alexametrics
الأولى

عودة مدرسية ساخنة تنتظر التلاميذ !

مدّة القراءة : 4 دقيقة
عودة مدرسية ساخنة تنتظر التلاميذ !

  

يبدو أن حرارة الأجواء المحيطة بالشأن العام خلال هذا الموسم الانتخابي، لن تكون حكرا على الشأن السياسي فيما يتعلق بالانتخابات، والمنافسة الشديدة والإشكاليات الدستورية والقانونية، إذ ستتزامن هذه التغيرات السياسية مع الصراعات القديمة المتجددة، حيث ستطال وطأة المطالب النقابية الفترة الحساسة للاستحقاق الانتخابي الذي يترجمه صراع نقابة التعليم الثانوي مع وزارة التربية.


بعد شتاء ساخن أمضته السنة الدراسية الفارطة على المحك اثر سلسلة من أيام الغضب والإضرابات المتتالية للمربين بشتى المؤسسات التربوية وتعطل الدروس وشبح السنة البيضاء، إضافة للتصريحات النارية من كلتا طرفي النزاع كاتب عام جامعة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي ووزير  التربية حاتم بن سالم وما رافق ذلك من مسيرات احتجاجية للتلاميذ والأولياء، تسير هذه السنة بدورها وفق بعض المؤشرات على منوال السنة الفارطة، وهو ما أكدته تصريحات النقابي اليعقوبي وتأهبه لخوض نضالات جديدة، فرغم توقيع محضر اتفاق خلال السنة الماضية بتاريخ 09 فيفري 2019 و المصادقة عليه في إطار هيئة إدارية قطاعية بحضور، أمين عام الإتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، يعد اليعقوبي العدة لخوض جولات نقابية جديدة خلال هذه السنة الدراسية.

وقد أعلن اليعقوبي اليوم 19 أوت 2019 أن العودة المدرسية لهذه السنة ستكون عودة نضالية لافتكاك حقوق المدرسين التي لم يتحصلوا عليها في السنة الفارطة.

وتابع اليعقوبي في تصريح إعلامي أن أول المطالب على الساحة سيكون إصدار الأوامر المتعلقة باتفاق 9 فيفري  2019، وستنتهج النقابة التصعيد من أجل تفعيل الاتفاقية وتحقيق المطالب وفق تصريحه.

وتابع اليعقوبي أنه من مصلحة الجميع حكومة وتلاميذا وإطارات تربوية احترام التعهدات الممضاة منذ ثمانية أشهر من أجل عودة مدرسية في ظروف جيدة، مبينا أنه في صورة عدم احترام ذلك ستكون العودة للمطالبة بالحقوق وستنظر الهيئة الادراية في الخطوات النضالية القادمة.

وينص الاتفاق الممضي بين الطرفين على اعتبار التدريس ضمن المهن الشاقة المنصوص عليها في القانون، مع الأخذ بعين الاعتبار الشروط المستوجبة لإحالة المدرسين على التقاعد المبكر في سن ال55 سنة وذلك إما بتكليفهم بمهام بيداغوجية وإدارية إلى حين بلوغ السن القانونية للتقاعد (60 سنة) أو تمتيع الحالات المرضية الخاصة بالتقاعد المبكر (55 سنة) بعد عرضها على لجنة فنية مختصّة لدراستها والتثبّت منها.

كما تناول أيضا الزيادة في منحة العودة المدرسية لتكون قيمتها ما يعادل 75 بالمائة من الأجر الخام، خاضعة للخصم الضريبي.

كما تضمن الاتفاق إحداث ترقية إستثنائية للأساتذة والترفيع في منحة الباكالوريا والنظر في إمكانية تحسين منح العمل الدوري، وتنظير المديرين والنظّار في التعليم مع الخطط الوظيفية في قطاع الوظيفة العمومية، إلى جانب الإتفاق على دعم الميزانيات المخصصة للمعاهد والمدارس الإعدادية في إطار برنامج الإصلاح التربوي على أن يتم النظر لاحقا في ملفات الأساتذة المطرودين والموقوفين.

ولعل أولى المتناقضات التي ستواجه هذه المطالب هي القانون المنقح للتقاعد الصادر في ماي الماضي والذي ينص على أن نظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، تكون فيها سن الاحالة على التقاعد بـ 62 سنة وبـ57 سنة بالنسبة الى العملة الذين يقومون بأعمال منهكة ومخلة بالصحة. وهو مايتناقض مع ال55 سنة التي يطالب بها المدرسون وأمضت عليها الوزارة اضافة الى الصعوبات التي تمر بها المالية العمومية وفق تصريحات المسؤولين.

 

 

ومن المنتظر أن يتّم تفعيل كل هذه البنود خلال هذه السنة، بعد المصادقة عليها لكن اليعقوبي ودون أدنى انتظار ووفق نظرته الاستشرافية قرر إعلان خوض النضالات مسبقا، لعلها رسالة الى الوزارة للإسراع بتفعيل الاتفاق درءا لما يمكن أن يعقب ذلك من اضطرابات خصوصا وأن العودة المدرسية تتزامن مع الدور الأول والثاني للرئاسية، إذ ستجرى الرئاسية في دورها الأول يوم 15 سبتمبر المقبل وستكون العودة المدرسية يوم 17 سبتمبر، وسترافق هذه العملية توترات على سيرورة العملية التربوية وفق تصريح الوزير حاتم بن سالم، الذي عبر عن رفضه للخلط بين التاريخين نظرا لإجراء الانتخابات بالمؤسسات التربوية وما يخلف ذلك من عمليات تنظيم للأقسام وإعادة ترتيبها، مشيرا إلى أن ذلك من شأنها توتير الدراسة خاصة وأن السنة الفارطة وفق تصريحه شهدت احتجاجات من طرف موظفين من الهيئة احتجوا بالمدارس والإعدادية على عدم صرف مستحقاتهم المالية.

والعل هذا الاستعداد لخوض المسارات النضالية للمربين بقطاع الثانوي سينقل العدوى النقابية القطاعية للتعليم العالي أكثر وذلك على اعتبار الصراع بين إجابة ووزارة التعليم العالي الذي لم يقع حلحته وتسير الأوضاع نحو مزيد التأزم. 

كما شهدت هذه الصيفية تواتر التصريحات والتنديدات بين الوزير والنقابي اللذان دخلا في منطق حرب التصريحات، إذ  ندّدت النقابة العامّة للتّعليم الثانوي في بيان لها في 21 ماي 2019، بالتصريحات الّتي أفاد بها وزير التّربية حاتم بن سالم لجريدة الصباح التي قال فيها إنّ الإختبارات التطبيقيّة للبكالوريا رياضة في شكلها الحالي هي عنوان للفساد.

وعبّر كاتب عام النقابة لسعد اليعقوبي، عن إستياء أفراد الجامعة العامّة للتعليم الثانوي من اتّهامات وزير التربية الغير مسؤولة،  والّتي شكّك فيها بنزاهة المشرفين عن إمتحان بكالوريا الرياضة معتبرا إنّ هذا التّصرّف غريب من وزارة التربية تجاه امتحان وطني.

كما شهدت هذه السنة تطورا في نسق الصراع تمثل في الدخول في مسار التقاضي من خلال القضية التي رفعتها النقابة ضدّ الوزارة وذلك على خلفية قرارها في منشور لها بإرفاق الشهادة المرضية بالوصفة الطبيّة.

وقامت النقابة على إثر ذلك برفع قضية وربحتها لدى المحكمة الإدارية بالطعن في منشور وزارة التربية وبموجب ذلك أصبح الإجراء غير قانوني.

ولعل إعادة انتخاب اليعقوبي لعهدة أخرى في الكتابة العامة للتعليم الثانوي كان للإعتراف له على قيادته لإضرابات المربين وتوصله لإمضاء اتفاق مع الوزارة، لكن لربما يرى اليعقوبي أن النضال الذي يعتقد أنه بدأه إلى جانب رفاقه لن يكون حقيقة إلا بتفعيله واقعيا. بمجرد عودة الاضطرابات سيعود شبح السنة البيضاء يلوح في الأفق للعيان وذلك بالنظر الى مختلف الوقائعوالمعطيات وبمعرفة طبيعة القوة النقابية لنقابة بحجم نقابة التعليم الثانوي.

وعلى اعتبار الشرعية النضالية التي يتمتع بها اليعقوبي في أعين بعض المربين، الذين يرونه ''الجنرال'' والنقابي الفذ سيمهد  كل ذلك طريقا جديدا له لإتمام مسار تفعيل الاتفاق، ليضمن خروجا له برصيد مهم من العمل النقابي وتحقيق مكاسب مهنية للمربين، لكن ضريبة الاضطرابات سيدفعها التلاميذ من جديد كما سترافق الاضطرابات عملية انتخابية مهمة في محطة الرئاسية بدوريها الأول والثاني والتشريعية في أكتوبر المقبل مما سيجعل الصراع التربوي النقابي على أوجه وسط متغيرات سياسية أشد وقعا، لتكون هذه العودة المدرسية ساخنة أكثر من سابقتها.

سناء عدوني

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter