alexametrics
أفكار

نداء العسكر.. الغيث والغوث..

مدّة القراءة : 2 دقيقة
نداء العسكر.. الغيث والغوث..

 

"ذاك الجندي كان يحشو مدفع رمضان بالبارود، فحدث إنقلاب وصارا جنرالا، وصار يحشي.. سياسة"

 

لم يكد الشعب التونسي يستوعب نداء "الأميرال" السابق كمال العكروت لإنقاذ البلاد حتى صدر بيان آخر عن قادة عسكريين متقاعدين في شكل رسالة لرئيس الجمهورية من أجل التحرك لإنقاذ تونس من شبح الكورونا والإفلاس، طارحين خارطة سياسية للخروج من الأزمة.

 

هؤلاء العسكريون خرقوا تقليدا تونسيا في صمت العسكريين بعد إحالتهم على التقاعد، وحتى الجنرال محمد صالح الحامدي عندما تكلم ذات يوم كان كلامه للدفاع عن نفسه في ملفات محددة دون أن يتدخل في الشأن السياسي العام، والثابت أن البيانين يصدران عن مرجعيتين مخلفتين:

 

مرجعية كمال العكروت هي مرجعية النظام السابق، او ما يسمى بالدولة العميقة التي لا ترى في عبير موسى بديلا سياسيا أو جهويا ممكنا وتراها مشروع ديكتاتورية الطاعة العمياء، ولذلك كانت محاولة تجريب فكرة كمال العكروت مشروعا يشبه مشروع الزبيدي في الإنتخابات الرئاسية، ولكن الظهور الإعلامي لكمال العكروت أثبت عجزا في تقديم رؤية متكاملة للحلول تتجاوز التشخيص المألوف لحالة الإنغلاق السياسي.

 

مرجعية العسكريين الستة هي مرجعية وظيفية للحوزة الإخوانية لحركة النهضة، وتجلى ذلك في الأسماء التي وقعت على النداء، وهي أسماء إقتربت من حركة النهضة في الظهور الإعلامي أو التعيينات التي نالوها بعد تقاعدهم من المؤسسة العسكرية، وتزداد القناعة حين نجد تسويقا لهذا النداء من طرف قيادات نهضوية عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

 

إذا كان الأميرال كمال العكروت قد وجه سهامه للبرلمان موطن الأزمة حسب تعبيره، فإن البيان السداسي للعسكريين يحتوي على ضغط موجه لرئيس الجمهورية والتخفيف من عجز المؤسسة التشريعية والحكومة المسنودة بحزام سياسي تقوده النهضة، فمحتوى النداء يكشف عن مطالب حركة النهضة بعد حالة الجمود التي تشهدها الحالة السياسية، وحالة الصدّ التي تمارسها رئاسة الجمهورية ضد راشد الغنوشي وهشام المشيشي..

 

إن بيان العسكريين هو بيان وظيفي تحركه حركة النهضة بالتزامن مع مهاجمة قصر قرطاج في ملف "الإنقلاب المزعوم"، وليس للحركة من وسيلة للضغط على قيس سعيد سوى المبادرة بتشويهه وتخوينه وحصره في زاوية، لكي تمنحه طوق النجاة عبر بيان/نداء يصدر عن قادة العسكر المتقاعدين، وعبر التشويش على المؤسسة العسكرية في حالة إستعان بها الرئيس في التدابير الإستثنائية..

 

هؤلاء العسكريون يريدون لعب دورا سياسيا، ولا شرعية لهم سوى الإحتفاظ بصفاتهم ورتبهم العسكرية، ويفترض أن يقع محوها في تعريفهم إذا أرادوا لعب دورا سياسيا مدنيا، فقبل شهرين وقّع عسكريون فرنسيون على بيان حول الوضع الفرنسي، ووجدا هذا البيان تعاطفا شعبيا كبيرا، لكن النخبة السياسية والعلمية والثقافية الفرنسية دقّت ناقوس الخطر ونددت بذاك البيان، لأن الديمقراطية المدنية مكسب لا يمكن أن يكون متاحا لمن حمل السلاح في الجيش الفرنسي.

 

في تونس تمثل هذه البيانات خطرا على التقاليد التونسية في تحييد الجيش وحفاظه على الديمقراطية، وقيادات الجيش مجبولة على حفظ أسرار الدولة وعدم تدخلهم في الشأن السياسي حتى بعد تقاعدهم، خاصة إذا كانوا من ذوي الرتب العسكرية العليا، ولا أعتقد أن نداءات هذه القيادات العسكرية تصدر من باب الوطنية دون توظيف سياسي لمختلف المتناحرين سياسيّا.

 

عشر سنوات والمؤسسة العسكرية تعاني الحفاظ على الثورة وتحارب الإرهاب في المدن والجبال والصحراء، وقدرها أن تفرز الأبطال والشهداء، وقادتها تاج على رؤوس البلاد والعباد حتى لا يخالطوا ساسة السفهاء..

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter