alexametrics
الأولى

الطلبة التونسيون ضحية السياسة الفرنسية

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الطلبة التونسيون ضحية السياسة الفرنسية

 

 كان لقرار البرلمان الأوروبي المتعلق بمضاعفة معلوم التسجيل في الجامعات الأوروبية للطلبة غير الأوروبيين وقع الصاعقة على الطلبة التونسيين الموجودين بكثافة في كليات الطب والمدارس العليا للهندسة وللتجارة .. طلبتنا هم من اكثر المتضررين من هذا القرار الذي جعل آمال العديد منهم تتبخر في اللحاق بمؤسسات التعليم العالي في القضاء الأوروبي.

 

الا ان جامعة اكس مرسيليا اتخذت قرارا باعفاء الطلبة التونسيين من الترفيع في معاليم التسجيل فيها والتي فرضتها الحكومة الفرنسية ابتداء من السنة الجامعية المقبلة .. قرار جامعة مرسيليا اتخذ يوم 31 جانفي 2019 على اثر جلسة عمل عقدت بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سليم خلبوص ووفد عن جامعة اكس مرسيليا ترأسه عميدها إيفون بارلان الذي كان مرفقا بالسفير الفرنسي اوليفيي بوافر دارفور.

 الى جانب هذه الجامعة التي يؤمها حوالي 10 الاف طالب سنويا، احتجت اكثر من عشر مؤسسات جامعية أخرى على قرار الترفيع في مرسوم التسجيل والذي سيشمل الطلبة غير الأوروبيين مع العودة الجامعية لسنة 2019-2020.

 

وقد كانت الحكومة الفرنسية أعلنت يوم 19 نوفمبر عن استراتيجية جديدة من شأنها استقطاب المزيد من الطلبة الأجانب الجدد الى فرنسا وهي خطة تندرج في اطار سياسة لاسناد تأشيرات ومنح جامعية اكثر للطلبة الأجانب .. لكن بالتوازي مع هذا الإجراء تقرر الترفيع بشكل ملحوظ في معاليم تسجيل وترسيم الطلبة غير الأوروبيين .. فبدل ان يدفعوا 170 يورو (578 دينارا) بعنوان التسجيل للأساتذية و243 يورو (826 د) للماجستير و380 يورو (1292 د) للدكتوراه فان الطلبة غير الأوروبيين أصبحوا مطالبين ابتداء من السنة القادمة بدفع 2770 يورو (9418 د) للأساتذية و3770 يورو (12812 د) للماجستير والدكتوراه.. فإذا كانت هذه الخطة تأتي تحت شعار "مرحبا بكم في فرنسا" فإنه سيكون لا مفعول عكسي على الطلبة الأجانب الذين عبروا عن غضبهم من هذا الإجراء الجديد. الوزير الأول الفرنسي، إدوارد فيليب برر اللجوء الى هذا الإجراء بالتأكيد على انه "ليس من العدل ان يدفع طالب اجنبي ميسور الحال المعلوم ذاته الذي يدفعه طالب فرنسي من أسرة متواضعة الدخل والامكانيات يقيم ويعمل والداه في فرنسا ويدفعون الضرائب لفائدتها منذ سنوات".

 

المشكل هو ان فرنسا هي البلد المفضل لدى الطلبة التونسيين الراغبين في مواصلة دراساتهم العليا في الخارج تليها ألمانيا ثم رومانيا .. يذكر ان 45 بالمئة من الطلبة الذين يزاولون تعليمهم العالي في فرنسا هم أفارقة، 3,8 بالمئة منهم تونسيون والذين يمثلون 18,3 بالمئة من الطلبة الذين يؤمنون الجامعات الفرنسية للحصول على شهادة الدكتوراه.

 

فتونس من اكثر البلدان الممثلة من بين الطلبة الأجانب في فرنسا بما لا يقل عن 12300 طالب لتأتي بذلك في المرتبة الرابعة بعد المغرب (11,7 بالمئة) والصين (8,9 بالمئة) والجزائر (8,1 بالمئة) حسب إحصائيات وزارة التعليم العالي والبحث والتجديد الفرنسية لسنة 2017 . في المقابل تحتل تونس المركز الثالث من حيث عدد الطلبة الأجانب في مدارس الهندسة في فرنسا.

 

منذ الإعلان عن ذلك القرار أواخر سنة 2018، دعا الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا وفدرالية الجمعيات العامة للطلبة الى التعبئة العامة ضد الإجراء المتعلق بالترفيع في معالم التسجيل الجامعي.. وفي هذا الصدد استنكر العديد من رؤساء الجامعات الفرنسية هذا الإجراء الذي اعتبروه "تمييزيا" ويتعارض مع مبدأ "الجامعة مفتوحة امام الجميع" ومبدأ المساواة في المعاملة .. لكن احتجاج تلك المؤسسات الجامعية على هذا الإجراء والمطالبة بتعليقه لا يسمح لها بعدم تطبيق القانون.

 

من جهتها اعتبرت الحكومة التونسية ان هذا الإجراء "غير مقبول" مؤكدة رفضها له .. ففي هذا السياق صرح وزير التعليم العالي عبر أمواج إذاعة إكسبرس اف ام يوم الثلاثاء 29 جانفي 2019 انه "من غير المقبول ان يتم مضاعفة معلوم التسجيل 10 مرات بالنسبة الى الطالب الأجنبي الذي يرغب في الترسيم في جامعة فرنسية"، مضيفا ان المفاوضات جارية حاليا مع السلط الفرنسية للحصول على إعفاء لفائدة الطلبة التونسيين. كما لوح الوزير بانه "في صورة عدم مراجعة هذه المعاليم الجديدة في اتجاه التخفيض منها فان الدولة التونسية لن ترسل في المستقبل طلبتها المتفوقين والمتميزين للدراسة في فرنسا".

 

الأكيد ان الجامعات الفرنسية تبقى الخيار الأفضل بالنسبة الى عدد الطلبة التونسيين الذين يتوقون الى تعليم في مستوى راق أو حتى يبحثون عن فرص مفقودة في وطنهم .. فعامل القرب الجغرافي والتقارب الثقافي والامتياز الذي تمنحه إمكانية الدراسة في فرنسا، كلها عوامل تجعل من الجامعات الفرنسية مطمحا للطالب التونسي لبدء مسيرته المهنية في الخارج أو العودة الى تونس بعد استكمال مراحل تعليمه الجامعي.. وهي آمال وطموحات قد تتحطم على صخرة قرار جائر وانتقائي زاد في حدته تدهور قيمة صرف الدينار التونسي بما قد يقلص بشكل تام من فرص العديد من طلبتنا وهو على ما يبدو الهدف من قرار الترفيع في معاليم التسجيل بالجامعات.

 

هذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة الفرنسية والذي يتعارض مع الأهداف المعلنة من قبلها، يؤكد مرة أخرى بما لا يدع مجالا للشك عدم وضوح السياسة الفرنسية الحالية بخصوص الأجانب.. ففرنسا المتأرجحة بين رؤية ليبرالية وسياسة اكثر فأكثر صرامة في مجال الهجرة، يبدو أنها نسيت حاجتها لكفاءة الطلبة الأجانب ومساهمتهم في نموها واشعاعها على الصعيد الدولي...

 

 

(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)


 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter