في حضرة المختار ومفسّريه

بقلم سيماء المزوغي

أنت دون شك أيها القوقازي(ة) لا تعرف نفسك كما يعرفونها هم، ولا تعرف ماذا تريد وماذا لا تريد، كذلك لا تعرف من تكون ولماذا أتيت وأين أنت ذاهب، ولماذا أنت هنا أصلا؟ كما أنك لا تعرف مصلحتك أو صالحك، حتما لا تعرف ولا يمكنك أن تعرف، أمّا هم فيعرفون ويفقهون ويدركون وهم أدرى بمصلحتك وصلاحك.. لقد أحاطوا بكل شيء تفسيرا وتنويرا للعقول، طبعا نتحدّث عن عقول لم يلوثها الشكّ والنقد والسؤال والحفر والتفكيك والتحليل..

يعرفون عن نفسك ما لا تعرفه أنت، قيل أنهم "أهل باسم الله"، يا ذا الألطاف الخفية أحفظنا.. يعرفون كنهك وأصل كينونتك ويكتبون على جبينك أنّك صالح أو طالح، ويقدّرون رزقك تقديرا، رزقك الذي نهبوه لعقود، فوطنك غني ولكنه منهوب، لا يجب أن تنسى هذا، فالمختار يعرف ما يقول ولماذا يقول، وفي كل هذا أنت لا تعرف شيئا ولا يمكنك أن تعرف أيّ شيء.. أيتها الرعية كم أنت نكرة!!

فقط اجلس وراقب، إنهم يفكرون صباحا مساء وخارج أوقات العمل الإداري، وأنت لا تفكّر طبعا، بل بأكثر دقّة تفكيرك لا يرقى لذلك النور المقذوف قذفا في صدورهم.. نور المختار..  ذلك الذي زالت عنه الحُجُب وصار نور الإله وظلّه على هذه الأرض الجاحدة التي لا توقّر كبيرا أو صغيرا..

المعبّرون، المفسّرون، حمّال ألوية المختار الحكيم وجنده، أفتوا في كل شيء علما، من ذلك البناء القاعدي، الذي يقلب الهرم رأسا على عقب، كما فعل يوسف النبي في كهنة معبد أمون، فصار الغنّي فقيرا وصار الفقير غنيا، وتلك حكمة لا يفهمها إلا المختار الحكيم.

طبعا الخونة، ومن يتآمرون ليلا نهارا، ومن نكّلوا بأهل القوقاز وجوّعوهم وشرّدوهم وقتّلوهم ونهبوا خيراتهم وثرواتهم وملحهم وبترولهم، هم في الدرك الأسفل من الفهم ولن يذوقوا جنّة المختار التي نوعد.. وباؤوا بغضب من سيّدنا وحامينا ومن مفسّريه ومعبّريه..

عندما نتحدّث عن الخونة، لا نعلم تحديدا في أي غرفة مظلمة يقبعون، قيل أنّها في إحدى الوكالات الرخيصة وسط البلد، وقيل أيضا إنها غرفة سرّية بمثابة الشقّة المفروشة كشفها الأمن السيبراني في عملية نوعيّة وغير مسبوقة.

إنهم يعرفون كل شيء أيها القوقازي (ة) بحجّة العقل الشعبوي البلاغي الشنفري العنتري.. إنهم يفقهون كلّ شيء بحجّة الوهم الأهلي الجماهري الشعبي، ولكي نحدّد أكثر إنهم دعاة ذكاء وابتكار منقطع النظير، اكتشفوا خورزميات عجائبية ميتافيزيقية تفسّر ميكانيزمات المحليات والمجالس المحليّة أو بوّبات الجنّة.. إنهم يعرفون كل شيء وينبئوننا بمقاعدنا من جنّة المختار..

لم تجد المعنى أيها القوقازي (ة) وأنت تقرأ ما تيسّر من هذا؟  صدقت لأوّل مرّة في حياتك، فأنت لا تفكر أصلا كما قلت، وهل من معنى أصلا في كل اللا معنى واللا قيمة واللا شيء الذي تعيشه القوقاز اليوم في حضرة المختار ومفسّريه؟

إنّ أي تشابه بين حيثيات هذا النص وحال تونس يمتّ للواقع بكل ما له من صلّة، وإنّ أي تشابه في الأسماء لا يعتبر من محض الصدفة بالمرة بل هو مقصود ..