alexametrics
الأولى

تراجع مستوى الخطاب السياسي: من يتحمل المسؤولية ؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
تراجع مستوى الخطاب السياسي: من يتحمل المسؤولية ؟

 

أثارت التدوينة التي نشرها عضو مجلس نواب الشعب، فيصل التبيني أمس الأحد 28 سبتمبر 2020، الكثير من ردود الأفعال التي استنكرت في مجملها ما دونه في حق الناشطة الحقوقية وعضوة مجلس النواب السابقة بشرى بالحاج حميدة، حيث قال إنها "لا ترفض عقوبة الإعدام في حق المغتصبين والقتلة من باب احترامها لحقوق الإنسان بل لأنها متأكدة أنه من المستحيل ان تتعرض للاغتصاب ولا أحد ينظر إليها كأنثى أصلاً حتى يفكر في اغتصابها."


خطاب التبيني، وما يحتويه من قلة احترام ورمزية سياسية بحكم الصفة النيابية التي يحملها صاحبه، أصبح سمة سائدة في الخطاب السياسي في تونس خاصة من قبل السياسيين الذين يملكون صفة رسمية سواء عضوية مجلس نواب الشعب أو منصب وزاري أو رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.

•             مجلس نواب الشعب:

نواب الشعب، المنتخبون من الشعب للسهر على مراقبة المشاريع وسن القوانين التي تساهم في دفع عجلة التنمية والمحافظة على مصالح ناخبيهم تحولوا حسب عديد المتابعين الى معطل حقيقي للتنمية وموتر للمناخ السياسي خلال السنة الأولى التي قضوها تحت قبة البرلمان.

دورة برلمانية أولى شاهدنا فيها كل المشاهد الممكنة من تلاسن وشجار وتبادل للشتائم وحتى الاعتصام ومنع أشغال المجلس وتعمد نواب ائتلاف الكرامة  نشر خطاب العنف والتكفير  اذ وصف  المائب محمد العفاس برنامج رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ بأنه يقوم على "معاداة الشرع ومساندة الخمر والمثلية والزطلة"، و خطاب عبد اللطيف العلوي الذي هاجم  العديد من  و دخل في مواجهات مع كل من يختلف معه في الرأي من صحفيين و سياسيين و مسؤولين في الدولة و سيف الدين مخلوف الذي استعمل في خطابه كل عبارات التحريض و هاجم كل المختلفين معه سواء كانوا قضاة أو صحفيين أو غيرهم، و الكل يذكر هجومه الحاد و استعماله لألفاظ مهينة في حق هيثم المكي و في حق نقابة الصحفيين التي ساندته.

فيصل التبيني أيضا له سوابق في الخطاب السياسي المستفز حيث وصف حزب قلب تونس بـ"كلب تونس" في تدوينة عقب سقوط لائحة سحب الثقة من الغنوشي وغيرها المواقف التي استعمل فيها خطابا سياسيا لا يليق بعضو مجلس نواب ممثل للشعب.

نقابة الصحفيين، أدانت بشدة التحريض الصريح والمباشر على العنف ضد الصحفيين من قبل النائب عن ائتلاف الكرامة يسري الدالي،وأشارت الى أن النائب المذكور عمد يوم الإثنين 25 نوفمبر 2019 إلى التحريض ضدّ عدد من الصحفيين والعاملين في مؤسسات إعلامية عمومية وخاصة عبر تدوينة على حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي، و أفادت بأن المعني بالأمر دعا صراحة وبصفة مباشرة إلى الاعتداء على الصحفيين، ذاكرا قائمة كبيرة من المؤسسات الإعلامية وأسماء الصحفيين العاملين بها معتبرا أن علاقة مجلس نواب الشعب مع الإعلام ستكون في إطار ‘حرب كسر عظام’، ودعا إلى ‘تتبعهم وضربهم على اليد التي تؤلم وقطع دابرهم’ في دعوة مباشرة إلى الاعتداء عليهم ما يهدد السلامة الجسدية للصحفيين التونسيين.

الاشكال الحقيقي أننا لم نعد نستطيع حصر المواقف التي استعمل فيها خطاب "سياسي" منحط في مجلس النواب فأغلب الجلسات شهدت توترا كبيرا وتبادل للشتائم خاصة جلسة سحب الثقة من الغنوشي التي دامت أكثر من 18 ساعة استعمل فيها كل النواب تقريبا مفردات لا تليق بمجلس النواب سواء من أنصار الغنوشي أو معارضيه.

•             خطاب رئيس الجمهورية:

لم يلبث رئيس الجمهورية طويلًا قبل أن تخرج خطاباته عن العقلانية، حيث توجه الى الشعب بكلمة بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة استعمل فيها مفردات مثل "مؤامرة، قمع، جلادون، مناورات" ووجه اتهامات وتهديدات مبهمة بحماس، و تحدث عن مؤامرة تحاك ضده دون الحديث عن من يقودها، وتوعد بأنه لن يقف مكتوف الايدي، في خطاب أبعد ما يكون عن دور رئيس الجمهورية الذي يلزمه الدستور بالسهر على وحدة الشعب وسلامته، عبر بث خطاب سلبي ملغم باتهامات خطيرة من شأنها زعزعة الاستقرار وبث جو من التوتر والفتنة في الداخل، وصورة سلبية للخارج، للدول والمستثمرين الحاليين والمحتملين.

كما أن تدخلاته خلال أزمة كورونا لم تكن صائبة،  ونذكر خطابه الذي أعلن فيه عن الحجر الصحي الشامل، لم يفهمه عدد كبير من المواطنين، بل حتى من الصحفيين.

فقد اعتمد على اللغة العربية التي لم تخل من أخطاء واقتربت كثيرًا من الركاكة، وكان أسلوبه "روبوتيًا" دون أن يقدّم أي معطيات واضحة، فلم يفهم الشعب طبيعة الإجراءات وآليات تطبيقها، لتوكل مهمة توضيحها لرئيس الحكومة في كلمة لاحقة.

قيس سعيد دائما ما يستعمل في خطاباته نظرية المؤامرة والأطراف التي تعمل على زعزعة السلم الأهلية، ولم يحدث أن ذكر أو حتى لمح حول هوية هذه الأطراف وقال خلال خطاب بعد استقالة الياس الفخفاخ «لم تعرف البلاد أزمة أخطر وأكثر تعقيداً من وضعها الحالي... هناك مؤامرات داخلية وخارجية خطيرة جداً تحاك ضد الدولة ومؤسساتها...».

 كما لا يمكن أن ننسى تهديدات قيس سعيّد لخصومه ومنافسيه في عديد الخطابات التي لوّح فيها باستخدام كل الأسلحة ضدهم، والصواريخ التي هي في منصاتها وغيرها من العبارات التي ساهمت بشكل أو باخر في تشنج الخطاب السياسي وقد انتقد العديد من الشخصيات السياسية قيس سعيد، واتهمه نجيب الشابي في بيان بالشعبوية وبمواصلة اثارة الحيرة والانقسام داخل الرأي العام واثارة النعرات وتحريض المواطنين على بعضهم وعلى مؤسسات الدولة وخدمة صورته الشخصية والتظاهر بالعمل الخيري.

وانتقد نجيب الشابي في نفس البيان تشبيه الرئيس لنفسه بعمر بن الخطاب وتساءل مستنكرا “وهل اقتصرت حياة عمر على تفقد أحوال الرعية ليلا؟” واعتبر الشابي ان الرئيس يخرج مرة اخرى ليثير الفتنة والانقسام داخل الرأي العام وبين فئات المجتمع، مدفوعا في ذلك بهاجس وحيد، ألا وهو خدمة صورته الشخصية لدى ضعفاء الحال متشبها بعمر الفاروق الخليفة الثاني للرسول، كما صرح هو بذلك.

 

الثابت ان تراجع مستوى الخطاب السياسي لا يتحمله الفاعلون فيه حاليا لوحدهم لكنهم زادوا في حدة الخطاب السياسي المتشنج منذ سنة 2011 وعلى كل الفاعلين العمل على أخلقة المشهد السياسي والجلوس على طاولة الحوار ووضع حد أدنى في التعامل السياسي وإيجاد تشريعات رادعة تضمن حدا معقولا للخلاف السياسي لا يصل الى حد السب والشتم وهتك الأعراض، فلو كان هناك قانون واضح يطبق على الجميع دون استثناء ما كان التبيني أو غيره يتجرأ على استعمال خطاب بتلك الحدة في حق مواطن تونسي.

 

حسام بن أحمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter