alexametrics
أفكار

نحن والإرهاب

مدّة القراءة : 3 دقيقة
نحن والإرهاب
 
 
نحن والإرهاب
 
دون الرجوع لأصل المصطلح وتاريخيته أصبح" الإرهاب" رديفا لكل عمل عنيف مسلح ينسب للحركات الاسلامية. فإذا قيل عملية إرهابية تقفز إلى الذهن مباشرة أن الفاعل ينتسب حكما لحركة أو فصيل إسلامي.
لذلك أصبح الإرهاب إختصاص للحركات الاسلامية على كثرة عددها وتنوعها.
والتفريق بين حركات الإسلام السياسي بين متشدد ومعتدل أو تكفيري وغير تكفيري لا يستند إلى تمايز فكري أو مذهبي بل هو تقسيم متعمد بين دفع تهمة الإرهاب أو تبنيها لأن القاعدة الفكرية للارهاب بمفهومه الحالي هي واحدة بين كل حركات الإسلام السياسي على اختلافاتها الظاهرية.
 
الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب فهم معنى مصطلح " الإسلام السياسي " المولود في أواسط القرن العشربن والذي أصبح يعني الوصول إلى السلطة من خلال عباءة الدين " الإسلام " .
ولتفكيك المصطلح كما هو منطوق وكما اصطلح على دلالته نطرح سؤالا آخر ، هل هناك " إسلام" سياسي ؟
لأن طرح هذا السؤال يعطينا الحق في أسئلة أخرى. هل هناك" اجتماعي " ؟ أو إسلام " اقتصادي" أو إسلام"قومي" أو إسلام"أبيض " وإسلام"ملون ؟ هل هناك إسلام "عربي " وإسلام " غير عربي" ؟ إلى ما لا نهاية من المضامين التي يمكن أن نلحقها بلفظ الاسلام لأن ارتباط الإسلام بالسياسة لا يمنع من ارتباط الإسلام بغيره من مناحي الحياة.
لكن هذا المصطلح أصبح " وقفا " على تصنيف للحركات الاسلامية التي تستعمل الإسلام في صراعها السياسي للوصول إلى السلطة.
 
 
لكن ما هي هذه السلطة التي تريد هذه الحركات الوصول إليها ؟ هل هناك مشروع واحد للسلطة أم مشاريع متعددة تميز حركات الإسلام السياسي بعضها عن بعض ؟
 
بطريقة أخرى تعتمد هذه الحركات على الفقه كمرجع لكل تصرفاتها وحركتها، فهل وجد في التاريخ فقه سياسي تستمد منه هذه الحركات شرعية برامجها حتى نتمكن من تحسس ومعرفة شكل النظام السياسي الذي تدعو لاقامته هذه الحركات وتحشد له الناس ؟
ما يعرفه كل أهل الأرض أن الشكل السياسي للتنظم في التاريخ الاسلامي كان مؤسسة" الخلافة" التي تمازج بين الملكية المطلقة داخل حدود بلد وبين الامبراطورية التي تغطي شعوبا وجغرافيا متعددة. وآخر هذه الخلافات كانت الخلافة العثمانية التي تسمى أيضا الامبراطورية العثمانية. فهل يمكن أن تشكل" الخلافة " مشروع خلاص الشعوب العربية والاسلامية لتنظيم المجتمعات ونموذجا للنظام السياسي للإسلام السياسي في الألفية الثالثة؟
 
 
 
هل يمكن مثلا مقاربة الخلافة بالدولة كأرقى شكل من أشكال التنظم السياسي الذي يقوم على الخصوصية والسيادة والاستقلال والذي تعتمده كل شعوب الأرض ؟
 
إذا القاسم المشترك والهدف الواحد لكل حركات الإسلام السياسي بكل انواعها هو اقامة الخلافة والحكم بما انزل الله.
 
وفي هذا لا تختلف حركة اسلامية عن أخرى.
 
 
فما هو الفرق حول هذا الهدف بين الاخوان وبين القاعدة ؟ وما هو الفرق بين النهضة وبين جبهة النصرة ؟ وما هو الفرق بين حزب التحرير وبين انصار الشريعة؟ وما هو الفرق بين جبهة الانقاذ وببن الجمعات الاسلامية المسلحة في الجزائر؟
 
إذا المشروع السياسي لكل الحركات الاسلامية دون تمييز بين تكفيرية ومعتدلة هو واحد وهو إعادة بناء الخلافة الاسلامية. والوصول إلى بناء أو إعادة بناء الخلافة يمر حتما وحكما باسقاط كل أشكال التنظم السياسي القائمة، وليس هناك شكل سياسي قائم غير" الدولة " وعليه يجب اسقاط الدولة لإقامة الخلافة.
وبعد أن تقوم الخلافة يتوجب عليها خوض الحروب المقدسة لادخال الناس إلى الإسلام وإعلاء كلمة الله .
فهل يكتسب هذا المشروع السياسي للإسلام السياسي قدرا من المعقولية يجعله قابلا للانجاز في عالم 7 مليار نسمة واكثر من 200 دولة ومجتمع؟
هل يتلائم هذا المشروع السياسي مع القانون الدولي وحقوق الشعوب والملاحة الجوية والبرية والبحرية والعلاقات الدبلوماسية والتجارة والاقتصاد والانترنات ؟
واكثر من هذا هل يتلائم مشروع الخلافة مع القدرات العلمية والعسكرية والتقنية لهذه الحركات التي ستواجه العالم من أجل رفع راية لا الاه إلا الله وتحكيم الشرع ونشر الإسلام ؟
 
خلاصة القول إذا كانت هذه الحركات الاسلامية تسوق في مجتمعاتها ومنتسبيها إعادة بناء الخلافة وامجاد الحكم الاسلامي فستبقى هذه الشعوب المقهورة مسكونة بهذا الهدف المقدس وسيظل هذا الهدف حلم الشباب حتى يتحقق وستبقى هذه الشعوب منبتا للارهاب وبيئة حاضنة لتفريخ المجاهدين الذين لا يخافون في الله لومة لائم.
 
وهنا يكمن الارتباط العضوي بين الثقافة " المقدسة" وبين الحلم لتحقيقها والذي يمر حتما عبر الجهاد الذي يحتاج مجاهدين يصبحون شهداء عند ربهم لاعادة بناء الخلافة الاسلامية والحكم بما انزل الله واخضاع الشعوب بالرضوخ والاستسلام أو بالحرب للدخول لدين الإسلام.
 
ما لم نراجع تاريخ البشر بما هو تجارب بشرية وننزع عن ثقافتنا وتاريخنا هذه القدسية المزيفة فستبقى هذه الشعوب بيئة حاضنة لشباب يائس يحلم بالنجاح والنصر تغلق في وجهه ابواب الفعل والحياة وتفتح في وجهه أبواب القتل والتدمير والعبث ويحرم المجتمع من القوة الدافعة للحياة والتنمية وهي قوة الشباب الذي يتساوى عنده التفجير والحرب بالارتماء في قوارب الموت حتى يهرب في الحالتين من جحيم الاحباط واليأس

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter