alexametrics
أفكار

أردوغان: زيارة حرب

مدّة القراءة : 2 دقيقة
أردوغان: زيارة حرب

 جاءت الزيارة الفجئية للرئيس العثماني رجب طيب أردوغان لتكشف بعضا من السلوك السياسي للرئيس التونسي اللغز قيس سعيد، ففي الوقت الذي كان التصور العام ينتظر من الرئيس التونسي الزيارة التقليدية للديبلوماسية التونسية نحو الجزائر ساعة تنصيب الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون أو ساعة جنازة أو تأبين القائد الأعلى للقوات المسلحة الجزائرية احمد القايد صالح، ليرابط قيس سعيد في قصره ينتظر قدوم اردوغان الذي دخل بطموحاته السياسية في مغامرات عسكرية توسعية شرقا وغربا وجعل علاقاته مع العالم الغربي تعرف توترا كبيرا.


دخل أردوغان إلى تونس في زيارة قوة حين أحضر معه وزير الخارجية ووزير الدفاع والمسؤول عن المخابرات في تركيا، فهي زيارة لا تحمل ابعادا إقتصادية ولا سياسية ولا ديبلوماسية (طبعا ليس لبيع زيت الزيتون) بقدر ما هي زيارة حرب بإمتياز، وفي المقابل لم يكن في قصر قرطاج ما يضاهي حجم الضيوف من النضراء لأن الحكومة التونسية لم تتشكل بعد.. أن يعقد الرئيس قيس سعيد هذا اللقاء مع الرئيس التركي أردوغان فهو دفع للديبلوماسية التونسية نحو المجهول من خلال الميلان نحو معسكر إقليمي محلي يتزعمه أردوغان وأحد ادواته هو السراج على حدودنا الشرقية، وقد سبق هذه الزيارة لقاء قيس سعيد بفايق السراج وزعماء قبائل الشرعية، وفي الأثناء تبدو علاقة القصر معدومة مع الحلف الآخر لمصر والإمارات وحفتر..


يبدو أن الإرتباك الذي تعيشه الديبلوماسية التونسية منذ الثورة سيزداد سيرا نحو المجهول حين يميح الرئيس نحو أحد الأحلاف ليفقد المشروعية في أية محاولة للوساطة والصلح والسلم في ليبيا.. لا أحد يمكنه أن يتكهن برؤية الرئيس قيس سعيد لعلاقاتنا الخارجية، فخلال شهرين كان الصمت يخيم على قصر قرطاج قبل أن يصبح هذا القصر عثمانيا لزيارة سمعنا بها من وسائل الإعلام التركية رافقها إهانة للصحفيين التونسيين في تغطية هذه الزيارة..


أكاد أجزم أن قصر قرطاج يفتقد لمختصين في الشأن الليبي لتبادر الرئاسة بمساعي سلمية في ليبيا، والمبادرة تقتضي من الرئيس السفر نحو العواصم الإقليمية والدولية من مصر والامارات وتركيا إلى فرنسا وإيطاليا وروسيا للبحث عن حلول سياسية تخفف التوتر على حدودنا الشرقية، ولعل المأزق الليبي المستمر منذ سنوات جعل الأطماع الإقليمية والدولية تحرك أدواتها في المنطقة وتجعل تونس على أبواب مخاطر لا يمكن التكهن بنتائجها..


يبدو ان قيس سعيد قد أنهى سماعه لأحد الحلفين: السراج، القبائل، وأردوغان.. وهو مطالب بسماع الحلف الآخر المكون من حفتر ومصر والإمارات.. وما بين الحلفين نحتاج لتنسيق موقفنا السيادي مع الشقيقة الجزائر لتحديد المخاطر..


لم تكن زيارة أردوغان لتونس سوى زيارة حرب في عمقنا الإستراتيجي في ليبيا، ونحن نعرف أن أردوغان هو زعيم حرب في العراق وسوريا وشمال تركيا وبدعم عسكري سياسي لقطر، وبالتالي فإن ويلات الحرب التي يريد أردوغان ان يزيد منها في ليبيا هي التي ستهدد امن تونس والمغرب العربي، وفي المقابل سيكون الحلف المصري الإماراتي أكثر ضجرا من الإتفاقية العسكرية بين تركيا وحكومة الوفاق.. وسيكون الدعم العسكري المصري الاماراتي مربكا للوضع وسيزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية والعسكرية..


نعتقد أن الديبلوماسية التونسية مع قيس سعيد ستعرف هزات إرتجالية مردها ديوان رئاسي فاقد للمختصين أو من ذوي الخبرة والرؤية.. هي ديبلوماسية مرتبكة واقع تحت ضغط الداخل السياسي التونسي وضغط غموض الرئيس في كيفية تطوير علاقاتنا الاقتصادية مغاربيا ودوليا.. هي ديبلوماسية تخلت منذ عهد المرزوقي والسبسي عن الحياد الإيجابي الذي يراعي قدراتنا الإقتصادية والعسكرية والأمنية.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter