alexametrics
الأولى

تونس تنعى أبنائها... من يتحمل المسؤولية؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
تونس تنعى أبنائها... من يتحمل المسؤولية؟

 

حادث سير ذهب ضحيته أكثر من ستة وعشرين شابا وشابة، تراوحت أعمارهم بين العشرين والثلاثين سنة، إضافة الى عشرين مصابا تتراوح حالاتهم بين المستقرة نسبيا والخطيرة جدا.

ستة وعشرون نعشا خرجت من منازلنا تحمل احلاما وامالا ستقبر الى الأبد فمن يتحمل المسؤولية المباشرة ومن يتحمل المسؤولية غير المباشرة..

 

الحافلة على ما يبدو غير صالحة للاستعمال. تجاوز عمرها الخمسة والعشرين سنة، وحالتها مهترئة تماما حسب تصريح شهود عيان. فمن سمح لها بالجولان ومن سلمها شهادة الفحص الفني وسمح لها ان تكون مركبة الموت التي حطمت أحلام شباب في عمر الزهور وحكم على عائلاتهم بتجرع الألم والمرارة ما تبقى من أعمارهم.

 وزارة النقل كذبت في بيان لها نشرته على صفحتها الرسمية ما يتم تداوله حول نتائج تحقيق أجرته على حادث الحافلة واعتبرت أن الأبحاث لازالت جارية وسيتم تحميل كل مذنب مسؤوليته. بينما تؤكد شهادات ناجين من الحادث، أن وضعية الحافلة سيئة وكان من الأجدر على صاحب وكالة الاسفار عدم استعمالها. أحد الناجين أكد لبيزنس نيوز، ان السائق لم يكن مسرعا كما راج وان صورة مؤشر السرعة التي تم تداولها وتشير الى سرعة تجاوزت المائة لا أساس لها من الصحة حيث من المستحيل ان تتجاوز السرعة الستين نظرا لصعوبة التضاريس بمكان الحادث مضيفا ان السائق وجد صعوبة في استعمال المكابح، وهو ما ستحدده نتيجة التحقيق، وبالتالي فان أصابع الاتهام تتوجه مباشرة الى وكالة الاسفار التي تستعمل حافلة لا تستجيب لشروط الجوالان، وللوكالة الفنية للفحص الفني التي سمحت لها بالجولان في الطرقات التونسية. رغم أن عمارة المحجوبي صاحب وكالة الاسفار اكد في تصريح لإذاعة أي اف ام ، ان حالة الحافلة ليست سيئة كما يحاول البعض تمريره و قد خضعت للفحص الفني منذ مدة لا تتجاوز الشهر والنصف ولا تعاني من أي اشكال على مستوى الفرامل مضيفا ان السائق حديث العهد بالعمل مع الوكالة وان هذه الرحلة هي الأولى التي يقوم بها كما أضاف المحجوبي أن عمر الحافلة لا يتجاوز الثمانية عشر عاما  

 

 من جهة أخرى أكد وزير التجهيز ان الوزارة ستنطلق في دراسة لإنجاز جسر بتكلفة تتجاوز مائتين مليون دينار ودعا في تصريح لوات الى ضرورة الترفيع في ميزانية الوزارة نظر للحاجة الملحة للتدخل في عديد من الطرق المرسمة التي لا تسمح الميزانية الحالية بالتدخل فيها مما يدفعنا الى التساؤل عن توقيت هذه الدراسة خاصة ان نفس الطريق لها سوابق خطيرة حيث شهدت حادثا مماثلا منذ سنتين لحافلة تقل مجموعة من الشبان لم تسجل وفايات وعديد الحوادث الأخرى لسيارات خاصة مما يعني ضرورة التدخل للحفاظ على سلامة أرواح مستعملي هذا الطريق .

في نفس السياق أكد بلاغ أصدرته الوزارة أن المنطقة التي شهدت الحادثة جبلية وتعرف بتضاريسها الوعرة ومنحدراتها الخطرة.

وأضاف البلاغ أن الطريق الذي جدت بها الحادث معبدة بالخرسانة الاسفلتية ويبلغ عرضها أكثر من 7.5 متر ويصل بالمنعرجات إلى أكثر من 9 أمتار ومجهزة بعديد العلامات العمودية اللازمة لإعلام وتنبيه مستعمليها خاصة بوجود منعرجات ومنحدرات خطيرة وعلامات تحديد السرعة وعلامات تحجير المجاوزة، اضافة إلى حائط واقي من الحجارة ولمزيد حماية مستعملي الطريق تم في الأشهر الأخيرة تدعيم السلامة بزلاقات أمان على طول المنعرج مشيرة إلى أن الطريق مجهزة أيضا بالعلامات الأفقية اللازمة، لكن تكرر الحوادث على هذه الطريق يشير الى وجود خلل ما كان على وزارة التجهيز التحري فيه و إصلاحه فوجود علامات التحذير و الخرسانة الاسفلتية و عرض الطريق الذي تحدث عنه البلاغ لم يكن كافيا على ما يبدو كي يكون الطريق صالحا للاستعمال مما قد يحمل وزارة التجهيز المسؤولية نسبيا فالتعلل بغياب الإمكانيات المادية لإنجاز هذا الجسر لا يعتبر مبررا خاصة ان الوزير قد اعلن فعلا عن البدا فيه رغم ان السوابق تؤكد ان المسؤولين يسارعون للإعلان عن مشاريع تبقى مجرد حبر على الورق و لا ترى النور بمجرد حدوث كارثة من هذا النوع لامتصاص الغضب الشعبي و الحد من التوتر في المنطقة .

من جهة أخرى أكدت مصادرنا الخاصة، ان بعض المتوفيين كان بالإمكان انقاذهم لو تم التدخل على عين المكان بالسرعة اللازمة او تم تحويل المصابين الى وحدة صحية مجهزة وهو ما تفتقده ولايات الشمال الغربي حيث ان المستشفى الجهوي بباجة غير قادر على استيعاب الحالات الطارئة مما يستوجب نقلها الى أحد المستشفيات الجامعية بالعاصمة الشيء الذي يستوجب التفكير وبشدة في احداث مؤسسة صحية جامعية بأحد ولايات الشمال الغربي أو على الأقل تجهيزها بالمعدات اللازمة لاستيعاب الحالات الحرجة التي لا يمكنها الانتظار الى حين وصولها الى تونس.

 

هذه الحادثة الأليمة تحيلنا الى حادث مماثل وقع في تطاوين حيث فقد سائق حافلة متوجهة الى قصر غيلان من تطاوين وتقل 28 راكبا السيطرة على الحافلة وسقطت في منحدر مما يجعلنا نتساءل، هل حينت وزارة السياحة قائمة المسالك السياحية وهل يتم احترامها وهل حصلت الرحلة المنكوبة على ترخيص من وزارة السياحة وهل اعلمت وكالة الأسفار ديوان السياحة بهذه الرحلة وهل يتم تأمين المصابين في هذه الرحلات حيث ان العديد من المسالك السياحية غير قابلة للاستعمال و تمثلا خطرا على مستعمليها و يمنع استعمالها أو السياحة فيها دون ترخيص مسبق ومنها طريق الحال.

 

كل هذه المعطيات تؤكد ان المسؤولية حول هذا الحادث يتحملها أكثر من طرف سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة ويجب أن يتحمل كل طرف جانبه من المسؤولية بعد فتح تحقيق معمق وخاصة الحرص على اصلاح ما يمكن إصلاحه وتجاوز الأخطاء الحاصلة بدل التملص من المسؤولية والقائها على أطراف أخرى.

 

حسام بن أحمد

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter