alexametrics
أفكار

إلى سمو أمير قطر

مدّة القراءة : 2 دقيقة
إلى سمو أمير قطر

 

سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني،

 

أتوجه إليك بهذه الرسالة لمعرفتي مدى حرصك وحرص القيادة السياسية والشعب القطري الشقيق على العلاقات القطرية التونسية التي حظيت بمكانة خاصة ومتميزة في السياسة الخارجية القطرية، سيما من طرف سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مما جعل من  قطر الشريك العربي الأول لتونس.

لكن هذه العلاقات تحتاج اليوم الى تدخل حازم وعاجل من جانبكم لوضع حد لبعض الإنحرافات الناجمة عن السياسات الخاطئة التي تنتهجها وسائل الإعلام القطرية  في الدوحة وفي الخارج في تغطيتها للتطورات الأخيرة في المشهد السياسي التونسي.

لا يخفى على سموك إن مفهوم الأمن القومي  للدول لم يعد اليوم مقتصرا على البُعد العسكري والإستعلاماتي والإقتصادي والتكنولوجي...، لكنه اتسع خلال السنوات الماضية ليشمل تهديدات غير مباشرة يُمكنها أن تؤدي إلى إحداث خلل في بنية المجتمع والدولة نتيجة الإستخدام السيئ أو غير المسؤول لوسائل الإعلام.

فلقد أصبح الإعلام بفضل الثورة التي طرأت على وسائل الإتصال من أهم الأدوات التي ترتكزعليها المخططات الإستراتيجية  للقوى الكبرى والدول التي حباها الله بموارد مالية ضخمة على غرار دولة قطر، التى كانت رائدة في العالم العربي وفهمت قبل غيرها أن استثمارتها في  وسائل الإعلام يمكن أن تصنع لها نفوذا وتجعل صوتها مسموعا على الساحتين الإقليمية والدولية بقطع النظر عن حجمها الجغرافي وعدد سكانها.

على صعيد آخر، لا يخفى على سموك أن حركة النهضة، الحليف المبجل لدولة قطر ولحركة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي التونسي منذ أن عادت قيادتها الى البلاد من المنفى عام 2011 وانخرطت في العملية السياسية،  تتحمل أمام الله والتاريخ وأمام عموم التونسيين والعالم، كامل المسؤولية عن  المأزق الذي آلت تونس وبات يهدد الدولة  والأمن القومي للبلاد والوحدة الوطنية للتونسيين، نتيجة الخيارات السياسية العشوائية والحسابات الخاطئة والإنحرافات عن أهداف ثورة 2011 وما يصبو اليه التونسيون من إرساء دولة حرة، عادلة يسودها السلم والإستقرار والرخاء.

إن حصيلة السنوات العشر التي تولت فيها النهضة وحلفاءها ومن والاها مقاليد الحكم  بدعم من أطراف دولية عدة من بينها دولة قطر، لم تكن سوى سلسلة من الخيبات والإنتكاسات المتعاقبة والنكث بالوعود والعهود، وتكريس الفئوية ونفوذ اللوبيات، وتفشي المناورات من أجل البقاء في السلطة.

فقد أفرغت سياسات حركة النهضة وانحرافاتها الديمقراطية التونسية الفتية من مضمونها وأجهضت طموحات التونسيين وتلاعبت بمسقبل البلاد تحت ذريعة الإنتقال الديمقراطي الذي تحول الى ورقة توت تحجب الفشل الذريع لمجلس النواب والحكومات المتعاقبة في تلبية ولو الحد الأدنى من طموحات التونسيين في الحياة الكريمة وبناء الدولة العادلة.

وعندما  حصل ما كان لا بد أن يحصل، لأن في تونس  مهما طال أمد البلاء، لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، ونزل التونسيون حشودا إلى الشارع  يوم عيد الجمهورية دفاعا عن حقهم في الحياة، واستجاب رئيس الدولة والقوات المسلحة التونسية لنداء الواجب من أجل إنهاء الكابوس ووضع حد للمهازل السياسية التي تسببت فيها النهضة وحلفاءها وكادت تعصف بالبلاد، وجدنا أن وسائل الإعلام القطرية، ذات لإشعاع  العربي والدولي الكبير،  سواء منها العاملة في تونس أو في الدوحة و في الخارج، قد اختارت بكل ثقلها وخبراتها في تغطيتها تطورات المشهد التونسي الحياد عن المهنية والموضوعية وانتهاج التحريض والمبالغة والإصطفاف مع الذين لم يوفوا بالعهد ولم يكونوا في مستوى الثقة التي وضعها فيهم التونسيون.

سمو الأمير، لن أثقل عليك بالتفاصيل حول هنات التغطية الإعلامية القطرية للأحداث التونسية الراهنة والتجاوزات التي قصدت إن في قنوات شبكة "الجزيرة" أو قنوات ا"لعربي"، أو في القنوات والصحف والمواقع التابعة لقطر في الدوحة والخارج، لأنها جميعا تقف ضد إرادة أغلبية التونسيين وطموحاتهم... لا حاجة هنا للتفاصيل، فسموك على علم بها وتعرفون أدقها.

لذا، ارجو من سموك بكل لطف واحترام إلزامهم بقيم المهنية والتوازن والموضوعية وتحكيم العقل...فالفترة عصيبة والعلاقات التونسية القطرية الراسخة في التاريخ تستحق أفضل من هكذا مشهد إعلامي مزري وجدال عقيم لا طائل من وراءه، والتونسيون ينتظرون من أشقاءهم في قطر  موقفا أفضل مما رأيناه  خلال الأيام القليلة الماضية، وهذا ليس عليكم بعزيز.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter