alexametrics
الأولى

ماذا أعدّت تونس لرئاسة مجلس الأمن الدولي؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
ماذا أعدّت تونس لرئاسة مجلس الأمن الدولي؟

 ريبة وتقلبّات في منصب وزير الخارجية، عقوبة تأديبية من الاتحاد الأفريقي لتونس لعدم دفع مساهمتها في موازنة المنظمة بعنوان 2020، زيارة غير مفهومة لقطر لم يعقبها أي ايضاحات من قرطاج، هنّاتُ السياسة الخارجية التونسية في ظل رئاسة قيس سعيد تتراكم بشكل غير مسبوق، فالدبلوماسية التونسية لا تعرف إلى أين تتجه. من المنتظر أن تترأس تونس مجلس الأمن -التي أصبحت عضوا غير قارّ به- في جانفي 2021، وهذه الرئاسة المرتقبة تخاطر بأن تكون حلقة أخرى في مسلسل السياسية الخارجية غير المُوفقة.

 

عشرون سنة، منذ اخر مرّة تمكنت فيها تونس من رئاسة مجلس الأمن الدولي. بالنسبة للدول الذين ليسوا أعضاء دائمين في المجلس، فإن الرئاسة الدورية وفق ترتيب أبجدي تُمنح إلى كل دولة لمدة شهر. هي اجتماع دبلوماسي بالغ الأهمية للدفاع عن القضايا وتعزيز الحضور الدولي للبلد المعني، الذي سيكون في دائرة الضوء لمدة شهر.
ومع ذلك، لا يبدو أن هذا الأمر يستدعي انتباه السلطات المسؤولة عن السياسة الخارجية التونسية. عانى الوفد التونسي في نيويورك، مقر منظمة الأمم المتحدة، من اضطراب عميق مع إعفاء منصف البعتي المعين في سبتمبر 2019 والمُقال في فيفري 2020، وقيس قبطني المعين في مارس 2020 والمُقال في سبتمبر 2020. اليوم يرؤس طارق الأديب الوفد الدائم الممثل لتونس لدى الأمم المتحدة. لم تسمح هذه العقبات، بالتحضير الأمثل لرئاسة مجلس الأمن أو حتى استغلال فرصة عضوية المجلس (لسنتي 2020 و 2021) على نحو أمثل، وأكثر نجاعة.
أسوأ جزء في كل هذا، أنه يوجد تجاهل واضح من جانب تونس وخاصة قرطاج لأهمية مثل هذه الاجتماعات الدولية. وبالفعل ، يصادف شهر جانفي 2021 عدة تواريخ مهمة ورمزية، إذا كنا نأمل في الاستفادة من هذا الملتقى الدولي لصالح تونس. أولا، الذكرى العاشرة للثورة التونسية، بيد أنّ "الياسمين قد ذبـل" ، لكن تظل الحقيقة أن هذا حدث مهم لتونس جلب لها لوهلة موجة من الاعجاب و التعاطف العالميين. لا يزال بإمكاننا استغلال تلك الرمزية، والاحتفال بذكرى عقد من الثورة في "حفل" الأمم.


يتزامن جانفي 2021 كذلك مع الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر على البرج العالمي للتجارة بالولايات المتحدة، في نيويورك. قد يبدو هذا أمرًا عاديًا بالنسبة لشخص غير مبتدئ في الشؤون الدبلوماسية ، ولكن كبلد سيكون على رأس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، يجب أن يؤخذ هذا بعين الاعتبار لأن هذه الذكرى ستكون فرصة يجب اغتنامها من أجل المصلحة الأمنية تونس من حيث التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وعلى نفس المنوال، تحتفل الأمم المتحدة بالذكرى العشرين للقرار 1373 لـ 28 سبتمبر 2001 المتعلق بالالزام الدولي لمكافحة الأنشطة الارهابية . لا يزال هناك مجال محتمل للتعاون وتعزيز القدرات التونسية لمكافحة الإرهاب، تُوازيها حاجة ملحة إلى التجهيز لهذه الفرصة وممارسة التأثير والدعاية اللازمين لحسن استغلال هذا المنبر الدولي.


اضافة لذلك فجانفي2021 هو شهر الانتقال بين إدارتين أمريكيتين اثر الانتخابات الرئاسية، بين دونالد ترامب وجو بايدن. حدث في غاية الأهمية بالنسبة لتونس، التي تحافظ على علاقات تاريخية مع القوة الرائدة في العالم. يمكن أن تكون رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضًا فرصة لتعزيز هذه العلاقات، ومرة أخرى، لمحاولة استغلال اللحظة لمصالح تونس. لقد حان الوقت أيضًا للتفكير في العلاقة المحتملة مع جو بايدن، الرئيس الديمقراطي الجديد، وكيفية تعامل مكتبه مع قضية تونس.

من أجل معالجة هذه المسائل المختلفة بشكل أمثل نحتاج أولاً إلى الوعي، ثم الموارد. في الوقت الحالي ، ترى تونس رئاستها لمجلس الأمن على أنها مناسبة فخرية ، لا أكثر. وربما سيسافر رئيس الجمهورية، قيس سعيد، لإلقاء خطاب على منصة الأمم المتحدة. لكن على أرض الواقع لم يتم القيام بأي شيء للتحضير لهذا الاجتماع الدولي الحاسم. فقط في 17 نوفمبر 2020 استقبل وزير الشؤون الثقافية بالنيابة الحبيب عمار، الوزيرة السابقة سنية مبارك في اجتماع حول مقترحات تنظيم "حدث ثقافي" في نيويورك..


في نقطة أخرى، فيما يتعلق بالموارد التي تمت تعبئتها لهذه الرئاسة المرتقبة، فلا أثر لها في ميزانية قرطاج ووزارة الخارجية. بالأمس، 18 نوفمبر 2020 و أمام لجنة المالية في البرلمان، عبر وزير الخارجية عن عدم رضاه عن الميزانية المخصصة لوزارته: 87 مليون دينار، (حوالي 26 مليون اورو) وهذا يدل على تراجع درجة الأهمية التي تحظى بها هذه الوزارة، والتي من المفترض أن تضمن التمثيل الجيد لتونس في جميع أنحاء العالم. من ناحية أخرى ، فإن الوفد الممثل لتونس في الأمم المتحدة يتكون من أقل من عشرة أشخاص . . كيف يمكننا القيام بالعمل المطلوب لضمان حسن رئاسة مجلس الأمن بفريق مصغر من 7 أو 8 أشخاص فقط في التمثيل الدائم؟ لماذا لم يتم وضع خطط لتعزيز الفريق ولو بشكل مؤقت، للاستعداد لهذا الموعد النهائي المُنتظر؟ أسئلة تُواجه بالغموض، والصمت.


سيقول المتشائمون أنه لا يوجد سبب يجعل مسألة العلاقات الخارجية استثناء من الاضطراب الحاصل في بقية المجالات في تونس فغالبا ماتكون الخطة أن نترك الريح والصدف تحملنا مدفوعين ، لا ندري الى أين.. إلا أن تلك العشوائية إهدار كبير لفرصة لا تأتي إلا كل عشرين سنة. الأمر متعلق بوضع حد لتهميش الدبلوماسية التونسية وعدم وضعها في المرتبة الثالثة أو الرابعة على سلم الاولويات، لأنها كانت دائمًا أحد أعمدة تونس الحديثة. الان، يتم التعامل مع رئاسة مجلس الأمن والعديد من الأحداث الدولية الأخرى بلامبالاة غريبة، وهذا هو ثمن اللاوعي وقلة الخبرة!

مروان عاشوري- ترجمة عن النصّ الفرنسي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter