alexametrics
الأولى

الاقتصاد يدفعُ ضريبة الفوضى السياسية !

مدّة القراءة : 2 دقيقة
الاقتصاد يدفعُ ضريبة الفوضى السياسية !


" الوضع الإقتصادي سيكون حرجا للغاية في 2020 و2021 لذلك من غير المسموح إضاعة المزيد من الوقت" كان هذا توصيفُ ممثل البنك العالمي القار بتونس توني فارهايجن بين في تصريح حصري لبيزنس نيوز في ديسمبر 2019. لكنّ اضاعة الوقت هي رياضة السياسيين المُفضلة- سياسيو المشهد المتشذرم والمُخجل الذي عقب التشريعيات وصدّر الاسلاميين والفاشيين للواجهة لتكون صراعاتهم أهّم من الأولويات الوطنية.

 

دُون رئيس حكومة، دون فريق حكومي مكتمل، دون برلمان يشتغل بصفة عادية، دون محكمة دستورية، دون وزير صحّة خلال وباء عالمي- نتجه الى أبشع أزمة اقتصادية دولية منذ قرن.  المالية العمومية تصل للخطوط الحمراء، القطاعات الأساسية في تراجع مستمر وبعضها شبه متوقف، المؤسسات العمومية مفلسة، سيتراجع الاستثمار الجملي بنسبة 4 فاصل 9 بالمائة إضافة إلى تقهقر الصادرات بنسبة 8 بالمائة والواردات بنسبة 9 فاصل6 بالمائة واختلال التوازنات المالية وارتفاع نسب البطالة وغيرها من المؤشرات الكارثية التي تدق ناقوس الخطر. التراجع في النمو سيفوق 7 نقاط ليستقر في حدود 6.5 بالمائة.  وزير المالية نزار يعيش أكد أنّ مداخيل الدولة الذاتية تراجعت بنسبة 4 فاصل6 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، مسببة فجوة في الميزانية بخمس مليارات ليرتفع عجز الميزانية إلى 7 . كما رجح الوزيرأن ترتفع نسبة المديونية تجاه الخارج إلى 85 بالمائة...

 

في المقابل ؟ باردو في صراع مع قرطاج، القصبة فقدت شرعيتها السياسية، رئيس الحكومة المغادر يمطر الادراة بالاقالات، الأحزاب تسابق الساعة للانضمام للحكومة القادمة بأيّ مقابل، النواب مشغولون بهواتفهم والبث المباشر على فايسبوك وتصدير الأزمات والعنف اللفظي والكراهية والتقسيم للفضاء العام.

 

تنسحبُ السياسة على الاقتصاد بشكل يجعل التعافي الاقتصادي رهين الاستقرار السياسي والحكومي والبرلماني، كاستثمار تونس تجربتها الديمقراطية لكسب ثقة الأطراف المانحة دوليا. المؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي تشترط مشاريع واضحة وسلما اجتماعية والتزاما بتفيذ شروط الاتفاقيات واسترجاع الديون، تتوازى مع استقرار سياسي وافاق سياسية واضحة تنظمها روزنامة الانتخابات والانتقال السلمي للسلطة.

 

أمام التعثر الحكومي وتغيير الحكومة في أقل من 6 أشهر وسيناريو ممكن لحلّ مجلس النواب (في حال فشل الحكومة في نيل الثقة) والمرور لانتخابات مبكرة، قد تختلط الأوراق وتتراجع المؤسسات المالية عن التزاماتها مع تونس أو تؤجل التفاوض الى حين استقرارالمناخ السياسي والاجتماعي. الفاعل الاقتصادي الثاني الذي تُهدد الأزمات السياسية بخسارته هم المستثمرون. الاستثمار يتطلب هو الاخر مناخا سياسيا مستقرا ومشروعا اقتصاديا وماليا واضحا طويل المدى -لا يتغير مع تغير كلّ حكومة. المستثمر يبحث عن الاستمرارية ولا يمكنه المجازفة بتغييرات جذرية في المنوال الاقتصادي والأولويات والاختيارات مع كل وزير جديد له رؤية مُغايرة عن من سبقه وقد يتجه الى مواقف أكثر راديكالية مثل عدم احترام الالتزامات المالية التي أقرتها الحكومات المُغادرة . تونس تحتاج الى تنقية مناخ الأعمال وطمأنة المستثمرين وفي صورة التوصل الى حكومة جديدة ومنحها الثقة فانها تحتاج الى اسناد برلماني لتمرير مشاريعها المالية، الأمر غير الممكن في ظل المجلس المتشضيّ وتحالفاته غير الثابتة التي تجمع يوما الاسلام السياسي بدُعاة محاربة الفساد وتجهمعم في اليوم التالي بمن قالوا أنهم "فاسدون" أثناء الحملات الانتخابية.

 

3 أيام قبل تقديم الأحزاب والائتلافات مرشحها لرئاسة الحكومة كتابيا لرئيس الجمهورية الذي يتولى اختيار الشخصية الأقدر، سيسعى الفاعلون السياسيون الى الايهام بالترحاب بتحالفات سياسية حول الحكومة، تحالفات هشّة لن تدوم طويلا وربما قد يعيد التاريخ نفسه وتفشل الحكومة المنتظرة في ارساء الاستقرار. حلقة مُفرغة، جعلت تونس تمر من حكومة الى حكومة دون أي تغيير حقيقي.

 

الخطأ ليس مرتهنا بالأشخاص أو الاختيارات، بل محل العلة هو النظام السياسي ذاته الذي يعيد انتاج الأزمة الى ما لانهاية ويُعطل الاصلاح الاقتصادي، لأنه يفترض حكومة مدفوعة سياسية لها سند برلماني يدعم تصورها الاقتصادي بينما البرلمان الحالي الذ يبدأ اخر الاسبوع عطلته البرلمانية  لم تكن حصيلته سوى ألبوم صور يتصدره نواب الكرامة رافعين  شعار رابعة، مخرجين ألسنتهم، مهددين زملائهم.. نواب الدستوري الحر معتصمين تحت غطائهم الورديّ.

عبير قاسمي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter