alexametrics
الأولى

هل تحسنت وزارة الصحة اتصاليا من كارثة الرضّع الى الاعلان عن أول حالة كورونا ؟

مدّة القراءة : 5 دقيقة
هل تحسنت وزارة الصحة اتصاليا من كارثة الرضّع الى الاعلان عن أول حالة كورونا ؟

سنة مرّت منذ فاجعة وفاة الرّضع في مستشفى الرابطة - حادثة تجاوزت الحُزن الجماعيّ الى أزمة ثقة بين المواطن  التونسي ووزارة الصحة التي عرفت عثرات اتصاليّة أولها تسليم الولدان الى ذويهم في علب كرتونية واخرها التضارب في التصريحات وعدم تحديد المسؤوليات. نتذكّر التوتر العام  الذي غلب على السياسة الاتصالية للوزارة في مارس 2019 ونحنُ على أعتاب مارس 2020، مقارنين بين تجربتين تحسنت بينها قدرة المؤسسة على ادراة الأزمات بصفة ملحوظة.

 

أول درس تعلمته وزارة الصحة هو استباق الأزمة وتحديد خطة عمل واضحة قبل الساعة صفر، منذ أواخر ديسمبر 2019 انطلقت الوزراة في صياغة استراجيتها الاعلامية بعد اعلان منظمة الصحة العالمية عن انتشار سريع لفيروس كورونا تلاه اعلان ثان عن حالة طوارئ صحية دولية. انطلقت الحملة الاتصالية للوزارة بعد أقل من أسبوع، في جانفي 2020 رغم أن الحكومة انذاك كانت مهمتها تصريف الأعمال فحسب. انقسم الاتصال الوزاري الى قسمين، قسم أول تكفلت بيه كلّ من وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ ومديرة مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن عليا عبر الحضور الاعلامي التفسيري للاعلان عن الخطوة الاولى من الخطة الاستراتيجية وهي الوقاية. كانت رسالة السيدتين وفق الحوارات التي أوردتها بيزنس نيوز تبسيط ماهية الفيروس والاعلان عن تخصيص مركز نداء خاص بالوباء المستجد، وهي النقطة المشتركة والمتكررة في خطابات طمأنة أصرت كل من بن عليا وبالشيخ تمريرها عبر بوابة الاعلام. القسم الثاني هو الومضات التحسيسية التي أعدتها الوزراة في حملة تفسيرية للتعريف بفيروس covid-19  وسبل الوقاية منه، والتي أعدت بطريقة بيداغوجية تضمن أن تفهمها كل الفئات، على شاكلة سؤال- جواب باللهجة التونسية مع رسوم توضيحية.

 

تضمنت خطة العمل في مرحلة ثانية رفع اليقظة والحذر في النقاط الحدودية والمطارات والموانئ، مع تركيز كاميرات حرارية في المطارات  وفرق طبية مختصة على مدى 28 نقطة عبور بكامل الجمهورية. السفرات القادمة من مناطق موبوئة، تتباع عن كثب منذ اقلاعها حيث يُلزم طقم الطائرة بالابلاغ الفوري للمطار التونسي في حالة ظهور أعراض على أحد الركاب. عند النزول وقبل مغادرة المطار يقوم الركاب بتعمير استمارات تحمل معلومات عن سفراتهم وسبل الاتصال بهم في تونس. الايجابي كذلك في خطة وزارة الصحة على مستوى الوقاية هي مفهوم الحجر الصحي الذاتي، وهي طريقة وقائية تضمن بها الوزراة أن كل مواطن اشتبه في ظهور الأعراض لن يزور نقطة استعجالية أو مشفى أو طبيب مما يقلص من خطر العدوى حيث تخصص المؤسسة الرقم 190 للابلاغ غن حالات الاشتباه وترسل فريقا طبيا مختصا الى محل سكنى المتصل للاطمئنان.

 

مع دخول فيفري 2020 كانت الوزارة قد اتخذت كل الاجراءات الضرورية وأطلقت حملتها التوعوية التي واصلتها على مدى شهر ثان مما أكسبها شهرين من الاتصال التفسيري قبل قدوم الحكومة الجديدة وتسليم سنية بالشيخ مهامها في موكب رسمي نُصب على اثره عبد اللطيف المكي على رأس الوزراة. أول مجلس وزراي لحكومة الفخفاخ كان مخصصا لمستجدات فيروس الكورونا  ومواصلة الخطة الوطنية المشتركة بين وزارات النقل، الداخلية والصحة. أول مهمة رسمية للوزير الجديد كانت زيارة ميدانية لمطار تونس قرطاج مردها الطمأنة والتشديد على الاستعداد التام لواجهة الفيروس.

 

الاثنين 2 مارس 2020 كان تاريخ الاعلان عن أول حالة كورونا في تونس، أي شهرين بعد اعتماد الخطة الاستراتيجية واطلاق الحملات التفسيرية وهي مدة كافية مكنت الوزارة من أفضلية الاستعداد المبكر وتنظيم العمل على مدى بعيد لتجنب التوتر والتضارب التي اتسم به تعاملها مع أزمات سابقة. الاعلان عن تأكيد الحالة 1، كان دقائق بعد وصول نتائج التحاليل في تكريس للشفافية وحق المواطن في المعلومة. الندوة الصحفية للاعلان عن  تسجيل أول حالة اصابة لم تكن ذات طابع تحذيري عاجل، ولم تكن مخصصة حصرا لوزير الصحة عبد اللطيف المكي، بل كانت مشتركة مع مدير عام الصحة شكري بن حمودة ومديرة مرصد الأمراض المستجدة نصاف بن عليا.

ثلاثة أطباء، يحملون معلومات مؤكدة ومحينة  يفسرون للصحفيين الوضعية بدقة ويجيبون عن أسئلتهم بكل شفافية مؤكدين على رسائل الطمأنة واحتواء الهلع، عبر الأرقام التي تشير الى أن حالات الوفات بهذا الفيروس قليلة للغاية وشارحين طبيعة الفيروس وملامح الخطوة القادمة من الخطة الوطنية وهي منع انتشار  الفيروس. الوزير فسر استعدادات لوزارة ولم يتردد في ذكر المراحل، لأنه يملك سالفا خارطة طريق تحدد المسؤوليات والخطوات القادمة من حصر الحالات المشتبه بها الى التقصي الى الحجر الصحي والتحاليل.

 

رفضت الوزارة الافصاح عن هوية المصاب رقم 1، ممكنة فقط من بعض المعلومات العرضية عن حالته حتى تمكن المواطنين  من حق معرفة المكان الذي قدم منه وهو ايطاليا تأكيدا الى أن الحالة مستوردة ومعزولة. مرد عدم الاعلان هو هويته هو ضمان عدم تعرضة للتمييز أو الوصم الاجتماعي وحماية معطياته الشخصية وخصوصية عائلته وعدم الكشف عن الولاية التي ينتمي اليها تجنبا للهلع والنعرات الجهوية المحتملة وهو اختيار صائب يعبر عن  تطور ايجابي في علاقة الوزارة مع المواطنين. تغير الخطاب المعتمد في الحضور الاعلامي لممثلي وزارة الصحة والهياكل الطبية من التفسيري الى الوقائي، مع الحفاظ على جانب الطمأنة بالاستدلال على تقارير منظة الصحة العالمية ومع وضع الفيروس في سيق المقارنة مع فيروسات أخرى أخطر منه تجنبا للهلع. شرّكت وزراة الصحة في حملتها  وزراة التربية لضمان توعية التلاميذ وتعريفهم بسبل الوقاية، الى جانب تفسير المصطلحات الصعبة مثل الحجر الصحي في مقاطع توعوية مُبسطة تبث في وسائل الاعلام بصفة مكررة. لا تعمل المؤسسة بمعزل عن توصيات المنظمات الدولية مع التأكيد على تقريبها من السياق التونسي، لذلك تشدد على عدم المبالغة في اقتناء الأقنعة الطبية التي تضاعفت اسعارها، والحرص على اتباع توصيات الوزارة واستقاء المعلومة من مصادر مؤكدة وضرورة الاتصال بالرقم 190 عند الاحساس بعوارض المرض (ضيق في التنفس، سعال، ارتفاع في الحرارة، تقيئ..).

 

أشواط قطعتها وزارة الصحة على مستوى الاتصال في ظرف سنة واحدة وان لازالت تشوبها بعض النقائص (تحيين الموقع الرسمي، عدم تشريك الاعلام الخاص في الخطة الوطنية لمكافحة الفيروس، عدم عقد ندوات صحفية دورية لمستجدات الفيروس ..). مجهودات سنية بالشيخ على رأس هذه الوزراة تذكر فتشكر رغم أنها قامت بتسيير وزارتين بالتوازي ورغم غياب الاستقرار الحكومي طيلة بداية 2020.

 

 

عبير قاسمي 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter