alexametrics
الأولى

هل تعمدت حركة النهضة إسقاط الفخفاخ أو وضعه تحت المراقبة؟

مدّة القراءة : 4 دقيقة
هل تعمدت حركة النهضة إسقاط الفخفاخ أو وضعه تحت المراقبة؟

 

يواجه رئيس الحكومة الياس الفخفاخ مؤخرا موجة من الانتقادات اللاذعة على خلفية التعيينات الأخيرة التي قام بها في ديوانه بتعيين أسامة بن سالم و عماد الحمامي كمستشارين برتبة و امتيازات كاتبة دولة و وزير تباعا. حيث اتهم سياسيون الفخفاخ بقلة المسؤولية و سوء اختيار توقيت تعيين مستشاريه، بقطع النظر عن هويتهم.

في وقت توحدت فيه الجهود الشعبية مع جهود الأحزاب و مكونات المجتمع المدني لإنجاح الحرب القائمة ضد فيروس الكورونا، و في وقت تم تأجيل مواضيع حياتية و إعلان الحظر الصحي الشامل و منع التجوال من السادسة مساء و إيقاف شرايين البلاد الأساسية و تعريض اقتصادها  للخطر، وفي وقت قام رئيس الحكومة فيه بقطع يوم من أجور الموظفين بالقطاع العمومي و الخاص على حد سواء للمساهمة في تمويل ميزانية البلاد و في وقت استنفرت فيه  تونس كل جهودها لتعبئة الموارد لصندوق 1818  قصد توفير السيولة اللازمة لوزارة الصحة لشراء المعدات اللازمة للتعقيم و الوقاية و توفير الإعاشة للعمال و الإطار الطبي و الشبه الطبي كان الجميع ينتظر من الياس الفخفاخ في المقابل حسن التصرف في الموارد المالية و ترشيد المصاريف على الأقل في الوقت الراهن و إلى حدود انتهاء الأزمة. لكن ما حدث كان العكس و تم تعيين عدد من الأسماء في مراكز مختلفة بالحكومة أخرها منير الكسيكسي و صابر عباس و جوهر المباركي و حنان الفتوحي و جوهر بن مبارك في انتظار القول الفصل في بن سالم و الحمامي.

 

تعيين بن سالم و الحمامي وان كان غير رسمي إلى حدود اليوم الخميس 30 أفريل 2020، كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير أو القطرة التي أفاضت الكأس، فرغم أن رئاسة الحكومة سلكت طريق اللا موقف و لم تؤكد أو تكذب في بلاغ لها ما نشره أسامة بن سالم على حسابه الرسمي إلا أنها فسحت المجال أكثر أمام التأويلات أو ما تداولته صفحات الفايسبوك و وسائل الإعلام حول مدى صحة المعطيات.

 

التعيينات، و خصوصا منها الثلاث الأخيرة، للثلاثي جوهر بن مبارك و عماد الحمامي و أسامة بن سالم فتحت الباب على مصراعيه أما سيل من التعليقات و الجدل في علاقة بحركة النهضة خصوصا، فهناك من اتهمها بالرغبة في إفشال الفخفاخ بتفخيخ ديوانه و إغراقه بإجباره على قبول وجوه اقترنت بالفشل أو بملفات غير قانونية. حيث اعتبر أصحاب هدا الرأي أن حركة النهضة التي وافقت في الدقائق الأخيرة على الفخفاخ و منحته أصواتها بعد أن فرضت عليه تعيين بعض الأسماء بعينها كمستشارين في ديوانه ومنهم الحمامي و بن سالم تعمدت اختيار شخصيات حولها شبهات فأسامة بن سالم عضو مجلس الشورى لحركة النهضة ، و صاحب قناة الزيتونة التي تنشط خارج القانون، وتحوم حولها شبهات بخصوص مصادر تمويلها، كما أنها خارجة على قوانين الدولة ومتحدية لقرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري و سبق له أن تقدم بقضية في حق رئيس الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري حيث اتهمه بالثلب و ربحها في ظروف غامضة انتقدها الكثير من القضاة في تديوينات أو في تصريحات إعلامية و تقدمت الهيئة في حقه بقضايا استعجالية في البث دون رخصة. وكذلك عماد  الحمامي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح وزيرا للنقل، سيهتم حسب ما علمنا  بملفات الصحة في رئاسة الحكومة، وقد سبق أن تولى 3 حقائب وزارية الصحة، ثمّ التشغيل والتكوين المهني، ثمّ الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة و لم يعرف عنه أنه كان ناجحا في أي حقيبة تقلدها بل أن الساحة الطبية إلى الآن تتندر بقصة سائق عماد الحمامي و تعتبر عهدته من أفشل المراحل التي عاشتها وزارة الصحة. أما جوهر بن مبارك فقد كان عراب المبادرة الثانية لتشكيل  حكومة الجملي و أحد أسباب فشلها حسب الجملي نفسه و لم يعرف عنه أيضا النجاح في أي مبادرة قام بها و لا يملك شعبية تسمح له بلعب دور الصمام.

 

رأي أخر اتجه في التفكير نحو التسليم بالقول أن حركة النهضة تتحرك وفق مصالح وحسابات غير قابلة للتنازل في اتجاه المزيد من التغلغل في مفاصل الدولة واحتلال المواقع بحيث تكون في كل هياكل الدولة أفقيا وعموديا، سواء في سلك المعتمدين أو الولاة أو الكتاب العامين أو المديرين العامين و حتى المستشارون الدين أحاطت بهم الفخفاخ ليكون تحت مراقبة الأعين الساهرة للشيخ رئيس الحركة راشد الغنوشي وأن تراقب كل شيء، وتتابع تحركات الجميع، وأن تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، سواء عن طريق قيادييها أو عن طريق من تعتقد أنهم قادرون على إسداء الخدمات لها، حتى وإن كانوا من خارجها، عن طريق دعمهم من وراء الستار و تصديرهم في مواقع قريبة من رئيس الحكومة ليكون تحت السيطرة و مضمونا.

 

الياس الفخفاخ نفسه لم يكن منتخبا من التونسيين، رغم ترشحه للاستحقاق الرئاسي و كان رصيده فيه يتجاوز الصفر بفاصل قليل، و رغم ترشح حزبه التكتل للاستحقاق التشريعي و لم يكن ممثلا بأي صوت و بالتالي لم يكن يعول على رصيده الشعبي أو مناصريه و مناصري حزبه بقدر ما كان يعول على فرض نفسه بالعمل و بالإصلاحات و باكتساب شعبية تسمح له بأن يكون الرقم الأصعب في ساحة فارغة تقريبا من الشخصيات الاعتبارية، حيث أن الوحيد الذي يملك شعبية محترمة هو الآن بصدد خسارتها و يسجل كل يوم نقاطا الى الخلف حسب ما تؤكده كل نتائج سبر الآراء، و تبدو الظروف الآن ملائمة للفخفاخ ليسجل نقاطا سواء له أو ضده فالوباء الذي يحاصر البلاد و الوضعية الكارثية على المستوى الاقتصادي ستجعل أي نتائج ايجابية و أي نجاح راسخا في الأذهان و يحمل صاحبه على الأعناق و أي فشل مسمار أخر يدق في نعش الجمهورية و طبعا سيدخل صاحبه مزبلة التاريخ و بالتالي فان حركة النهضة لن تسمح للفخفاخ بأن يكون رمز المرحلة و ستحاول إعاقته و إفشاله عن طريق ملأ ديوانه بمعارفها و المقربين منها و بالتالي المحافظة على وجودها في السلطة.

 

في حين يرى قسم أخر من السياسيين أن إن حالة الغضب الشعبي من تعيين عماد الحمامي وأسامة بن سالم مستشارين لدى رئيس الحكومة، تعود بالأساس إلى أنهما قياديان في حركة النهضة، و ساند تعيينهما الحزب بكل ما أوتي من قوة بل ذهبت النائبة جميلة الكسيكسي دبش إلى امر التونسيين بالشرب من ماء البحر لأجل عيون بن سالم و الحمامي  ولكنهما في الأخير ليسا سوى شجرة تغطي غابة التعيينات الأخرى في إطار اقتسام الكعكة حيث أن الفخفاخ سيعيين دفع أخرى من المستشارين المحسوبين على التيار و حركة الشعب.

 

الثابت هو ان حركة النهضة كفاعل اساسي في المشهد السياسي ستعمل جاهدة على البقاء في دائرة الضوء و المحافظة على رصيدها من المقاعد في الحكم و لن تتوانى ان خلى لها الجو في تعيين مناصريها و المقربين منها في المناصب الحساسة لافتكاك زمام الحكم و مقاليده سواء كان هدفها اسقاط حكومة الفخفاخ و تعيين حكومتها كما قيل قبل التصويت للفخفاخ أو كان هدفها دعم الفخفاخ و انجاح حكومته التي هي جزء منها.

 

حسام بن أحمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter