alexametrics
الأولى

كشفتها أزمة كوفيد 19: خلافات شديدة بين السلطة المركزية و البلديات تنضاف الى أزمة الرئاسات الثلاث

مدّة القراءة : 4 دقيقة
كشفتها أزمة كوفيد 19:
خلافات شديدة بين السلطة المركزية و البلديات تنضاف الى أزمة الرئاسات الثلاث

دعت رئاسة الحكومة في بلاغ لها يوم الأربعاء 25 مارس 2020 الوزراء وكتاب الدولة والولاة ورؤساء البلديات إلى التقيد بعدم اتخاذ تدابير خارج إطار القرارات التي يتم الإعلان عنها من قبل الحكومة، ودعت إلى ضرورة مراجعة سلطة الإشراف وجوبا وبصفة مسبقة في صورة ما اقتضت الضرورة اتخاذ إجراءات أخرى من قبل المسؤولين في هذا الموضوع في إطار الوقاية من تفشي فيروس كورونا.

و فسرت رئاسة الحكومة في البيان الصادر عنها دعوتها للتنسيق بما لاحظته من مبادرة البعض من السادة المسؤولين لاتخاذ تدابير وإجراءات دون التشاور المسبق مع سلطة الإشراف.

بلاغ رئاسة الحكومة يخفي بين طياته خلافا حاصلا بين السلطة المركزية والسلطة الجهوية والمحلية يضاف إلى سلسلة الخلافات الحاصلة أساسا وكشفتها أزمة الفيروس التي وصفها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بالحرب، حرب الكورونا عمقت حرب تنازع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاثة التي ظهرت إلى السطح بوادرها مع بداية المعركة مع الفيروس حيث طلب رئيس الحكومة الياس الفخفاخ من مجلس نواب الشعب منحه تفويضاً لإصدار مراسيم وقرارات دون الرجوع إلى المجلس بسبب الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد مع تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا.

واستند  الفخفاخ في طلبه على الفصل 70 من الدستور التونسي الذي ينص في الفقرة الثانية منه على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض معين إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرَض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس

طلب الفخفاخ أثار موجة من ردود الفعل المتباينة بين موافق و بين رافض، و استند الرافضون في موقفهم على الخوف من عودة الديكتاتورية و جمع السلط في يد واحدة حتى وإن تعلق الموضوع بفترة محدودة لا تتجاوز الشهرين و بهدف مصيري يتعلق بمجابهة فيروس الكورونا.

رئيس الجمهورية نفسه  فعل الفصل 80 من الدستور دون ذكر ذلك في كلمته أو في بيان رسمي أو في الصفحة الرئيسية لرئاسة الجمهورية على الفايسبوك كما جرت به العادة،  حيث كشف العدد الأخير من الرائد الرسمي الصادر بتاريخ 20 مارس 2020 ، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أعلن عن حظر الجولان يوم 18 مارس استنادا الى الفصل 80 من الدستور الذي ينص على أن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب».

أما النائب عن حزب «تحيا تونس» هشام بن أحمد، فقد اقترح عقد جلسات عن بعد لمجلس نواب الشعب من خلال التواصل الالكتروني  لمناقشة قرارات الحكومة، في حين اقترح النائب عن حزب مشروع تونس و كتلة الإصلاح الوطني حسونة الناصفي إجراء تحاليل للنواب و حين تثبت سلامتها يكون على النواب البقاء بالمجلس و العمل دون توقف لما فيه فائدة تونس.

 

خلاف طرفي السلطة المركزية المتمثلة في رئاستي الحكومة والجمهورية  مع السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس نواب الشعب الذي فجرته أزمة كورونا كان مجردة وجه واحد من العملة حيث كان الوجه الثاني هو خلاف رئاسة الحكومة و رئاسة الجمهورية مع السلطة المحلية الممثلة أساسا في البلديات التي حاولت الاجتهاد كل حسب إمكانيته المادية و الذهنية باتخاذ قرارات تتعلق أساسا بقرارات حول  السلامة العامة في مرجعها الترابي و هو ما رفضه رئيس الجمهورية  خلال اجتماع مجلس الأمن القومي حيث نبه إلى ضرورة التزام السلط المحلية بقرارات السلطة المركزية والرجوع إليها في مختلف القرارات التي تتخذها و كذلك رئاسة الحكومة التي دعت في بيانها أعلاه إلى احترام دورها الإشرافي و الرجوع إليها في كل القرارات الجهوية و المحلية و عدم الاجتهاد في تراتيب السلامة.

مصدر الخلاف بين البلديات أساسا و رئاسة الحكومة هو ارتكاز رؤساء البلديات على القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية في فصله14  الذي ينص على الشخصية القانونية المستقلة التي تتمتع بها الجماعات المحلية حيث لا يحق للسلطة المركزية بالتدخل في إدارة شأنها إلا في حالات مخصوصة يضبطها القانون حيث نص الفصل على تفرّد كل جماعة محلية بما يرجع لها من الصلاحيات الذاتية مع مراعاة الحالات الخاصة المنصوص عليها بهذا القانون.

أول علامات الخلاف و التصادم بين البلديات و السلطة المركزية بمختلف تجلياتها كان قرار بلدية حمام الشط برفض مقترح وزارة الصحة بتخصيص نزل بالجهة لجعله مقرا للحجر الصحي و تهديدها بالاحتجاج أمام مقر ولاية بن عروس و مراسلتها وزيري الصحة و الداخلية و والي الجهة لإعلامهم برفض المقترح و عدم التفكير فيه أصلا أو تقديم استقالة جماعية للمجلس البلدي.

ما اعتبرته رئاسة الحكومة اجتهادا في تطبيق القرارات هو ما حدث في ولاتي سوسة و زغوان و في ولاية القصرين ، حيث كان قرار رئاسة الحكومة ينص على إغلاق جميع المقاهي والمطاعم و المطاعم السياحية على الساعة الرابعة بعد الزوال في حين عمد رئيس بلدية  أريانة إلى إلغاء الجلوس على الكراسي لتجنب اكتظاظ المقاهي، ليقتصر عملها على بيع المستهلكين القهوة دون تمكينهم من الجلوس في حين عمد رئيس بلدية سوسة إلى إغلاق كل المقاهي و المطاعم بالجهة رغم رفض السلطة الجهوية قبل إعلان رئيس الحكومة عن قرار الحجر الصحي العام و إغلاق المطاعم و المقاهي بأسبوع كامل بمجرد حدوث إصابتين بالفيروس

بلدية تونس قررت منع الأسواق من الانتصاب و قررت غلق حديقة الحيوانات بالبلفيدير و إغلاق جملة من الفضاءات العمومية و الترفيهية والثقافية وغلق قاعات الألعاب قبل قرار رئاسة الحكومة في عملية استباقية واجتهاد خاص من المجلس البلدي الذي قدر أن الوضع يتطلب اتخاذ تلك الإجراءات.

والي زغوان محمد صالح المطيراوي الغي قرارا اتخذه رئيس البلدية طارق الزوقاري بتعليق نشاط المؤسسات الصناعية الموجودة بالمنطقة الصناعية لزغوان  لمدة 15 يوما، وهو ما رفضه  الإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بزغوان، الذي أصدر بيانا عبّر فيه عن رفضه لقرار رئيس البلدية  لتداعياته الخطيرة وانعكاساته السلبية على الاقتصاد و مواطن الشغل في المنطقة و رفض المشاركة في جلسة بالبلدية للغرض حسب ما أكده لنا مصدر مطلع و هوا ما رأى فيه الوالي اجتهادا غير موفق و ألغاه.

كما حدث خلاف بين بلدية أكودة و وزارة الصحة حين قررت وزارة الصحة تخصيص نزل بالجهة لإيواء المعنيين بالحجر الصحي العام و تطور إلى خلاف بين المواطنين الداعمين لموقف البلدية و الأمن.

أكثر من حادثة قد لا يتسع المجال هنا إلى تعدادها لكنها تثبت الخلاف الموجود بعنف بين السلطة التنفيذية برأسيها و بين البلديات التي تعتبر نفسها حجرة التصرف في مرجع نظرها بقوة القانون و لا حق للسلطة المركزية و لا حتى الجهوية بالتدخل في شؤونها و هو ما يجب مراجعته بعد مرور أزمة الكوفيد 19 و ما ستخلفه من رواسب على الاقتصاد و على التنمية الجهوية و خصوصا بعد تصريح وزير التجهيز اليوم حيث أكد أن تبعات فيروس كوفيد 19 قد تجبر الدولة على تأجيل انجاز 4 ألاف مشروع بقيمة 6300 مليون دينار منها 21 مشروعا وطنيا يتعلق بقطاع البناء و الأشغال العامة الراجعة بالنظر لمصالح وزارة التجهيز و 250 مشروعا  توقف العمل عليها  تتعلق  بالطرقات والمسالك.

حسام بن أحمد


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter