alexametrics
الأولى

الأخبار الكاذبة والزائفة... الأسلحة الحديثة لتوجيه الرأي العام

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الأخبار الكاذبة والزائفة... الأسلحة الحديثة لتوجيه الرأي العام

   كثيرة هي الأخبار الكاذبة والصور المفبركة والإشاعات التي تقدّم على أنها حقائق صارت تكتسح الفضاء الافتراضي وتلوّث مواقع التواصل الإجتماعي. . فالأخبار الكاذبة والمزيفة اجتاحت الشبكة العنكبوتية وصارت تؤثر على الرأي العام 

من بين هذه الإشاعات والأكاذيب خبر مفاده أن بعض النساء سيتظاهرن أمام البرلمان للمطالبة بتشريع تعدد الزوجات وهي إشاعة راجت بقوة على مواقع التواصل الإجتماعي وتفشت مثل النار في الهشيم فأحدثت صدمة كبيرة لدى رواد الأنترنات الذين رأوا فيها تراجعا عن مكاسب المرأة .. الخبر كان مرفوقا بصورة تظهر نسوة يرفعن شعارات تطالب بالتعددية الزوجية

 

وقد تم تداول الخبر بكثافة على صفحات الفايسبوك مما نتج عنه نقاش واسع النطاق وجه من خلاله البعض الشتائم إلى أصحاب هذه المبادرة واصفين النساء منهن بالرجعيات حتى أن البعض عمد إلى تسييس القضية ليعيدوا إلى الأذهان الحرب الذي دارت رحاها في فترة ما بين التقدميين والإسلاميين. .  وسائل الإعلام أخذت المشعل في ما بعد لتتناقل الخبر وتطرح المسالة من جديد معلنة عن تلك المظاهرة المزعومة عبر اعادة بث الاشاعة والتدوينات المنشورة على الفايسبوك وكأن المسألة صارت خبرا يقينا والحال أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اشاعة ملفقة رغم أنه كان يكفي التثبت من ذلك للتأكد من زيف الخبر 

 

فلئن كان رواد مواقع التواصل الإجتماعي يفتقرون للوسائل والأدوات التي تجعلهم محصّنين ضد هذه المغالطات فإن الصحفيين مطالبون بالتثبت من الأمر ومن مصداقية مصادرهم ليتأكدوا أن تلك الصورة كانت انتشرت على مواقع مغربية في 2018 قبل أن يفعل الفوتوشوب فعلته فيها عندنا في تونس وبالطبع كان بإمكان الصحفيين في هذه الحالة تحذير الناس وتنبيههم إلى أن الخبر كان كاذبا لكن فات الأوان على ذلك بما أن الخبر شاع وصار على كل لسان

هذه ليست سوى عينة ومثالا بسيطا للعديد من الأخبار الكاذبة والزائفة التي صارت تخترق يوميا الأحداث لتبث البلبلة في صفوف القارئ والمتلقي العادي الذي أصبح عرضة لسيل جارف من المعلومات ليس مؤهلا ليتبين الغث من السمين منها

 

مؤخرا وفي زمن غير بعيد راجت كذلك على مواقع التواصل الإجتماعي المفضل لدى التونسيين وهو الفايسبوك اشاعة وفاة الوزير الاول الأسبق محمد الغنوشي .. خبر تداولته أيضا بعض وسائل الإعلام على أنه صحيح ومؤكد مما دفع بالغنوشي إلى تكذيب اشاعة موته بنفسه وهو المصير ذاته الذي واجهه المناضل اليساري جيلبار نقاش. . ليلتها علمت زوجته من بعض أصدقاء الأسرة بأن وسيلة إعلامية والمصيبة أنها عمومية أعلنت عن رحيل زوجها الذي نشر تدوينة ليؤكد فيها أنه على قيد الحياة 

 

كان من السهل جدا التأكد من مدى صحة هذين  الخبرين لكن في بعض الحالات الاخرى كان  التثبت أصعب وحتى مستحيلا مما يشكل سلاحا فتاكا لمغالطة الجماهير والتلاعب بهم

  

هذه الظاهرة مرتبطة وثوق الارتباط بطبيعة مواقع التواصل الإجتماعي التي تخوّل لمن هب ودب أن ينشر ما يطيب له من زائف الأخبار والشائعات. . واقع قلب الأمور رأسا على عقب فبعد أن كانت الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية هي مصدر الخبر صار القراء يلجؤون للفايسبوك للتزود بالمعلومة .. هذا الموقع الإفتراضي جعل من الأخبار التي تجلب أكبر قدرا من التعاليق وعلامات الإعجاب او ما يعرف باللايكات هي التي تحظى بمقروئية أفضل من غيرها وبطبيعة الحال فإن الخبر الكاذب له حظ أوفر في الإنتشار والتداول بما يجعله أكثر تناولا ومحل جدل واسع النطاق بحثا عن المزيد من الإثارة

تونس لم تكن بمنأى عن هذه الظاهرة الكونية وهو ما جعل البعض يستغل أبشع إستغلال هذا السلاح قبل أن يستثمره رجال السياسة .. فليس أيسر من أن يعمد البعض لتشويه خصومهم إلى ترويج الأكاذيب والإشاعات المغلوطة على أنها أخبار موثوقة من خلال نشر صور مفبركة أو تصريحات أخرجت عن سياقها أو الترويج لنظرية المؤامرة. . وبما ان النتيجة مضمونة فإن البعض لا يتورعون عن إتيان ذلك

وزير التربية حاتم بن سالم كشف اليوم أنه اكتشف بمجرد تسلمه لمنصبه هذا أن موظفين إثنين في الوزارة كانا يشرفان على ما لا يقل عن 60 حسابا وهميا على الفايسبوك تهدف حسب روايته الى تشويهه وشتم ونشر إشاعات ضد بعض الأطراف والخصوم

 

وهي حادثة تكشف مدى رواج مثل هذه الممارسات بسبب انتشار الحسابات والصفحات الوهمية على مواقع التواصل الإجتماعي والتي أصبح البعض يتبعها بشكل احترافي

 والاكيد أن الناس ينزعون إلى تصديق الأخبار السياسية الكاذبة أكثر من غيرها وخير دليل على ذلك ما حدث خلال الإنتخابات الرئاسية الأمريكية الاخيرة .. فليس أسهل من بث البلبلة في صفوف الناس وتوجيههم إلى حيث نريد عبر نشر مقالات تتم إعادة نشرها على أوسع نطاق فيكفي أن يكون لديك حاسوب أو هاتف ذكي وسعة تدفق عالية للإنترنت وبعض البرمجيات لبلوغ مآربك 

فلا يوجد اي مجال للشك اليوم من أن كل أزمة سياسية أو محطة إنتخابية لا بد لها من أخذ نصيبها من الأخبار الزائفة لحساب رجل سياسة ما أو حزب معيّن .. فكثير هم المدونون المستعدون للقيام بهذه المهمة مقابل أموال طائلة يغدق بها عليهم المستفيدون بسخاء 

ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس صارت استراتيجيات التأثير على الرأي العام تستغل بشكل مفرط الإمكانيات والفرص التي تمنحها إياها الثورة الرقمية ولعل من أقوى أسلحتها وأكثرها تجليا ظاهرة الأخبار الكاذبة والزائفة

 ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter