alexametrics
الأولى

منع السياحة الحزبية: هل هو حق أريد به باطل؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
منع السياحة الحزبية: هل هو حق أريد به باطل؟

صوتت لجنة النظام الداخلي بمجلس النواب أمس الأربعاء 6 ماي 2020 على تعديل المادة 45 من النظام الداخلي التي تنص على أنه في حال استقال عضو مجلس نواب الشعب من الحزب أو القائمة أو الائتلاف الانتخابي الذي ترشح تحت اسمه أو الكتلة التي انضم إليها، فإنه يفقد آليا عضويته في اللجان النيابية وأي مسؤولية في المجلس تولاها تبعا لانتمائه ذاك.

 

و صوتت لجنة النظام الداخلي على تعديل النص ليصبح كالاتي:

فقرة اولى: اذا استقال عضو مجلس نواب الشعب من الحزب او القائمة او الائتلاف الانتخابي الذي ترشح تحت اسمه او الكتلة التي انظم اليها فانه يفقد اليا عضويته في المجلس ويؤول الشغور في ذلك الى الجهة التي استقال منها.

فقرة ثانية: ويُستثنى من احكام الفقرة الاولى النواب المستقلون والمنتمون لكتل الائتلاف البرلمانية الذين يفقدون اليا عضويتهم في اللجان النيابية واي مسؤولية في المجلس او اي مسؤولية اخرى تولوها تبعا لانتمائهم ذاك. ويسري فقدان المسؤولية باثر فوري ويؤول سد الشغور الى الكتلة التي كان ينتمي اليها المعني بالأمر.

 

مقترح التعديل وجد ترحيبا و اجماعا من النواب خلال اجتماع لجنة النظام الداخلي و اعتبروه نهاية للسياحة الحزبية و لمركاتو انتقالات النواب، في حين أن عدد كبيرا منهم سبق له ان غير حزبه أو كتلته النيابية، ف11 نائبا استقال من كتلة قلب تونس و ثلاثة نواب استقالوا من حزب الرحمة و ثلاثة نواب استقالوا من ائتلاف الكرامة  و غيرهم.

موضوع السياحة الحزبية ليس جديدا على مجلس النواب سواء في نسخته الحالية او النسخة الماضية فقد شهدنا أكثر من سيناريو و اكثر من حادثة، منها كيف انقسم الحزب الحاكم نداء تونس الى  جزئين في المرحلة الأولى و ثلاثة أجزاء في مرحلة أخرى و رأينا كيف ولد حزب حاكم من رحم مجلس نواب الشعب كما هوا الحال مع تحيا تونس الدي انشق عن نداء تونس و شكل التحالف الحاكم مع حركة النهضة و الأمثلة كثيرة، فهناك أحزاب اندثرت تماما بسبب السياحة الحزبية و بسبب افراغها من ثقلها البرلماني مثلما حدث مع حزب "الاتحاد الوطني الحر" الذي يتزعمه  سليم الرياحي، و حزب "العريضة الشعبية" الذي أسسه الهاشمي الحامدي، وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي كان يتزعمه الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.

 فالثابت أن النظام السياسي في تونس فيه خلل ما  يجب اصلاحه، و يجب اصلاحه جذريا لكن بعد تنظيم جلسات حوار و الاستئناس براي الخبراء في القانون و الدستور و بعد تنظيم ندوات فكرية حول الموضوع ثم التوجه نحو الحل الاسلم.

 

 فرحة النواب بمقترح انهاء السياحة الحزبية  لم تدم طويلا فقد تبين أنه غير دستوري، لانهم لم يأخذوا لوقت الكافي قبل اطلاق المبادرات و المقترحات، فليس من العيب أن يجهل النواب القانون  فأغلبهم لا يحمل تكوينا قانونيا و ليس من العيب أن لا ينتبه النواب  لعدم قانونية التعديل و ليس من  العيب أن يجهل النواب بالدستور وهم حماته لكن العيب هو عدم الاستماع لاهل القانون و مختصيه و عدم اشراكهم في الموضوع قبل تقديم المشروع و المصادقة عليه صلب لجنة النظام الداخلي، و العيب أن يكون احترام القانون اخر هم من انتخبهم الشعب لحماية الدستور و القانون.

الخبير الدستوري أمين محفوظ أشار إلى أنه لا يمكن التصويت على هذا النص في جلسة عامة حيث يتم انتخاب النائب مباشرة من قبل الشعب وليس من قبل الأحزاب، و يتمتع كل عضو بكامل حقه في ممارسة حرياته وحقوقه الدستورية ويتحمل وحده نتائجها السياسية.

و ذهب الخبير في القانون الدستوري سليم اللغماني إلى أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أن النظام الداخلي للمجلس في الفصل 45 ينص على أن استقالة النائب من الحزب أو الائتلاف الحاكم تجعله يفقد اليا العضوية في اللجان البرلمانية و يفقد أي مسؤولية في المجلس تقلدها تبعا لانتمائه الحزبي، و بالتالي سيكون أي عمل على تعديله غير دستوري فيجب تغيير القانون الانتخابي و ليس النظام الداخلي للمجلس ففقدان عضو مجلس النواب لعضويته بالمجلس و لصفة النائب لا يتعلق بالنظام الداخلي للمجلس بل بالقانون الانتخابي.

و اضاف اللغماني، وهو ما لم يتفطن اليه نوابنا الأكارم، أن نفس ما تضمنه الفصل 45 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المراد تنقيحه ورد في الفصل 39 من القانون الانتخابي، و لم يطلب نوابنا تنقيح القانون الانتخابي أي انهم سيسمحون بالشيء و نقيضه في نفس الوقت و هو ما سيخلق اشكالا دستوريا و قانونيا كبيرا قبل أن يختم تدوينته بالقول أن ما يقوم به النواب يندرج في خانة الهواية و ابعد ما يكون عن الجدية و الاحتراف.

 

بغض النظر عن الجدل القانوني للمشروع المقترح  و ما أثاره من حبر و لغط في الأوساط القانونية و رغم الاجماع الحاصل من كل المتدخلين في المشهد السياسي على ان النظام السياسي ككل فيه خلل ما و يجب العمل عليه و رغم ايمان أصحاب الرأي المخالف للمشروع بأن السياحة الحزبية غير جيدة و يجب الحد منها الا ان ما دفعهم الى رفض المشروع هو اخفائه لغابة من المساوئ فالنواب ليسوا قطيعا من الغنم أو أدوات للزينة يجب حصرهم في النظام الحزبي و ربط وجودهم بانتمائهم للحزب و من غير المعقول أن يتم اقصاء النائب من مجلس النواب لأنه ترك حزبه بقطع النظر عن السبب فقد يكون الحزب دكتاتوريا و غير قادر على قبول الراي المخالف و قد تكون هناك أسباب عميقة حقيقية وراء قرار النائب بالاستقالة من الحزب.

الرافضون لمقترح منع السياحة الحزبية أكدوا أن مشروع القانون جاء لإفراغ دور النائب من جدواه و جعله مجرد ديكور في الحزب و المجلس ومكلف فقط بتنفيذ اوامر الحزب و بالتالي ضمان الاستقرار السياسي حتى و ان كان على حساب المواطن فيكفي ان يتفق حزبان أو ثلاثة على بعض النقاط ليتم تمريرها.

 

الثابت كما أسلفنا القول ان الاصلاح لا يجب ان يكون  نابعا من رغبة حقيقية و مرفقا بالآليات التي تسمح له بالنجاح و منها الاستعانة برأي الخبراء و فتح باب الحوار و النقاش بدل المناورة و البحث عن وضع النواب و الشعب امام الأمر الواقع.

حسام بن احمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter