alexametrics
الأولى

قيس سعيد : حصيلة سنة من الحكم

مدّة القراءة : 6 دقيقة
قيس سعيد : حصيلة سنة من الحكم

 

اليوم الجمعة 23 أكتوبر 2020 يوم يشهد على مرور سنة كاملة منذ تولي قيس سعيد رئاسة الجمهورية ، و ذلك بعد فوزه على منافسه  نبيل القروي 72.71 بالمائة من الأصوات . و تحصل قيس سعيد على أصوات قرابة 3 ملايين تونسي وهو اول رئيس تونسي يتحصل على هذا العدد من الأصوات منذ الثورة متجاوزا بذلك عدد الأصوات التي تحصل عليها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي .

تعيين رئيس الحكومة و اول امتحان

كلف رئيس الجمهورية قيس سعيد الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة يوم 15 نوفمبر 2020 بعد اقتراحه من قبل حركة النهضة . علاقة الحبيب الجملي الذي شغل في وقت سابق منصب كاتب دولة في حكومة حمادي الجبالي وأيضا في حكومة علي العريض كانت علاقة عادية و لم تسبها أي خلافات حيث لم  يعترض رئيس الجمهورية على حكومة الكفاءات التي اقترحها الجملي .

 قيس سعيد اكد للحبيب الجملي عدم رغبته في الذهاب إلى ''حكومة الرئيس'' و هو ما يؤكد على الثقة التي يوليها الرئيس قيس سعيد لرئيس الحكومة الجملي . و بعد فشله في نيل ثقة البرلمان التونسي في جلسة عامة عقدت يوم 10 جانفي 2020 بعد حصوله على موافقة 72 نائبا فقط من جملة 217 نائب بمجلس نواب الشعب ،  تلقى دعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيد في اليوم التالي للقائه في القصر الرئاسي وهو ما يدل على طبيعة العلاقة التي كانت بينهما .

بعد اسقاط حكومة الحبيب الجملي قرر رئيس الجمهورية تعيين الياس فخفاخ لتشكيل الحكومة و ذلك حسب  الفصل 89 من الدستور الذي ينص على انه :" عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر " .

قام الياس فخفاخ بتشكيل حكومته في الآجال الدستورية على عكس الحبيب الجملي الذي طالب من رئيس الجمهورية التمديد في الاجال  وهو ما وقع في وقت لاحقا ، و نال الياس فخفاخ ثقة قيس سعيد قبل نيلها من مجلس نواب الشعب الذي صوت بالموافقة على حكومته . و حين قامت حركة النهضة بتقديم لائحة سحب من الياس فخفاخ بعد اتهامه بتضارب المصالح طلب قيس سعيد من الياس فخفاخ تقديم استقالته لقطع الطريق على حركة النهضة . ضغط قيس سعيد على الياس فخفاخ لتقديم استقالته لا تدل على توتر العلاقة بينهما الا انها تدل على عدم ثقة رئيس الجمهورية بحركة النهضة و تمسكه بتعيين رئيس الحكومة .

هشام المشيشي و القطيعة السياسية

يوم 25 جويلية 2020 عين رئيس الجمهورية قيس سعيد وزير الداخلية في حكومة الفخفاخ المستقيلة هشام المشيشي في منصب رئيس الحكومة ، و اعلن المشيشي يوم 10 اوت 2020 عن تشكيله لحكومة كفاءات مستقلة و هو امر استحسنه رئيس الجمهورية الذي لم تكن علاقته بالأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان جيدة .

الا انه و في الساعات الأخيرة من اعلان المشيشي عن حكومته تغيرت المعطيات السياسية و حين الإعلان عن تركيبته الحكومية أشار  المشيشي الى إمكانية تحوير وزاري بعد نيله ثقة البرلمان وهو موقف ضمن له دعما برلمانيا خاصة من خلال أصوات نواب حركة النهضة و حزب قلب تونس ، و خسر به دعم الرئيس قيس سعيد .

بعد التقارب الذي وقع بين هشام المشيشي و كل من حركة النهضة و حزب قلب تونس و التعيينات التي قام بها رئيس الحكومة دون الرجوع الى رئيس الجمهورية حاول رئيس الجمهورية قيس سعيد اقناع الأحزاب السياسية بإسقاط حكومة المشيشي و  اقترح على حركة النهضة و على حزب قلب تونس  مواصلة حكومة تصريف الأعمال لمهامها دون رئيس الحكومة المستقيل الياس فخفاخ ، الا ان المشيشي تمكن من الحصول على ثقة البرلمان بأغلبية 134 نائبا من أصل 217

لم يتردد قيس سعيد في التعبير عن غضبه من هشام  المشيشي و قام خلال استضافته في القصر الرئاسي يوم الأربعاء 23 سبتمبر 2020 بتوبيخه :" ”من بين الذين تم تعيينهم مجرمون وبلا ضمير، وإن هؤلاء ليس لهم اي ضمير، عبثوا بالدولة ويريدون العودة اليوم، ويتسللون باسم الخبرة، ولا خبرة لهم إلا في السطو والسرقة والتحيل.. ليتأكدوا أن العقاب آت” .

اثار الموقف الذي ابداه رئيس الجمهورية موجة من الغضب فهو يعتبر تدخلا في صلاحيات رئيس الحكومة و ان دل هذا التصريح على شيء فهو يدل على بداية القطيعة بين رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة ، و لعل ابرز مثال على هذه القطيعة هو استقبال رئيس الجمهورية يوم الخميس 27 أوت 2020 بقصر قرطاج وليد الزيدي المرشح لتولي حقيبة وزارة الشؤون الثقافية رغم اعلان المشيشي اعفاءه في نفس اليوم  .

السياسية الخارجية

منذ الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية تعهد رئيس الجمهورية قيس سعيد بالعمل على بناء علاقات جيدة مع جميع الأمم "سنعمل من أجل القضايا العادلة؛ وأولها القضية الفلسطينية، وسنبني علاقات جديدة مع الأمم والشعوب كلها" .

او منذ توليه رئاسة الجمهورية قام قيس سعيد بأربعة زيارات إلى الخارج، الأولى كانت إلى مسقط للمشاركة في مراسم العزاء بعد وفاة السلطان قابوس، الزيارة الثانية كانت زيارة رسمية الى الجزائر يوم 2 فيفري 2020 بدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، الزيارة الثالثة كانت زيارة عمل الى باريس يوم 22 جوان 2020 دامت 24 ساعة التقى خلالها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، و الزيارة الرابعة كانت الى الكويت يوم 1 أكتوبر 2020  لتقديم واجب العزاء في وفاة أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح . من جهة أخرى استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد اول زيارة رسمية من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم 25 ديسمبر 2020 ثم استقبل يوم 24 جانفي 2020  أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في زيارة رسمية اداها الأمير القطري و بحسب رئاسة الجمهورية تمحور اللقاء التونسي القطري حول العلاقات التي تجمع البلدين :"المباحثات تطرقت بالخصوص إلى علاقات الأخوة والتعاون التي تجمع البلدين وآفاق دعمها وتطويرها، إضافة إلى تبادل الرأي حول المسائل ذات الاهتمام المشترك عربياً ودولياً". و في الوقت الذي مرت فيه زيارة الأمير القطري مرور الكرام اثارت زيارة الرئيس التركي رجب اردوغان حفيظة التونسيين حيث لم يتم الإعلان الرسمي بهذه الزيارة و كانت زيارة "مفاجأة" بامتياز .

زيارة اردوغان لتونس جاءت بعد اعلان تركيا امكانية إعداد مسودة قانون تتيح إرسال قوات إلى ليبيا دعما لحكومة طرابلس المعترف بها دوليا و اعتبرها البعض ان الهدف من هذه الزيارة هو التأثير على الموقف التونسي في خصوص الازمة الليبية

مواقف رئيس الجمهورية في خصوص القضايا الدولية  اتسمت بالحياد في مجملها ففي علاقة بالملف الليبي تمسك قيس سعيد بالحل "الليبي الليبي " رافضا التدخل الأجنبي وهو ما أكده خلال زيارته الرسمية الى فرنسا في جوان الماضي .

في علاقة بالقضية الفلسطينية كان و لا زال موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد ثابتا فمنذ توليه رئاسة الجمهورية لم يتردد قيس سعيد في التعبير عن دعمه للقضية الفلسطينية ، و بعد أسبوع من اعلان الامارات التطبيع مع إسرائيل استقبل رئيس الجمهورية السفير الفلسطيني هايل الفاهوم في القصر الرئاسي يوم 19 اوت 2020 ، خلال هذا اللقاء اكد سعيد دعم تونس للشعب الفلسطيني :" الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفها الأهواء والمصالح، الحق الفلسطيني لن يضيع مادام هنالك أحرار" .

كانت مشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد في اجتماع مجلس الامن يوم الخميس 24 سبتمبر 2020  مشاركة متميزة و افضت الى اعتماد مجلس الامن للقرار عدد 2532 و هو المقترح الذي تقدمت به تونس و الذي ينص على الوقف العام والفوري للأعمال القتالية والنزاعات ، اعتماد المقترح التونسي يعد إنجازا للديبلوماسية التونسية .

 

في فيفري 2020 قام رئيس الجمهورية قيس سعيد بإعفاء مندوبها لدى الأمم المتحدة، المنصف البعتي بعد ارتكابه "خطأ جسيما"  حسب ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية التي اكدت ان " الخطأ تمثل في توزيع وثيقة ستُعتمد لبلورة مشروع قرار أممي لإدانة الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط بدون التشاور مع السلطات الرسمية" و وصفت رئاسة الجمهورية المنصف  البعتي :" بضعف الأداء وغياب التنسيق " في هذا الخصوص عبرت بعض  الجمعيات عن استياء ازا هذا القرار على غرار الجمعية التونسية للأمم المتحدة التي اعتبرت ان :" تبرير الإنهاء غير المسبوق لمهام السفير في بيان صحفي رسمي، ونشر مبررات من شأنها إلحاق الإساءة إلى ما وراء السفير نفسه والمعروف بكفاءته وخصاله الوطنية، بما يشكّل قدحًا صريحًا لأعلى المسؤولين في الدولة الذين عينوه" .

بعد مرور اشهر على اقالة المنصف البعتي اقال رئيس الجمهورية قيس سعيد سفير تونس في الأمم المتحدة، قيس القبطني هذا القرار اثار جدلا واسعا في تونس و ردا على هذا الجدل اكدت رئاسة الجمهورية في بلاغ نشرته يوم 10 سبتمبر 2020 ان :"مسألة نقلة المندوب الدائم لتونس بنيويورك تمّت في إطار تقييم شامل ومعمق أجرته الإدارة المركزية على مستوى إدارة الموارد البشرية والتصرف الإداري والمالي وتقييم المردود المهني للمعني ومدى إلتزامه بالأهداف الدبلوماسية المرسومة للبعثة " و ردا على قرار الإقالة قرر القبطني الذي علم بقرار اقالته عبر موقع الفايسبوك  الاستقالة من السلك الديبلوماسي :" "قرّرت الاستقالة من السلك الدبلوماسي التونسي، إنها مسألة شرف ومبدأ" .

 

نجح قيس سعيد في الحصول على ثقة و أصوات التونسيين خلال الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2020 ، الا انه لم ينجح في الحصول على ثقة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان  و لم يتمكن من تشكيل حزام سياسي داعم له . و تعمد سعيد في خطاباته ارسال رسائل مشفرة للسياسيين و اتهام  أطرافا داخلية بالتواطؤ مع جهات خارجية :"للعودة بتونس الى الوراء" و يعول رئيس الجمهورية على الدعم الشعبي للتصدي للأحزاب السياسية المعارضة له ، الا انه و ان نجح في امتحان السنة الأولى سيكون من الصعب على رئيس الجمهورية مواصلة الحكم في ظل قطيعة سياسية و برلمانية و سيجد سعيد نفسه امام خيارين اما الخضوع لإرادة الترويكا البرلمانية الجديدة المتكونة من حركة النهضة ، حزب قلب تونس و ائتلاف الكرامة  او المواجهة و حل البرلمان في اطار صلاحياته المنصوص عليها في الفصل 77 من الدستور .

رباب علوي

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter