alexametrics
الأولى

في تونس : المؤسسات الاقتصادية تصارع من اجل البقاء

مدّة القراءة : 4 دقيقة
في تونس : المؤسسات الاقتصادية تصارع من اجل البقاء

في تونس: المؤسسات الاقتصادية تصارع من أجل البقاء

أشار رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال نقطة إعلامية عقدها مساء اليوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2020، إلى صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه تونس اليوم بسبب جائحة كورونا :"أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة " حسب تعبيره. هذا ما أكده أيضا أغلب المحللين الاقتصاديين على غرار عز الدين سعيدان الذي اعتبر في تصريح لجريدة ''حقائق أون لاين'' أنّ تسجيل تونس نسبة نمو سلبية بـ 21 فاصل 6 بالمائة  خلال الثلاثي الثاني لسنة 2020 سيؤدي إلى أزمة اقتصادية خانقة ستفوق أزمة الديْن العمومي التي عاشتها اليونان سنة 2010.

كذلك حذّر مقرّر لجنة المالية فيصل دربال من تبعات الأزمة الاقتصادية والتي تلوح  بإمكانية الإعلان عن حالة الإفلاس خلال الأشهر المقبلة. ولعلّ أبرز تجليات هذه الأزمة الإقتصادية هي وصول  العجز التجاري إلى 14 فاصل 9  بالمائة،  تجاوُز القروض الـ11 مليار دينار إلى 21 فاصل 5  مليار دينار و بلوغ الدين الإجمالي لتونس نسبة 85 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا بالإضافة إلى الإنكماش الاقتصادي الذي بلغ  نسبة 21 فاصل 6  بالمائة خلال الربع الثاني من السنة الحالية 2020.

المؤسسات الاقتصادية الخاسر الأكبر

هذه الصعوبات الاقتصادية أثرت بطريقة مباشرة على المؤسسات الاقتصادية، في هذا الإطار أجرت الحجرة  التونسية الألمانية  للصناعة والتجارة دراسة استقصائية نشرتها اليوم الثلاثاء 3 نوفمبر وشاركت فيها 111 مؤسسة تشتغل في تونس وينشط أغلبها في القطاع الصناعي. و تندرج هذه الدراسة التي رصدت أراء المؤسسات الاقتصادية في ظل جائحة كورونا وأمام تسجيل تونس لنسبة نمو سلبية، في إطار سلسلة من الدراسات التي تجريها الحجرة الألمانية للصناعة والتجارة حول "التوقعات الدولية للأعمال".

و بحسب هذه الدراسة، عبّرت المؤسسات عن "قليل من التفاؤل" فيما يخص الوضع الاقتصادي في ظل انتشار فيروس كورونا، و أبدت المؤسسات  التي شملها الاستطلاع "ثقة نسبية" في الوضع التجاري لمؤسساتها (46 بالمائة يتوقعون نموًا في الأشهر الـ 12 المقبلة) هذا وأفاد 40 بالمائة من المؤسسات المستجوبة  بأن " الوضع الاقتصادي سيتدهور خلال السنة المقبلة".

المؤسسات المستجوبة كانت أقل تفاؤلاً فيما يخص النمو الاقتصادي، فبالنسبة لهذه المؤسسات :"عدم وجود استقرار في  السياسة الاقتصادية وانخفاض الإقبال والطلب على المنتجات والخدمات يُهدد نموها الاقتصادي''.

ولمواجهة آثار أزمة كورونا و ما ترتب عنها من أزمة اقتصادية، تُخطط 51 بالمائة من الشركات المستجوبة  لخفض تكاليفها فيما يعتبر 66 بالمائة من المستجوبين أنهم  قادرون على الاحتفاظ بنفس خطة التوظيف.

في خصوص الإستثمار، استبعدت أغلب المؤسسات المشاركة في هذه الدراسة نيتها التوجه إلى الإستثمار في الوقت الحالي حيث أكدت 60 بالمائة من هذه المؤسسات :"تأجيل خططها الاستثمارية". فيما عبر  26 فاصل 4 بالمائة  من هذه المؤسسات عن إعتزامهم التقليل في الاستثمار في مواقعهم الدولية خلال الفترة المقبلة.

 ولعلّ إجراءات الحجر الصحي العام التي أعلنت عنها تونس وعدة دول حول العالم منذ شهر مارس الماضي وتواصل فرض إجراءات استثنائية للسفر رغم رفع الحجر العام وفتح المطارات،  أدت إلى تعطيل التجارة الدولية وعمليات التصدير والتوريد فبحسب دراسة الحجرة التونسية الألمانية للصناعة والتجارة تعتقد 78 بالمائة من المؤسسات  أنّ قيود السفر تلقي بثقلها على أعمالها. وأكدت 59 بالمائة من المؤسسات المستجوبة  أنها بحاجة إلى دعم لرحلات العمل، خاصة إلى ألمانيا.

موجة ثانية تنذر بالخطر

أما بالنسبة للأسواق الدولية، أفادت أكثر من  84 بالمائة  من المؤسسات أنّ ألمانيا "منطقة مفضلة"  للعثور على موردين جدد، وعبّرت  59 بالمائة من المؤسسات  المشاركة في هذه الدراسة عن رغبتها في إنشاء أعمالها في ألمانيا وتفكر هذه الشركات حسب دراسة الحجرة الألمانية التونسية للصناعة والتجارة  في نقل موقعها  أو إنتاجها بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية.

أمام الظرفية الاقتصادية الحرجة  والتحديات الحكومية التي تعيشها تونس بسبب جائحة كورونا،  تشكك 70 بالمائة من المؤسسات في إمكانية التعافي الاقتصادي السريع  وترجح المؤسسات الاقتصادية المستجوبة إمكانية العودة إلى الوضع الاقتصادي الطبيعي إلى سنة  2021 أو حتى  2022.

ولمواجهة جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي ترتبت عنها، تُخطط المؤسسات الاقتصادية إلى التوجه للرقمنة  حيث أشارت الدراسة الاستقصائية التي أعدتها الحجرة التونسية الألمانية للصناعة والتجارة إلى أنّ :"من بين التدابير المخطط لها لمكافحة تداعيات فيروس كورونا على شركاتهم، تمثل الرقمنة أحد الحلول الرئيسية" حيث  تخطط 57 بالمائة من المؤسسات التي تم استجوابها  لتعزيز الرقمنة داخل مؤسساتها.

 

في نفس الإطار، أعد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بالتعاون مع وكالة النهوض بالصناعة والتجديد استبيانا خلال شهر أكتوبر الفارط لقياس مدى استعداد المؤسسات التونسية لمجابهة الموجة الثانية من فيروس كورونا، هذا الاستبيان شمل  752 مؤسسة تنشط في قطاع الخدمات، الصناعة والتجارة موزّعون على  24 ولاية. هذا الاستبيان أظهر أنّ  65 بالمائة من المؤسسات المستجوبة تتوقع انخفاضا في رقم معاملاتها في ظل الموجة الثانية لفيروس كورونا وترجح  حوالي 71 بالمائة من المؤسسات تجاوز انخفاض معاملاتها إلى 20 بالمائة.

كذلك أكدت المؤسسات خلال هذا الاستبيان أنّ الموجة الأولى لفيروس كورونا، أدت إلى تراجع كبير في نسبة معاملاتها حيث تحدثت  30 بالمائة من المؤسسات الصناعية عن تسجيلها لتراجع بلغ نسبة 30 بالمائة من أرقام معاملاتها وأفاد الاستبيان أنّ أكثر القطاعات التي تأثرت سلبيا من الموجة الأولى هي :" قطاعات النسيج والصناعات الغذائية  وترتفع هذه النسبة إلى 40 بالمائة بالنسبة للمؤسسات التي تشتغل في قطاع  الخدمات".

أما فيما يتعلق بالإستعداد للموجة الثانية، أكدت 29 بالمائة من المؤسسات الصناعية المستجوبة أنهم :" قاموا  بوضع إستراتيجية، أو أنهم بصدد إعدادها " مع العلم وأنّ الموارد المستغلة هي أساسا بشرية ومالية  وأكدت 18 بالمائة من المؤسسات المشاركة في الاستبيان  أنها قامت ببذل جهود إضافية للترفيع في قدرات العمل عن بعد.

وفي خصوص البروتوكول الصحي، أفادت  63 بالمائة من المؤسسات أنها قامت بإعداد بروتوكول صحي خاص للتعامل مع الموجة الثانية الخاصة بفيروس كورونا وتعلقت أهم القرارات الخاصة بهذا البروتوكول بإجراءات لوجستية على غرار اقتناء تجهيزات (المحلول الكحولي المائي والكمامات) وتكوين العاملين حول إجراءات السلامة.

ومن بين المقترحات التي تقدمت بها المؤسسات لمواجهة الموجة الثانية من الجائحة، أكدت المؤسسات خلال مشاركتها في هذا الاستبيان على ضرورة اللجوء إلى أشكال تمويل أخرى ومراجعة شروط الضمان مع البنوك.

 

 أكد وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي في تصريح لإذاعة إكسبراس أف أم صباح اليوم الثلاثاء 3 نوفمبر، أنّ الوضع الاقتصادي صعب لكنّه لا ينذر بالإفلاس وتحدث في مداخلته الإذاعية عن تراجع  المداخيل الجبائية وغير الجبائية بـ 8 مليار دينار يعني 25 بالمائة من مداخيل تونس بسبب إجراءات الحجر الصحي العام. يأتي تصريح وزير المالية في الوقت الذي تعجز فيه تونس عن توفير السيولة للمؤسسات الاقتصادية مما أدى  الى فقدان  161 ألف موطن شغل وإفلاس أكثر من 1000 مؤسسة اقتصادية وفي نفس الوقت ارتفعت مصاريف الميزانية بـ 4 فاصل مليار دينار وارتفعت نسبة البطالة الى حدود 18 بالمائة .

 

على الرغم من تعدد الوعود منذ حكومة إلياس الفخفاخ وصولا إلى حكومة هشام المشيشي، لاتزال المؤسسات الاقتصادية تصارع للبقاء أمام إجراءات بقيت حبرا على ورق وبين أروقة  وزارة المالية.  

 

رباب علوي 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter