alexametrics
أفكار

بدم بارد- الصمت الإتصالي للحكومة ضار وغير مبرر

مدّة القراءة : 2 دقيقة
بدم بارد- الصمت الإتصالي للحكومة ضار وغير مبرر
 
طيلة العشر سنوات الماضية تميزت كل الحكومات بعاهة الصمت الإتصالي والغموض. كان هذا منطقيا لأن هذه الفترة حكمها منطق المحاصصة والتفاهمات بين الأحزاب السياسية في الغرف المغلقة ولم يكن من السهل على المسؤولين الخروج للناس وإطلاعهم على حقائق الأمور لأنهم محكومون بالولاءات للأحزاب التي صوتت عليهم وعينتهم على رأس السلطة والحكم وهو ما أدى إلى شبه إنهيار وشيك لكل مؤسسات الدولة زاد العجز في مقاومة جائحة كورونا في تعفينها حتى دفعت البلاد دفعا نحو 25 جويلية والمرسوم 117.
 
كان خطاب الرئيس بتفعيل الفصل 80 وقراره بتجميد مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضائه بمثابة الصدمة الإيجابية التي أعادت الأمل للشعب في قدرته على الخروج من الأزمة وكذلك - وهذا الأهم - ترحيب الشعب برئيس إستطاع أن يتخذ قرارا بتجميد العبث وإيقاف الانحدار نحو الهاوية في الوقت المناسب.
وفي نهاية سبتمبر كلف رئيس الجمهورية السيدة نجلاء بودن رئيسة للحكومة وركز في خطاب التكليف على محاربة الفساد وإعادة الأمل للتونسيين.
 
وإذا كانت مكافحة الفساد هي أصلا من مشمولات أجهزة مختصة وتتطلب البحث والاستقصاء وتحتاج سرية الأبحاث الى التكتم وإحترام حقوق المنسوب إليهم الفساد، فإن إعادة الأمل إلى التونسيين هو من مشمولات رئيسة الحكومة أساسا باعتبارها المسؤولة على وضع خطط واستراتيجية محددة في الزمن يحكمها برنامج واضح من حق التونسيين معرفته من رئيسة الحكومة رأسا حتى تتحقق إعادة الأمل في القدرة على الخروج من الأزمة وحتى يتعرف كل الأطراف على بداية الطريق الذي ستسلكه حكومة السيدة بودن في إتجاه معالجة أوضاع التونسيين.
 
إلى حد هذا التاريخ لم يصدر عن رئاسة الحكومة لا حق ولا باطل ورغم أن الوزراء المعينين يتحركون في كل إتجاه كل فيما يخصه وجب على السيدة رئيسة الحكومة أن تتواصل مع الشعب بمختلف أطرافه المهنية والجمعياتية والسياسية ليفهم هذا الشعب أنه فعلا قطع مع أسلوب الحكومات السابقة التي كانت تعطي انطباعا أنها حكومات المحاصصة السياسية وأن وزرائها كانوا جزرا معزولة عن بعضها البعض، يعني أنها كانت حكومات الأحزاب ولم تكن حكومات الدولة التونسية.
 
و لو سلمنا أن السيدة نجلاء بودن هي وزيرة أولى مسؤولة أولا وأخيرا أمام رئيس الجمهورية فهذا لا يمنعها من أن تتواصل مع الشعب وتقطع مع الصمت الإتصالي الذي ميز كل حكومات الفترة الماضية والذين لم نكن نسمعهم إلا في البرلمان الذي لم يكن نوابه يدخرون جهدا في قصفهم والتهجم عليهم، وقد كنت أستغرب من برودة اعصابهم أمام التهجمات المنقولة صوتا وصورة واستغرب أيضا كيف يقبلون على أنفسهم تحمل أعباء يوم كامل من الاستقراد والشتيمة والترذيل وقدرتهم الفائقة على
تحمل حصة من حصص التعذيب رغم أن هناك بعض الاستثناءات من الوزراء الذين بقيت ردود أفعالهم على تهجمات النواب محفورة في ذاكرة التونسيين .
 
المطلوب من السيدة رئيسة الحكومة أن تتواصل مع الناس وأن تتوجه بخطاب إلى الشعب تشرح فيه الخطوط العريضة لما تعتزم القيام به في هذه الفترة الإستثنائية وأن تطمئن الناس على حسن سير دواليب الدولة وعلى وضعية المالية العمومية وعلى برنامجها القصير المدى في تحسين مؤشرات الإقتصاد الوطني والضغط على الأسعار وتحسين الخدمات العامة والوضع البيئي السيء في بعض المدن مثل صفاقس وأن تجتهد في تمرير الأمل للشعب في قدرته على إستعادة العافية واستعادة مكانته الدولية التي خربتها الترويكات المتعاقبة بقيادة النهضة بارتمائها في أحضان المحاور الإقليمية. لا ننسى أن السياسة الخارجية للدولة التونسية قامت على عقيدة الحياد الايجابي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة والصديقة رغم أنها كانت في بيئة دبلوماسية صعبة ونقصد الحرب الباردة بين أمريكا والإتحاد السوفياتي.
لذلك على السيدة رئيسة الحكومة القطع مع عاهة القصور الإتصالي السابق لحكومات ما قبل 25 جويلية وربط الصلة بالشعب لضمان الالتفاف والدعم الشعبيين لقرارات 25 جويلية وتحصينها من تدهور الرصيد الشعبي الداعم.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter