alexametrics
الأولى

راشد الغنوشي و قيس سعيد: حرب باردة فمن سيكون المنتصر؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
راشد الغنوشي و قيس سعيد:
حرب باردة فمن سيكون المنتصر؟

كل المتابعين للمشهد السياسي في تونس يدركون وجود خلاف حاد بين رئيس الجمهورية قيس سعيد و رئيس مجلس نواب الشعب و رئيس حركة النهضة رائد الغنوشي، رغم أن كلاهما كان يحاول قد الامكان عدم ظهور الخلاف للعلن و بقائه في كواليس الداخل، و يحاول كل منهما التصرف كأن العلاقة في احسن حالتها.

هدا التظاهر لم يستطع منع الخلاف من البروز الى العلن لأن الحرب الباردة بين الطرفين شهدت أكثر من واقعة اخرها خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الفطر المبارك حين أعلن أن لتونس رئيس واحد في الداخل و الخارج في اشارة واضحة لراشد الغنوشي و تحركاته الخارجية و اعتدائه على صلاحيات رئيس الجمهورية و قبلها تلميحات الغنوشي الموجهة لقيس سعيد بعدم التدخل في الشأن الداخلي و الالتزام بصلاحياته التي حددها الدستور.

  • لتونس رئيس واحد في الداخل و الخارج

خرجت كلمة الرئيس قيس سعيد التي ألقاها لمعايدة التونسيين بمناسبة عيد الفطر المبارك عن الطابع الكلاسيكي و الروتيني لخطب الرئاسة في مناسبة معينة مثل عيد الفطر حيث شبها بعض الملاحظين بالقصف السياسي في حين شبهها البعض الاخر بقرع طبول الحرب ضد حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، خاصة أنها جاءت بعد حدثين أساسين الاول هو تهنئة رائد الغنوشي لرئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج  باستعادة قاعدة الوطية و الثاني هو اعتصام كتلة الدستوري الحر و اصرارها على مسائلة رئيس مجلس نواب الشعب بسبب تحركاته الخارجية المثيرة لريبة و منها اتصاله بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان و فائز السراج و لشخصيات غير برلمانية.

و اضاف قيس سعيد في كلمته أن هناك من يريد العيش في الفوضى،  فوضى الشارع وفوضى المفاهيم ولكن للدولة مؤسساتها وقوانينها.. الدولة ليست صفقات تبرم في الصباح وفي المساء في اشارة واضحة للغنوشي.

وتابع سعيد: " لا أبحث عن خلق الأزمات في تونس، أو إدارة الأزمات، كما يفعل بعض الأطراف السياسية"، مؤكدا أنه لن يسمح لأي طرف بتجاوز القانون أو تجاوز صلاحياته التي منحها الدستور و هو ما فهمه أغلب المحللين على انه موجه رأسا لراشد الغنوشي بخصوص تهنئته لفائز السراج باسم مجلس نواب الشعب و هو اقحام لمؤسسة مجلس النواب في الشأن الخارجي الدي نص دستور الجمهورية التونسية على أنه من صلاحيات رئيس الجمهورية.

  • فتح ملف الأموال المنهوبة يتزامن مع مطالب بالكشف على ثروة الغنوشي

قيس سعيد في نفس الكلمة أشار الى أن " أموال الشعب المنهوبة يجب أن تعود إلى الشعب التونسي " مضيفا انه بصدد اعداد مشروع قانون لمكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة و هو ما تزامن مع حملة قادتها عدة اطراف للكشف عن مصدر ثروة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي التي قدرها البعض بألاف المليارات في حين أكدت يمينة الزغلامي في تصريح مثير للجدل ان الغنوشي يقيم في منزل على وجه الفضل و يملك سيارة بسيطة من نوع كيا قدم بها معه من الخارج و تحمل لوحتها اشارة النظام التوقيتي و كان يتحصل على جراية شهرية من حركة النهضة مقابل تفرغه لخدمتها و توقفت بعد أن أصبح الغنوشي رئيسا لمجلس نواب الشعب.

بعض الملاحظين و المحللين و السياسيين اعتقدوا ان الجملة التي تحدثت عن الاموال المنهوبة هي قذيفة موجهة اساسا للغنوشي كي يفهم من خلالها أن الحرب الباردة على وشك النهاية و ان الحرب القادمة ستكون ضارية و استعمال كل الأسلحة فيها مشروعا فهي حرب وجود و حرب صلاحيات.

وهي ليست المرة الأولى التي يلمح فيها الرئيس قيس سعيد الى موضوع الفساد المالي فقبلها، و تحديدا أثناء زيارة سعيد الى قبلي لمعاينة المستشفى العسكري بالمكان أكد خلال خطابه أن " الشعب قادر أن يسحب الوَكالة مِمن خان الأمانة"، متسائلا عن "أموال الشعب التي نُهبت على مدى عشر سنوات وعن مصير المليارات التي ضُخت يوم تنظيم الانتخابات".

هذا التصريح الناري، حسب توصيف المتابعين للمشهد السياسي التونسي، فجّر أزمة جديدة بين الرئيس سعيد وراشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب، تنضاف الى سجل الأزمات المتتابعة بين الرئيسين التي انطلقت تقريبا مند رفض النهضة لحكومة الياس الفخفاخ و اتهامها قبلها الرئيس قيس سعيد بمحاولة التشويش على حكومة الحبيب الجملي و سببا في فشل مرورها بسبب دعوته وقتها الى مزيد التشاور.

  •  مستقبل غامض و دعوة لحل مجلس النواب

الحرب الباردة بين حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي و انصاره قلب تونس و ائتلاف الكرامة من جهة و رئيس الجمهورية و انصاره داخل البرلمان حركة الشعب و التيار الديمقراطي و الياس الفخفاخ خارجه تواصلت لتبلغ اكثر من واجهة، فكل التحركات السياسية التي شهدتها تونس خلال الأشهر الثلاثة الماضية من الممكن أن تشتم من خلالها و بسهولة رائحة الخلاف بين الغنوشي و قيس سعيد فالدعوة الى حل مجلس نواب الشعب و تغيير نظام الحكم الى الرئاسي بعد تنظيم استفتاء شعبي اعتبرتها حركة النهضة خطوة يقف ورائها الرئيس قيس سعيد الدي استغل الجو المشحون و المتوتر صلب مجلس نواب الشعب لتأليب الرأي العام ضد النواب و ضد الغنوشي.

من جهة اخرى اعتبر رئيس الجمهورية تحركات راشد الغنوشي على المستوى الخارجي و اتصاله بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان في اكثر من مناسبة و تهنئته لفائز السراج و اتصاله بخالد المشري المحسوب على تنظيم الاخوان المسلمين العالمي في ليبيا كلها خطوات اعتبرها سعيد  اعتداء مستفز على صلاحياته و مس مباشر لهيبة تونس في الخارج.

قيس سعيد المعتمد على صلاحياته الرئاسية و أساسا على الدعم الشعبي له بما أنه منتخب من قرابة ثلاثة مليون تونسي من جهة و راشد الغنوشي المعتمد على أغلبيته البرلمانية صلب المجلس و دعم أصدقائه البرلمانيين خصوصا ائتلاف الكرامة يده القوية التي يهاجم بها خصومه دون الظهور في الصورة تجعل الحرب السياسية ان انطلقت صعبة المراس و من الصعب تحديد الفائز فيها و ان كان من السهل جدا معرفة الخاسر، الخاسر سيكون تونس بلا أدنى شك.

حسام بن أحمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter