساحة الوطنية وأخذ مكان لها في الرقعة السياسية.


أشهر قليلة فقط تفصلنا عن الإنتخابات القادمة وما زال التونسيون لا يعرفون لمن سيعطون أصواتهم .. الحقيقة أن السنوات الخمس الماضية لم تكن سهلة مما أصاب الناخبين بخيبة أمل إزاء خياراتهم السابقة لدرجة وهو ما جعلهم يفقدون الأمل في السياسيين وبطبيعة الحال ليست كثرة الأحزاب ستساعدهم على تكوين فكرة واضحة في هذا الشأن وتوجيههم لأخذ القرار الحاسم.. ويبدو أن هذا الواقع لم يستوعبه بعد سياسيونا لنجد أنفسنا أمام حزب آخر هو رقم 217 مثلما أعلنت عنه أمس الإثنين مصالح العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان .. هذا الحزب الجديد أطلق عليه إسم "الإحياء العربي" ومؤسسه ورئيسه هو محمد البصيري العكريمي.

فإلى جانب العدد المرتفع للأحزاب السياسية في تونس ما بعد الثورة، نلاحظ بوضوح انقسام وتشتت الأحزاب القائمة، فالتجاذبات والحسابات الحزبية شملت عددا كبيرا من "الأحزاب الكبرى"، على غرار الجبهة الشعبية والمسار، دون الحديث عن نداء تونس الذي تفتت وتمزق كليا.

وبعيدا عن هذه الفسيفساء الحزبية متعددة الأشكال والألوان، فإننا نكتشف هذا العام ظاهرة جديدة تتمثل في تنظيمات مواطنية تقدم نفسها كبديل للأحزاب السياسية والحل لإنقاذ تونس خلال المرحلة المقبلة.

في هذا السياق نجد على سبيل المثال مبادرة "عيش تونسي" التي تقدّم نفسها على أنها مجموعة من التونسيين يؤكدون قناعتهم الراسخة بأن الوضع الراهن ليس أمرا حتميا لذلك قرروا بالإمكانيات التي لديهم تحدي حالة الجمود الحالية والتأكيد على أن التغيير ممكن. هذه المجموعة التي قامت بعديد الأنشطة والتحركات الميدانية الإجتماعية والمواطنية تقول إنها لا تعمل لفائدة أي شخص بل لمصلحة التونسيين.

وفي هذا الإطار ذاته نشهد ولادة ائتلاف حزبي وانتخابي يحمل إسم "قادرون" يضم أحزابا سياسية وشخصيات وطنية ومنضالين من نشاط المجتمع المدني، من ضمنهم محمود بن رمضان وأحمد نجيب الشابي وكمال النابلي والطاهر بن حسين. ويبدو أن هذه الموجة جلبت اهتمام والي تونس وأريانة سابقا، والوزير الأسبق للعدل، عمر منصور الذي أعلن اليوم الثلاثاء عن إطلاق مبادرة مواطنية تحمل إسم "تحرّك" هدفها إرساء علوية القانون والعدالة الإجتماعية، فضلا عن المساهمة في تحقيق التنمية الإقتصادية خلال المرحلة الحساسة التي تمر بها تونس حاليا.

بدوره المحامي المثير للجدل، سيف الدين مخلوف، استهوته هذه النزعة الجديدة بالإعلان عن مبادرة مماثلة تحت إسم تحالف الكرامة مرفوقا بمجموعة من الأشخاص من بينهم عماد دغيج، العضو الناشط في ما كان يعرف بروابط حماية الثورة.

هذه المبادرات التي تبرز في شكل تحالفات وائتلافات مواطنية، تقدم نفسها على أنها البديل للأحزاب السياسية التي فقدت ثقة السواد الأعظم من التونسيين .. فأصحاب تلك المبادرات ألهمتهم النتائج الإيجابية التي حققها المستقلون خلال الإنتخابات البلدية التي جرت في ماي 2018 وعرفت ميلا واضحا للقائمات المستقلة على حساب السياسيين. لكن السؤال المطروح بخصوص هذا النوع من التنظيمات يتعلق بمصادر التمويل. فالشكل التنظيمي والهيكلي لهذه المجموعات الإنتخابية ليس واضحا، مما يجعل من آليات الرقابة على مصادرها المالية ووسائل تمويلها صعبة للغاية، بل منعدمة كليا، باعتبار أنها لا تخضع لأي قانون ينظمها.

في كل الأحوال يبدو واضحا وجليا أن الفترة الإنتخابية لن تكون بمثابة الفسحة لجميع الأطراف، إذ أن كل تشكيلات وتنظيمات الساحة الوطنية ستسعى إلى التموقع بما كل أوتيت من قوة، حتى وإن تطلب منها الأمر تبني أشكال جديدة من التنظم، غير أن هذه الأطر غير التقليدية تعكس الضبابية السائدة وعمق الأزمة التي هزت الحياة السياسية والحزبية.

 

(ترجمة عن النص الأصلي باللغة الفرنسية)


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter