alexametrics
الأولى

شركة فسفاط قفصة : بين ازمة الانتاج و الانتدابات العشوائية

مدّة القراءة : 3 دقيقة
شركة فسفاط قفصة : بين ازمة الانتاج و الانتدابات العشوائية

شهدت شركة فسفاط قفصة عديد الإهتزازات منذ الثورة مما أثر على المردودية الإنتاجية لهذه الشركة و سبب عديد الأزمات في قطاع إنتاج الفسفاط الذي يوفر سنويا عائدات مالية مهمة لميزانية الدولة. من أبرز أسباب ضعف المردودية الإنتاجية لشركة فسفاط قفصة هي الضغوطات الإجتماعية و الإضرابات المتكررة لأعوان و موظفي هذه الشركة. حاولت الحكومة التدخل لحل أزمة الانتاج عبر فتح المناظرات و انتداب عدد كبير من العاطلين في كل من شركة فسفاط قفصة و شركات البيئة و البستنة و يوم أمس السبت كان موعدا لفتح مناظرة جديدة لانتداب 2000 شخص، و لكن هذه الحلول لم تؤدّ إلا لتفاقم الركود الذي يعاني منه قطاع الفسفاط.


شركة فسفاط قفصة أعلنت يوم أمس عن فتح مناظرة خارجية لإنتداب 2000 عون تنفيذ من الحوض المنجي و باقي معتمديات ولاية قفصة و هي المناظرة الثانية في ظرف سنة بعد إنتداب 579 عون تنفيذ من الحوض المنجمي، قفصة، صفاقس، قابس، الصخيرة و تونس. يتزامن هذا الإعلان الأخير مع إضراب أعوان شركة فسفاط قفصة فرع المظيلة الذي إنطلق اليوم إحتجاجاً على عدم سداد أقساط التأمين و عدم صرف منحة الإنتاج لسنوات 2016، 2017 و 2018 و بالتالي ليس من الغريب الحكم على توقيت هذه المناظرة بالغير مناسب على أقل تقدير.


لا يمكن إنكار ان شركة فسفاط قفصة التي يبلغ رأس مالها المسجل 268 مليون دينار و التي مساهمتها في القيمة المضافة لقطاع الفسفاط تمثل 70% من النشاط الإقتصادي لولاية قفصة لم تسلم من ثقل القضايا الإجتماعية، لتشهد الشركة التي ساهمت بحوالي 4% من الناتج المحلي الخام و 10% من قيمة الصادرات إبان فترات الانتاج المرتفعة قبل الثورة، عدة ضغوطات إجتماعية و إقتصادية تسببت في سقوط الإنتاج و تدهور التوازنات المالية للشركة.

تؤمن شركة فسفاط قفصة صناعة الفسفاط في مرحلة الاستخراج في حين أن المجمع الكيميائي التونسي هو المسؤول عن معالجة و تحويل حوالي 80 % من الإنتاج لتحتل تونس المرتبة الخامسة بين منتجي الفسفاط في العالم حيث بلغ إنتاجها السنوي أكثر من 6 ملايين طن خلال العقدين الأخيرين ليصل إلى 8.2 مليون طن في عام 2010، مما وفر للدولة 1000 مليون دينار. ومع ذلك، بعد الثورة انخفض إنتاج الفسفاط حيث أصبحت تونس تنتج 4.5 مليون طن سنوياً مما تسبب في خسارة عديد الأسواق خاصة الهند والبرازيل.

في مواجهة تراجع الصادرات، تونس مدعوة لملء عجز يتجاوز 2 مليار دولار. إنخفض إنتاج الفسفاط بنسبة 25% في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2018 لتنتج تونس سوى 2.6 مليون طن، وقد تفاقم هذا التراجع بسبب الاضطرابات في مواقع الإنتاج والنقل عبر السكك الحديدية و كذلك بسبب الإضرابات المتكررة من قبل الأعوان والمطالبة بالانتداب في الشركة.

 

على الرغم من الصعوبات التي تعاني منها شركة فسفاط قفصة وانخفاض الإنتاج ، فقد زادت الشركة من عدد الأجراء من 4898 إلى 7036 موظفًا في عام 2014 دون احتساب 1600 وظيفة تم إنشاؤها من أجل النقل في مناطق الإنتاج و 4700 عون تم توظيفهم من قبل الشركات البيئة التابعة لـها والتي تم إنشاؤها بعد الثورة لتتالى عمليات التوظيف في محاولة لتهدئة المناخ الاجتماعي والاستجابة لمطالب الشباب في المنطقة.

شهدت مواقع الإنتاج في منطقة الحوض المنجمي عديد الاحتجاجات منذ 20 جانفي 2018 تاريخ نشر نتائج قائمة المقبولين في المناظرة و هم 1700 من بين 12000 من المرشحين، فقد قام المرفوضون في المناظرة بمنع أي نشاط إنتاجي بحجة إفتقار المناظرة إلى الشفافية في مختلف مراحلها وتبع ذلك إضراب ثانٍ بعد أقل من شهر عندما أوقف أعوان التنفيذ العمل في قفصة وتونس وصفاقس بسبب تعطل الإنتاج في الحوض المنجمي بعد الاحتجاجات الاجتماعية.

 

الحكومة لم تقف مكتوفة الايدي خلال هذه الازمة و حاولت تذليل الصعوبات و العوائق بعدما قررت إيقاف الانتدابات بشركة فسفاط قفصة و أعلنت عن تتبع كل المتظاهرين الذين عرقلوا عمدا الإنتاج و النقل و بهذا القرار تم استئناف إنتاج الفسفاط في مارس 2018 في محاولة للحد من الخسائر المتراكمة للشركة و التي تقدر ب 600 مليون دينار. ومع ذلك فإن الاضطربات لم تنته بعد ، ففي يوم 8 جوان 2018 أعلن أعوان شركة فسفاط قفصة الذين يعملون في كل من المظيلة و الرديف وأم العرايس إضرابا مفتوحا يطالبون بسداد المكافآة المالية و ليتم الغائه في اليوم الموالي عقب المفاوضات بين النقابات والإدارة.

في الأشهر الأخيرة تم تسجيل حركات إحتجاجية أخرى ففي سبتمبر 2018 أوقف المترشحون الذين اجتازوا مناظرة الدخول لشركة فسفاط قفصة الإنتاج في جميع وحدات الشركة للمطالبة بوضع التقويم على إعلان النتائج وتواريخ الفحص الطبي، وبعد شهر تم حظر النشاط في وحدات الإنتاج في كل من الرديف والمظيلة وأم العرايس حتى أن بعض المحتجين أغلقوا جميع المكاتب الإدارية للشركة في المتلوي وكذلك الإدارات الحكومية والمؤسسات التعليمية في الرديف للمطالبة بتنقيح نتائج المسابقة.

 

على الرغم من الأزمات المتتالية التي تهز قطاع الفسفاط بشكل عام و شركة فسفاط قفصة على وجه الخصوص فإن الحلول ممكنة ولكن بعيداً عن الحلول السهلة، لأنه من الضروري النظر في إنشاء حوكمة تعتمد مبدأ الشفافية والمساءلة من أجل التغلب ولو جزئياً على الوضع المتدهور في هذا القطاع.


 أحمد زرقي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter