alexametrics
الأولى

نادية عكاشة - إستقالة أم إقالة !

مدّة القراءة : 4 دقيقة
نادية عكاشة - إستقالة أم إقالة !

ماذا يحدُث في تونس ؟ ماذا يجري في بلادنا التي بِتنا لا نعرف شيئا عن مآلها وعن مستقبلها على كلّ الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والصحية والسياسية والثقافية والتكنولوجية …. إلخ ، بين الحين والآخر نتفاجأ بقرارات مُسقطة وبإقالات واستقالات وإعفاءات  من قصر قرطاج ولا يُمكننا أن نعلم أسبابها ولا حتى خلفياتها أو حتى من يقف وراءها أو حتى تداعياتها على تونس وشعبها. 


اليوم الإثنين 24 جانفي 2022، يتفاجأ الشعب التونسي بصدور إستقالة من الوزن الثقيل، إستقالة مديرة ديوان رئيس الجمهورية نادية عكاشة من منصبها. إستقالة أعلنتها نادية عكاشة في تدوينة نشرتها على صفحتها الرسمية بالفيسبوك ، إذ أكّدت أنّها قدّمت هذه الإستقالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد وبرّرت عكاشة أسباب إستقالتها بوجود '' اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة العليا للوطن''. 


اكتفت نادية عكاشة بذكر وجود '' اختلافات جوهرية في وجهات النظر'' دفعتها لتقديم إستقالتها


عن أيّ اختلافات تتحدّث عكاشة ؟ ومع من هذه الإختلافات ؟ وهل لهذه الإختلافات تداعيات خطيرة على مصلحة البلاد وأمنها القومي؟ وما هي المصلحة العليا للوطن ؟ وهل هذه المصلحة العليا للوطن التي تراها نادية عكاشة ليست هي نفسُها التي يراها الرئيس سعيد؟ 


أسئلة لا يُمكن لأيّ مواطن تونسي أن يجد لها أجوبة في ظلّ سياسة اتصالية منعدمة يتّسم بها قصر قرطاج. 

هذا الشّح والتعتيم في المعلومات من قصر قرطاج منذ تولي قيس سعيد الرئاسة جعل من رئاسة الجمهورية صندوقا أسودا يعجّ بالأجوبة المخفية والتي هي من حقّ الشعب التونسي أن يعلمها ، هذا التعتيم فتح الباب أيضا لنشر الإشاعات والتأويلات والسماح لكلّ الأطراف داخل تونس وخارجها بنشر أجوبة مُحتملة وغير مؤكّدة تُعلّل استقالة نادية عكاشة. 


تحوّل الفضاء الأزرق ، الفيسبوك ، فور صدور إستقالة نادية عكاشة على صفحتها الرسمية ، إلى منصات حُكم عن أسباب إستقالتها. البعض اعتبر أنّ الأسباب تعود إلى مزاعم '' الجرائم '' التي ارتكبتها عكاشة منذ توليها لمنصبها على غرار نشرها لتسريبات ووثائق خاصّة بالدولة. البعض الآخر رحّب بهذه الإستقالة بكلّ فرح على غرار الإسلاميّين ومنهم ممثلي ائتلاف الكرامة ، إذ دعا عبد اللطيف العلوي  إلى محاكمة نادية عكاشة.


النائب عن تحيا تونس وليد جلاد اعتبر أنّ '' حُكم العائلة '' انتصر ودوّن قائلا ''مرّة أخرى تنتصر العائلة على الإدارة''. وفسّر نشطاء ومحلّلون سياسيون أنّ عائلة الرئيس قيس سعيد هم أنصاره المحيطون به على غرار  توفيق شرف الدين والذي اعتبره الكثيرون السبب الأوّل وراء استقالة نادية عكاشة جرّاء قربه الواضح من الرئيس سعيد.  ودوّن العديد من روّاد الرأي العام أنّ قصر قرطاج به شقّين ، شق تابع لنادية عكاشة وشقّ آخر يعود لوزير الداخلية توفيق شرف الدين، وهذا الشق يضمّ الأشخاص المناصرين للرئيس قيس سعيد وهم الذين ساندوه في حملته الإنتخابية وأغلبهم تمّ تعيّينهم في مناصب عُليا في البلاد على غرار توفيق شرف الدين ووالي بن عروس ووالي بنزرت. 


ولم يفُت الإسلاميّين التابعين لحركة النهضة ولإتلاف الكرامة أن يؤكّدوا أنّ نادية عكاشة استقالت بعد الزيارة السرية التي قام بها قيس سعيد إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم السبت الفارط 22 جانفي الجاري وذلك وفقا لما نشره رفيق عبد السلام اليوم الإثنين. ونوّه البعض منهم أنّ نادية عكاشة بعد استقالتها تُحاول الفرار من تونس ودعوا إلى محاسبتها قبل أن تُغادر تونس. 


كما أشارت أطراف أخرى إلى أنّ هذه الإستقالة الغير منتظرة ستتبعُها  تغيّيرات قادمة ستشمل بعض المستشارين بقصر قرطاج  ومن الممكن أيضا أن تشمل  أعضاء من حكومة نجلاء بودن. 


وتظلّ إستقالة نادية عكاشة مثيرة للجدل ومُحيّرة في إنتظار أن تخرج  عن صمتها وتحفّظها قريبا وتوضّح للتونسيّين أسباب إستقالتها. ولكن اللافت للنظر في نصّ إستقالتها أنّ هناك صراعات بينها وبين الرئيس قيس سعيد ذلك أنّ استقالتها لم تكن مثل بقية الإستقالات الرسمية من مناصب السيادة ، إذ أنّها لم تشكر رئيس الجمهورية ، وأعلنت المغادرة فقط والإستقالة غالبا تتضمن شكر للرئيس وتوجب واجب التحفظ. 


ما يعلمُه الجميع أنّ نادية عكاشة ليست بالشخص العادي أو الطرف الضعيف بقصر قرطاج، على العكس هي  كانت من أبرز الشخصيات المقربة للرئيس سعيد وكانت حاضرة في كلّ الإجتماعات بقصر قرطاج وكانت حاضرة أيضا في كلّ المناسبات الرسمية وكانت ذات نفوذ وقرارات وامتيازات عُليا وما يُعرف عنها أنها صانع أساسي للسياسة والقرارات والتوجهات خلال العامين الماضيين وهذا يعود للإمتيازات التي منحها لها الرئيس قيس سعيد منذ تعيّينها في جانفي 2020.


نزيف الإحتمالات والتأويلات المتعلّقة بإستقالة نادية عكاشة لن يتوقّف إلاّ إذا توجّه الرئيس قيس سعيد لشعبه وأفصح له عن كلّ ما يدور في قصر قرطاج من حرب باردة ستأتي يتداعيات خطيرة على تونس وشعبها. 


قصر قرطاج، هذا القصر المغلق عن المعلومة، المحاط بالكِتمان؟ هل استقالت كبيرة المستشارين ورئيسة ديوان الرئيس أم أقالها ؟  ما طبيعة هذه " الاختلافات الجوهرية " التي تحدّثت عنها نادية عكاشة في تدوينتها المقتضبة التي تعلن فيها عن تنحّيها؟ هل من صراعات معلنة وأخرى خفية وهل من أطراف متصارعة لا تستكين إلا باستقالة أحدهم؟ كيف لنادية عكاشة التي تظهر دائما في كل محافل الرئيس جنبا لجنب أن تغادر القصر دون تفاصيل؟ عديدة هي الأسئلة التي تضيف ضبابية جديدة على ضبابية ما يحصل في بلادنا…


هل بدأت سفينة الرئيس قيس سعيد تغرق؟

يسرى رياحي


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter