alexametrics
أفكار

بدم بارد

مدّة القراءة : 2 دقيقة
بدم بارد

 

 

تسارع الأحداث في الشارع السياسي التونسي يوحي أن مصير هذا البلد تدفعه الأقدار أكثر من فعل أهله أو من يظن انه يؤثر بفعله في صيرورة الوقائع.

مجرد إستحضار وإستعادة شريط الأحداث وتواريخ الثورة نتأكد ان ما وقع في تونس فاجأ الداخل قبل الخارج. أذكر أني كتبت بعد الثورة مقالا بالفرنسية في إحدى الصحف اليومية تحت عنوان: ثورة اليد الخفية     "La Révolution de la main Invisible"   

هذا الإنطباع يعود بقوة اليوم بعد رحيل الرئيس الباجي قائد السبسي الذي بقدر ما كان إنتقاله إلى رحمة الله بقدر خفيفا سلسا وذكرى جميلة أحاطت بكل تفاصيل رحيله على جميع المستويات بقدر ما فتح طريقا لم يكن متوقعا بحيث لم يترك فرصة لأي طرف حتى يرتب بيته ويرسم خططه للحصول على الإستفادات السياسية الممكنة من منصب رئيس الجمهورية.

في أقل من شهر تحول المشهد السياسي من مأزق غياب المحكمة الدستورية إلى سلاسة في انتقال السلطة لم يتوقعها أكثر المتفائلين بتداعيات مأزق غياب المحكمة الدستورية.

في غياب المحكمة الدستورية والجلسات البرلمانية المهدورة في إنتخاب حصة البرلمان من أعضائها خيم على المشهد السياسي شبح الأزمة السياسية الحادة خاصة بعد الاضطراب واللغط الكبيرين نتيجة إدخال قائد السبسي للمرة الثانية للمستشفى العسكري بسبب أزمة صحية حادة وفق بلاغ الرئاسة. عاشت تونس فترة من الشك والاضطراب حول الحالة الصحية للرئيس، بعدما أشيع خبر موته، واندفع الخطاب السياسي في سيل جارف من النقاش والجدل حول الشغور المؤقت الدائم وحالة العجز وعن الجهة المخولة للفصل في الحالتين.

لكن ما حصل فاجئأالجميع.

كأن الرئيس, وهو ميت, مارس صلاحيات الرئيس في إتخاذ القرار الفاصل وبت في الأمر بشكل نهائي وأوجد الحل الدستوري والقانوني الذي لا يترك مجالا للفتاوي والتأويل والتوافقات لبيئة سياسة مهتزة وهشة ومضطربة وغارقة في فشل إستكمال المحكمة الدستورية.

لقد قرر الرئيس الراحل إنتقالا دستوريا للسلطة وتواصلا للدولة أسهل من شربة ماء. وأهدى البلاد صورة طافت بكل الكرة الأرضية تداولتها كل وسائل الإعلام ورفع من شأن الشعب التونسي وعلق على صدره نيشان المدنية والتحضر.

وهذا ما أعتبره جزء من فعل الأقدار الذي يضاف إلى كل ما أحاط ب14 جانفي وما بعده إلى اليوم.

الآن وبعد هذه الصورة الناصعة التي رسمها التونسيون في تشييع جثمان رئيسهم والإنتقال الدستوري للسلطة تبقى البلاد رهينة تصرف الأحزاب السياسية التي وضعها الباجي امام موعد إنتخاب سابق لأوانه لمنصب رئيس للجمهورية.

وهذا الموعد بعثر كل الوراق وخلطها باعتبار ان أجل التسعين يوما المنصوص عليه في الدستور هو الأجل الأقصى لنهاية عهدة رئيس مجلس النواب القائم بأعمال رئيس الجمهورية لذلك فهي تشمل حتما مراسم التنصيب وحلف اليمين للرئيس الجديد. وهذا ما لا يستجيب لرغبة العديد من الأطراف ولا يتناسب مع الاستعدادات لموعد الانتخابات التشريعية. دون التعقيب على موسم الانتقالات وفوضى القفز من حزب إلى غيره ومن قائمة إلى أخرى ؟؟؟؟؟؟

فهل ستحترم الأحزاب السياسية ما تفرضه الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها من تداعيات لم تحسب لها حسابا وخاصة تأثير صعود الرئيس الجديد على المزاج الانتخابي للشعب التونسي وقراره في إختيار ألوان النواب الجدد وحساسياتهم ؟    

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter