alexametrics
الأولى

انقلاب؟ نعم، ولكنّه ما يستحقه الاسلاميون

مدّة القراءة : 3 دقيقة
انقلاب؟ نعم، ولكنّه ما يستحقه الاسلاميون

 

تصاعد الجدل في تونس بعد خطاب رئيس الجمهورية مساء عيد الجمهورية، متى أعلن قيس سعيد مُحاطا بالقيادات العسكريّة عن تجميد مجلس النوّاب ورفع الحصانة البرلمانية وإقالة رئيس الحكومة وترؤس النيابة العمومية التي تؤجل مئات قضايا الفساد والارهاب. وبينما كان الشعب يحتفل بقرارات الرئيس أصدر رئيس الجمهورية تعليماته لمدير الأمن الرئاسي بتولّي وزارة الداخلية، ومن الجيش حماية مقر المجلس و "منع دخول أي شخص".
في وقت متأخر من الليلة ذاتها، قرابة الساعة الثانية فجرا، توجه رئيس الحزب الإسلامي راشد الغنوشي إلى البرلمان برفقة نائبه سميرة الشواشي وعدد من النواب المتطرفين من الكرامة والنهضة، محاولين اقتحام البرلمان. وأمام رفض الجيش الصريح السماح لهم بالدخول، اتهم الغنوشي في ترصيح اعلاميّ رئيس الجمهورية بالقيام بانقلاب.
ولتبرير قراراته، فسّر الرئيس أنّ الفصل 80 من الدستور الذي يستند اليه ينص أنه في حالة وجود خطر داهم يهدد الأمن القومي أو استقلال للبلاد ويعيق السير العادي لمؤسسات الدولة، فإن رئيس الجمهورية يمكنه اتخاذ قرارات استثنائية- وهو تماما مافعله.


على الرغم من أن قرارات رئيس الجمهورية مدعومة بشرعية الشعب، فإنها تظل مخالفة للدستور ولذات الفصل 80 الذي ينص على أن مجلس نواب الشعب يبقى في حالة انعقاد دائمة وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب ولا يمكن تقديم لائحة لوم للحكومة كما يستوجب الفصل استشارة رئيس البرلمان ورئيس الحكومة.
الرئيس فعل ذلك، اتصل برئيس المجلس ورئيس الحكومة لاعلامهما عن اتخاذ قرارات استثنائية، لكنه لم يخبرهم بفحوى قراراته...

لذلك فإن الفصل 80 لا يخول تجميد المجلس، أو رفع الحصانة عن نوابه، ولا إقالة الحكومة. والأسوأ من ذلك أنه لا يحق للرئيس ترؤس النيابة لسبب بسيط هو أن الدستور يلزمه باحترام الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. لذلك من الواضح أن هناك انتهاكًا للدستور من جانب الرئيس، الذي يرقى إلى حد الانقلاب... لكن..

رغم كل ما سبق، شهدت كل الولايات مشاهد ابتهاج شعبي بعد خطاب رئيس الجمهورية مباشرة. وسواء كان ذلك انقلابًا أم لا ، فقد كان التونسيون سُعداء بقرارات الرئيس.في كل مكان تقريبا ، سمعنا الزغاريد وأبواق السيارات، و رُفع النشيد الوطني، وشُتم رئيس الحكومة والإسلاميين.. إذا كان التونسيون سعداء بقرارات رئيسه ، فذلك لأن هناك سببًا بعيدًا عن كونه الخلاف الأيديولوجي مع الإسلاميين.. الذي يبرر تصرفهم العفوي في وقت متأخر من الليل وسط حظر التجول والحجر الصحي هو الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد بقيادة المنظومة الحاكمة، 20 ألف وفاة بكوفيد 19 بمعدل مائتي وفاة يوميا بينما أصبحت الحكومة مجرد أداة تنفيذ لقرارات إسلاميي النهضة.

تدهور الوضع الاقتصادي بشدة في الآونة الأخيرة، وارتفعت مديونية البلاد، وعلى الرغم من ذلك ، فإن الإسلاميين يطالبون بتعويضات عن نشاطهم في ظل النظام السابق...

لم يعد بإمكاننا إحصاء النواب الذين يخالفون القانون بشكل يومي دون وجود أي سبيل لمحاسبتهم لأنهم يختبؤون وراء حصانتهم. لقد وصلنا إلى مستوى الاعتداءات الجسدية في عقر المجلس دون أن تتحرك النيابة العمومية قيد أنملة.ناهيك عن عدد النواب الذين أدانهم القضاء بالفعل، في قضايا تبييض أموال وتحرّش وفساد وارهاب.. لكنهم تمكنوا من الهروب من طريق السجن بفضل حصانتهم.
نجح الإسلاميون خلال السنوات الماضية في التسلل إلى مفاصل الإدارة والقضاء.

لجنة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد تتهم بشكل واضح وكيل الجمهورية المزاح بشير العكرمي بالتستر على أكثر من 6268 قضية إرهابية وفق تقرير التفقدية العامة بوزارة العدل، على الرغم من الفضيحة لا يزال بشير العكرمي في حماية الحزب الاسلامي .. يتمتع بحريته.

إلى جانب التمويلات السرية المشبوهة لحزبهم، والعلاقات المشكوك فيها التي أقاموها مع دول أجنبية (لا سيما تركيا) ، نجح الإسلاميون أيضًا في التسلل إلى عالم الأعمال حيث أسسوا أعمالًا مربحة، بشكل غير قانوني. إن الامتيازات التي منحت لهم لا تحصى، من الخدمات الى المحاباة الى التمويلات... وصلنا إلى النقطة التي ذهب فيها أحد نوابهم للتلقيح دون اتباع الإجراءات المعتادة والصف الطويل لمواطنين انتظروا دورهم لأشهر.

على المستوى السياسي، تألق الإسلاميون خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية بانتهازيتهم، فكان تحالفهم مع حزب قلب تونس الذي اعتبروه عشية الانتخابات حزب الفساد ولأسباب سياسية وللحصول على أغلبية برلمانية، أصبح الإسلاميون أفضل الأصدقاء مع حزب نبيل القروي. إنها علاقة يربح فيها الجميع: قلب تونس يصوت للإسلاميين للفوز برئاسة البرلمان، وبالمقابل يصوت الإسلاميون له لمنحه منصب نائب الرئيس. فتم "انتخاب" سميرة الشواشي نائبة للرئيس وسرعان ما أصبحت دُمية في يد الإسلاميين.
وأطلق إسلاميو النهضة تحالفًا مع حزب الكرامة الإسلامي المتطرف، بقيادة سيف الدين مخلوف.لم يعد بإمكاننا إحصاء الهجمات اللفظية والجسدية والتكفير والتحريض الذي ارتكبتهم الكتلة المارقة عن القانون ضد نواب المعارضة، الصحفيين، الأمن الرئاسي، النقابيون، القضاة .. وتستمر القائمة..
ولاتمام لوحة الانتهازية والنفاق.. ضم راشد الغنوشي آخر أمين عام للتجمع، محمد الغرياني، كمستشار سياسي له.

هذه المحسوبية، هذا الفساد، هذا الإفلات من العقاب ، مجرد أمثلة قليلة عما ارتكتبه النهضة وشركاؤها من جرائم خلال الفترة الماضية.
وقد حذر رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب أكثر من مرة من هذه التجاوزات. كما حذر مرارًا وتكرارًا من أنه سيرد. علمت النهضة أن رئيس الجمهورية كان يحضر لانقلاب..
كان عليه أن يتخذ قرارا وكان القرار هو الفصل 80. انقلاب؟ ربما، لكنه علم أنه ليس لديه خيار آخر لأن هذا الدستور لا يمنحه خيارًا آخر.
قد يجادل الديمقراطيون بأنه لا يجب تحت أي ظرف اللجوء إلى حل الانقلاب المتطرف. كان التيار وقلب تونس أول من استنكر هذا الانتهاك . لكن ما الذي يجب فعله لوضع حد لهيمنة الإسلاميين ؟ كان لا بد من القيام بشيء ما. ولأنه فشل في حل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة، اختار قيس سعيد الحلّ الأكثر راديكاليّة.

انهُ خرق للدستور؟ نعم، ليس هناك شك.

لكنّه الحل الأفضل، الذي تثبته فرحة التونسيين الذين خرجوا بالالا للاح

لولا الإسلاميين وتكبّرهم وانتهازيتهم واجرامهم، لما لجأ رئيس الجمهورية إلى هذا الانقلاب. هذا الحدث هو امتداد منطقيً لما كان يحدث في البلاد منذ انتخابات 2019، تاريخ تولي هذه المنظومة سدّة الحكم.

 

 

مترجم عن النصّ الفرتسي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter