alexametrics
الأولى

رسائل الغنوشي المشفّرة لرئيس الحكومة المُكلف هشام المشيشي !

مدّة القراءة : 5 دقيقة
رسائل الغنوشي المشفّرة لرئيس الحكومة المُكلف هشام المشيشي !

''الثابت أنّ مشكلة تونس ليست الإستئصاليّين والإقصاء وإنّما مشكلة تونس وجود النهضة..النهضة هي عامل الإستقرار في تونس..هُم ضِعاف ويخشون منافسة النهضة..حركة النهضة تُمثل الوحدة التونسيّة والوحدة الوطنية'' بهذه الكلمات التي ألقاها في حفل معايدة نظمه الحزب بمقره المركزي يوم أمس الأربعاء 5 أوت 2020، أكّد رئيس الحركة الإسلامية النهضة، راشد الغنوشي، أنّ النهضة هي العامل الأساسي لتحقيق الإستقرار في تونس.  



بكلّ ثقة في النفس وبنبرة ساخرة من كلّ الأحزاب الأخرى  التي أفرزتها ثورة الحرية والكرامة، أكّد راشد الغنوشي أنّ الحركة الإسلامية النهضة هي أمّ الديمقراطية والحريّة وهي العامل الوحيد في تحقيق الإستقرار في تونس،  كما  أعلنت الحركة الإسلامية أنّ الدولة القوية والعادلة مسؤولية النهضة


ماذا قدّمت النهضة على امتداد تسع سنوات؟ 


الغنوشي الذي يدّعي أنّ استقرار البلاد أساسه النهضة ودونها تعيش تونس حالة من الفوضى والتشتّت، يجب أن لا ينسى هو وحركته أنّ التاريخ لا يرحم، على امتداد تسع سنوات كرّست النهضة سياستها الأنانية في الحكم الأحادي وعاشت تونس أزمة سياسية عصفت بكلّ مؤسّسات الدولة وأنهكت شعبها الذي ضحّى بشهدائه في سبيل إخراج البلاد من عهد الدكتاتورية. لم تقدّم النهضة للتونسيّين شيئا بل سلبت حكومتها سنة 2013 بقيادة علي العريض، أرواح المناضلين الأشاوس الأحرار وتمّ في عهدها إغتيال كلّ من الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولم تترك مسيرتها في الحكم شيئا يجعل من الشعب يتمسّك بها مجدّدا. 


راشد الغنوشي يُوهم في الشعب التونسي أنّ الحركة الإسلامية النهضة والإسلاميّين مبدأهم الحريّة والديمقراطية، عن أيّ ديمقراطية يتحدّث في المُطلق؟ لو كان يؤمن بالديمقراطية وبالتداول السلمي على السلطة وأنّ الكراسي زائلة ومصلحة الدولة واستقلاليتها دائمة، لا كان كرّس تلك الديمقراطية في التعامل مع مؤسّسات حزبه الذي انهار على امتداد تسع سنوات وعصفت به العديد من الإستقالات المتتالية. إنّ  الحركة الإسلامية التي تدّعي اللّحمة والتضامن بين قياداتها، فجّرتها  سياسة الغنوشي وجعل منها مزيج  منقسم ومشتّت من حيث المواقف وطريقة التسيّير وفي كواليسها تتمخّض العديد من التناقضات ولكن أمام الرّأي العام تخرج في حلّة واحدة ورأي موحّد من قبل المكتب التنفيذي الذي يُلزم الهياكل والقواعد بنفس الموقف مهما كان الإختلاف. خسرت النهضة العديد من قياداتها وقدّم أغلبهم استقالاتهم تمرّدا على قرارات الغنوشي الدكتاتورية على غرار عبد الحميد الجلاصي وزياد العذاري ولطفي زيتون.


كما سبق وذكرنا في مقال سابق، فإنّ تمسّك النهضة بالحكم زاد من تعمّق الأزمة في تونس بعد أن أرهقت سياستها الأنانية في الحُكم المشهد  السياسي ورذّلته. متقلّبة في المواقف لا تحترم مبادئها وتغيّر آرائها بسرعة ومستعدّة لفعل أيّ شيء كي تظلّ في الحكم، هذه هي سياسة الحركة الإسلامية التي حالفها الحظ في تشريعيّة 2019 وحضيت بالأغلبية البرلمانية، ولكنّها خسرت بتلك الأغلبيّة فرصة تشكيل حكومة تحت إشرافها بعد إصرارها على إقصاء الحزب الذي كان في فترة الإنتخابات تعتبره عدوا لها ''قلب تونس'' وسقطت حكومة الحبيب الجملي.  وبعد أن قبلت الحركة الإسلامية المشاركة في حكومة الرئيس الأولى برئاسة إلياس الفخفاخ، انقلبت مواقفها وشدّدت على توسيع الحزام السياسي للحكومة بتشريك قلب تونس في الحكم وحين تعلّقت بالفخفاخ شبهة فساد في تضارب مصالح، سحبت الحركة الإسلامية من تحت ساقيه البساط مستعملة قلب تونس بعد أن وعدت نبيل القروي بالوقوف إلى جانبه في ملفات الفساد المتعلّقة به وهذا ما أكّده رئيس الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني الذي دعا القروي إلى الخروج من تحت رحمة النهضة وأن يجعل القضاء يأخذ مجراه.



بالإضافة إلى فشلها في تشكيل حكومتها ثمّ خذلانها لرئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ، أبرز راشد الغنوشي الذي يدّعي القدرة في الإدارة والتسيّير، خلال المدّة النيابية الأولى في البرلمان فشله في إدارة البرلمان الذي أصبح يوميا مسرح فضائح يُشاهده التونسيين والعالم أجمع. مجلس عكس حقيقة المستوى المتدني والرديء لنواب حالفهم الحظ في دخول مؤسّسة سيادية مثل البرلمان، سياسة الغنوشي الضعيفة والفاشلة في إدارة المجلس وتفرّد مكتبه البرلماني بالقرارات وتسجيله للعديد من التجاوزات واتخاذه لقرارات تُهدّد سلامة النواب، جعلت من بعض النواب الأحرار تقديم عريضة لسحب الثقة منه وحدّد يوم الخميس 30 جويلية كموعد لجلسة سحب الثقة ولكنّ سياسة المكر والدهاء وشراء الذّمم المتخلّدة لدى الحركة الإسلاميّة ساهمت في بقائه على رأس البرلمان.  


''المعركة لم تكن بين الغنوشي وبين معارضين له وإنّما كانت معركة بين حرّية واستبداد، بين ديمقراطية ودكتاتوريات'' أفاد الغنوشي معتبرا أنّ بعض النواب كانت غايتهم التشفّي منه ومن النهضة وأكّد أنّ يوم 30 جويلية لم يكُن يوما تونسيا بل كان يوما عالميا لأنّه كان مشحونا بالرمزيات، مشيرا أنّ مشكلة النواب الذين أرادوا إزاحته من البرلمان ومشكلة تونس عامة هي وجود النهضة في الحكم وأفاد قائلا ''الثابت أنّ مشكلة تونس ليست الإستئصاليّين والإقصاء وإنّما مشكلة تونس وجود النهضة'' وأكّد قائلا ''لا نخشى الأصوات الرافضة لنا، لا نخشى الأصوات المُعادية لنا والمستقبل للحريّة والمستقبل للإسلام الديمقراطي''. 


كيف يُريد الغنوشي أن تكون حكومة المشيشي؟ 


''الديمقراطية ليست حُكم الكفاءات الديمقراطية هي حُكم الأحزاب'' بهذه الكلمات عقّب الغنوشي على تصريح رئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي الذي أعلن في أوّل تصريح إعلامي له يوم امس الأربعاء أنّ غايته تشكيل حكومة كفاءات قادرة على الحدّ من النزيف على مستوى المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية معتبرا أنّ تركيبة الحكومة آخر همّه. الغنوشي لم يُعجبه طبعا هذا التمشّي الذي يُكرّس أوّلا مصلحة البلاد، وأشار في تصريحاته أنّ الأحزاب السياسية بها كفاءات مشدّدا بطريقة غير معلنة أنّه يتعيّن على المشيشي اختيار وزراء حكومته من داخل الأحزاب مهما كان نوع الحكومة وتبقى بذلك مصالحه الحزبيّة الضيّقة أهمّ من البلاد. كما اعتبر راشد الغنوشي أنّ الطبقة السياسية اليوم وغيرهم من الذين يمقتون النهضة، أصبح لديهم أرق وقلق من الإسلاميّين كما أصبحوا يخافون منهم وأكّد أنّ حركة النهضة تُمثل الوحدة التونسيّة والوحدة الوطنية وأشار قائلا  ''لذلك نحن نادينا بحكومة وحدة وطنية لا تُقصي أحدا إلاّ من أقصى نفسه''.


اعتباره أنّ الديمقراطية ليست حُكم الكفاءات وإنّها هي حُكم الأحزاب، دليل على أنّ رئيس الحركة الإسلامية راشد الغنوشي رافض مبدئيا للتّمشي الذي اختاره رئيس الحكومة المكلّف هشام المشيشي في تشكيل حكومة كفاءات وحكومة انجاز اقتصادي واجتماعي وبذلك يواصل الغنوشي ككلّ المرّات إعلاء مصلحة حزبه فوق مصلحة البلاد وشعبها. 

يسرى رياحي




تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter