alexametrics
الأولى

ديكتاتوريّة الغنوشي وتغوّله في الحكم زعزعت النهضة وقياداتها

مدّة القراءة : 5 دقيقة
ديكتاتوريّة الغنوشي وتغوّله في الحكم زعزعت النهضة وقياداتها

حركة النهضة والمعروفة بالحزب الإسلامي الذي لعب دورا هاما في كلّ المحطات الإنتخابيّة بعد سنة 2011، وأصبح المحرّك الرئيسي لكلّ المفاوضات والحوارات من أجل تشكيل الحكومات على غرار حكومة الحبيب الجملي وحكومة إلياس الفخفاخ، عصفت بهياكله أزمة الإستقالات بعد أن لم ينفك هذا الحزب في التفاخر بوحدته وتضامنه الدائم. 

حركة النهضة التي تتظاهر بالتماسك واللّحمة بين كلّ قواعدها وهياكلها، هي من الداخل حرب من الإنتقادات والأراء والمواقف المختلفة وتخلّلها الديكتاتوريّة والتفرّد بالرّأي من قبل رئيس الحركة راشد الغنوشي وأتباعه من النهضة. المتمعّن جيّدا داخل الحركة الإسلاميّة يجد أنّها منقسمة ومشتّتة في حيث المواقف وطريقة التسيير وفي كواليسها تتمخّض العديد من التنافضات ولكن أمام الرّأي تخرج في حلّة واحدة ورأي موحّد من قبل المكتب التنفيذي الذي يُلزم الهياكل والقواعد بنفس الموقف مهما كان الإختلاف. 


ومع تتالي السنوات تبيّن للرّأي العام أنّ هذه الوحدة المزعومة بدأت تتفكّك وتُبرز أخطاء الحركة وأسرارها، نبدأ بإستقالة  أمين عام الحركة زياد العذاريمن كافة هياكل الحزب وتخلى عن منصبه القيادي وهذه الإستقالة هزّت الحركة الإسلاميّة وأثّرت فيها. العذاري كان مردّ استقالته قرارات الغنوشي خاصّة في القوائم الإنتخابيّة بالتشريعيّة وخاصّة اختيار الحبيب الجملي رئيسا مكلّفا بتشكيل الحكومة واعتبر أنّ النهضة تقوم بإعادة نفس أخطاء الماضي قائلا ''الزلقة بفلقة'' ومشيرا أنّ قرارات الحركة ستضع البلاد على سكّة محفوفة بالمخاطر لا نعرف تداعياتها و كلفتها. نيران الحرب الخافتة داخل النهضة لم تقف عند إستقالة العذاري فقط بل سياسة الغنوشي الديكتاتوريّة دفعت بالقيادي في الحركة الإسلاميّة زبير الشهودي إلى الإستقالة الذي له تجربة 33 سنة داخل الحركة وأعلن عن إنهاء كلّ مهامه القياديّة بها وندّد بأسلوب المحاباة الذي يعتمده الغنوشي في التعيّينات مشيرا أنّ الغنوشي بقد أقحم صهره رفيق عبد السلام وقيادات فاسدة قامت بتدليس إرادة الناخبين، ودعا الغنوشي إلى ضرورة أن يعتزل السياسة، قائلا '' أطلب منه اعتزال السياسة وأن يلزم بيته ومحرابه''.


سياسة النهضة الإستئصاليّة دفعت القيادي الجهوي بالحركة في قفصة علي الشرطاني، إلى الإستقالة من الحركة و"انسحابه نهائيا من تنظيمها"، قائلا "إن قيادة حركة النهضة عبّرت بكل وضوح عن سياستها الإستئصالية تجاهه دون مبرّر يذكر ودون أي حرج ولا أي توضيح". الشرطاني القيادي بالحركة منذ 40 سنة، أفاد أنّ السبب وراء استقالته يعود إلى عدم رغبة قيادة الحركة في استمرار وجود الأحرار في صفوفها كما وصفها باللاّديمقراطية. لم تتوقّف الإستقالات عند هذا الحدّ، حيث أعلن القيادي الشاب بحركة النهضة محمد غراد، يوم الأحد 16 جوان 2019، عن استقالته من مسؤولياته ضمن مكتب العلاقات الخارجية لحركة النهضة معلنا عن موقفه الرافض لتنقيح القانون الانتخابي بنية قطع الطريق على أشخاص بعينها رغم اتفاقه مع مبدأ تنقيح القانون. كذلك شهدت الحركة يوم  25 جويلية 2019،  استقالة عضو مجلس شورى حركة النهضة، حاتم بولبيار المنتمي لها منذ ثماني سنوات، بعد أن انتقد في وقت سابق القائمات الانتخابية لحركة النهضة وتعديلات المكتب التنفيذي بعد تغيّيره لأسماء رؤساء القائمات التي تمّ انتخابها بطريقة ديمقراطية. كما قدّم في نفس اليوم حافظ الوسلاتي الكاتب العام للمكتب الجهوي لحركة النهضة بالقيروان باسمه وباسم المكتب الجهوي استقالتهم إلى المكتب التنفيذي للحركة على خلفية القائمة المقترحة للانتخابات التشريعية معتبرين أنّها مسقطة. أيضا تخلّى لطفي زيتون عن صفته كمستشار سياسي لراشد الغنوشي يوم 8 جويلية 2019. وبالعودة لسنة 2013، نجد أنّ عضو مجلس الشورى رياض الشعيبي قدّم إستقالته في نوفمبر 2013  رافضا نتائج الحوار الوطني، وفي مقال له في الموقع الإلكتروني ''الجزيرة نت'' أكّد فيه أنّ قبول حركة النهضة بالتسوية مع أطراف المعارضة في جلسات الحوار الوطني يعدّ تنازلا منها لصالح الإنقلابيين على حد قوله.وفي مارس 2014، قدّم رئيس الحكومة الأسبق، حمادي الجبالي إستقالته من الأمانة العامة لحركة النهضة والتي كان  يتولاّها منذ 2012. أيضا أعلن عضو مجلس الشورى هشام العريض عن استقالته من الحركة بعد 10 سنوات انخراط صلب هياكلها، وفي نفس السياق قدّم زياد بومخلة كذلك استقالته من حركة النهضة لأسباب قال إنه يحتفظ بها لنفسه، وفق ما نشره على صفحته الرسمية فايسبوك.



مع اقتراب مؤتمر النهضة لإنتخاب رئيس جديد للحركة خلفا لراشد الغنوشي، أعلن القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي استقالته من حركة النهضة يوم أمس الأربعاء 4 مارس 2020، بعد 40 سنة تجربة في الحركة الإسلاميّة خرج الجلاصي عن صمته وكشف في نصّ إستقالته خور النهضة الخفي  وأشار أنّه لم يعُد يتحمّل سوء الحوكمة وإدارة الأفكار والموارد داخل النهضة موضّحا أنّ استنتج أنّ النهضة لا رغبة لها في تغيّير نمط القيادة الذي دعا له 547 من المؤتمرين في المؤتمر العاشر للحركة، وأفاد قائلا ''تمّ تدشين أهم تحوّل في تاريخ الحركة في نمط الحوكمة من المؤسسة التنفيذية الدامجة والمتنوعة والممثلة لكل مكونات الحركة والقادرة على احتواء نوازع التفرد الى ما سمي بخيار الانسجام''. باستقالته من الحركة الإسلاميّة صرّح الجلاصي أنّه بيّن الجلاصي أنه أصبح يبحث عن  نسخة جديدة من نفسه ويبحث عن هوية جديدة غير تلك التي وجدها في الحركة الاسلامية، واعتبر أنّ النهضة بسياستها الداخليّة الخاطئة لم تعد وفية لقيمها بسبب الدخول في الحكم والدولة وبيّن أنّه استقال حتى يتجنّب معركة كبيرة مثل النداء في 2015 التي كانت لها تكلفة سياسية للبلاد. الجلاصي في تصريح إعلامي بعد إستقالته أفاد قائلا ''لم يعد في النهضة شيء من القيم التي كانت فيها طيلة 40 سنة ولذلك غادرت. النهضة اصبحت توظيفا لثقافة الجماعة الاسلامية في شكل حزب. يوجد فجوة بين النهضة وقاعدتها الانتخابية وبين القاعدة النضالية والقيادات الحزبية.المنظومة الحزبية بمجملها مريضة واصبحت عبء على تونس''.

وعاد الجلاصي على المؤتمر الحادي عشر للنهضة معتبرا أنّ راشد الغنوشي يريد المواصلة في رئاسة الحركة الإسلاميّة وذلك بالتذاكي واختيار شخص قريب منه ليترأس الحركة وصرّح قائلا ''قيادات النهضة تعاملوا مع الدولة بمنطقة الغنيمة بطريقة سيئة ورديئة. النهضة تكرر خطأ الحزب الدستوري وبورقيبة ثم خطأ النداء والباجي قائد السبسي عبر محاولات الابقاء على الغنوشي.  تحدث مع شباب من كل الحساسيات من حزب العمال والوطد وكل الأحزاب تشهد نفس مشكل التهرم القيادي والتشبث بالمناصب. المؤتمر الحادي عشر هو المؤتمر الانتقالي ولو كان الغنوشي ينوي تمرير السلطة لبدأ في تفويضها تدريجيا لكنه لا ينوي المغادرة وسيبحثون عن اليات قانونية لتجديد عهدته''.


بعد إستقالة القيادات البارزة في الحركة الإسلاميّة تزعزع البيت الداخلي للنهضة وخرج المسكوت عنه والخفي إلى العلن وبان أنّ النهضة تدّعي على مرّ سنوات التماسك والوحدة داخل هياكلها ولكنّ حقيقتها ظهرت نتيجة ما كُشف للرّأي العام في رسالة الإستقالات المتتالية. وكما أكّد الجلاصي فإنّ النهضة  ساهمت في إضاعة خمس سنوات على البلاد من سنة 2014 إلى سنة 2019، وبسياستها الأنانيّة لن يكون لسنة 2020 أبوابا مفتوحة لإنقاذ البلاد إقتصاديا وإجتماعيا خاصّة وأنّ الغنوشي رئيس للبرلمان ورئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي له بالمرصاد. 




يسرى رياحي


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter