alexametrics
الأولى

لماذا قرر البنك المركزي التونسي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
لماذا قرر البنك المركزي التونسي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ؟

 

لم يتضمّن البلاغ الصادر عن البنك المركزي التونسي، عقب اجتماعه الدوري الأخير، ما دأب البنك على الإعلان عنه في آخر كل بلاغ أي عبارة "قرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الإبقاء على نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي" .. فعلى غير العادة قرّر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، أمس الثلاثاء، الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي ب100 نقطة أساسية لترتفع من 6,75 الى 7,75 بالمائة .. ويبدو أن اتخاذ القرار الصعب لم يكن هيّنا، باعتبار أنه تطلّب عقد اجتماعين (16 و19 فيفري 2019) وهو أمر غير مسبوق.

 

الأكيد أن صاحب القرار أي مجلس الإدارة أراد أن يوجه إشارة قوية حول المخاوف المحدقة بخصوص إمكانية مزيد تدهور الوضعية الإقتصادية، في صورة بقي الوضع على حاله  .. لا شك أن المجلس أخذ في الإعتبار انعكاسات الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى السياسة النقدية منذ سنة 2016.

 

ولئن ساهمت تلك الإجراءات في التباطؤ النسبي الذي شهده نسق التضخم خلال جانفي 2019 ليتراجع إلى حدود 7,1 بالمائة، بعد أن بلغ 7,3 بالمائة  في المعدل خلال كامل سنة 2018، فإنها لم تكن كافية لوضع حد للمخاوف من الآفاق التضخمية.

 

 

كما أنه من المرجّح أن "يواصل التضخم الأساسي، (الذي تجاوز عتبة 7 بالمائة)، نسقه التصاعدي خلال الفترة المقبلة"، حسب نص بلاغ مجلس الإدارة.

 

حتى الإنخفاض الطفيف المسجّل في نسبة التضخم في جانفي 2019 مقارنة بسنة 2018 فإنه يرجع بالأساس إلى تغيير طريقة احتساب مؤشر الأسعار عند الإستهلاك والتي تم اعتمادها مع بداية العام وليس إلى تحسن الوضعية الإقتصادية ككل .. كما أن البنك المركزي نبّه إلى مؤشرات أخرى غير مطمئنة بسبب آثارها وانعكاساتها التضخمية.

 

القروض مازال متاحة

قدّرت السلطة المالية أنه رغم الترفيع المتتالي في نسبة الفائدة المديرية، قصد التقليص من الطلب الكبير على القروض، وخاصة القروض الاستهلاكية والقروض بعنوان التوريد، فقد اضطرت للاستجابة لطلبات التمويل القياسية المتأتية من البنوك .. فقد منح البنك المركزي قروضا باعتمادات جملية تجاوزت 17 مليار دينار بعنوان إعادة التمويل، حتى تتمكن البنوك التونسية من الإستجابة لطلبات حرفائها (أشخاص ومؤسسات) من القروض..

 

كما أن الحجم الجملي للمبالغ المخصصة لإعادة التمويل المسندة من البنك المركزي بلغ اليوم مستوى 16 مليار دينار، مقابل 5ر1 مليار دينار في 2010 و6 مليارات دينار في 2016 و12 مليار دينار في بداية 2018 وهو ما يعني أن اللهفة وراء طلب القروض مازالت متواصلة .. فعوض أن يقع ترشيد الطلب على القروض، لوحظ إقبال استباقي جنوني على الاقتراض .. فهل يعني ذلك أنه كان لزاما على البنك المركزي التونسي أن يقرر الترفيع بنقطة في نسبة الفائدة المديرية؟ والجواب هو قطعا نعم.

 

المؤشر الثاني يتعلق بالتجارة الخارجية فقد سجّل الميزان التجاري خلال شهر جوان 2019 عجزا مفزعا يقدّر ب 5ر1 مليار دينار، مقابل 2ر1 مليار دينار في جانفي 2018 أي أن العجز التجاري مازال في انخرام متواصل، بعد أن بلغ رقما قياسيا في 2018 تجاوز 15 مليار دينار .. فهذا العجز أصبح يشكل آفة حقيقية على الإقتصاد الوطني .. حتى أن التطورات الإيجابية للعائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج لم تمكّن من تغطية تفاقم عجز الميزان التجاري، مما أثر سلبا على الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي تراجعت إلى مستوى 84 يوم توريد في موفى 2018، مقابل 93 يوم توريد في 2017 وهي حاليا في حدود 85 يوم توريد وقد أمكن الحفاظ على هذا المستوى بفضل الخيار الذي اتبعه البنك المركزي بتيسير عملية انزلاق الدينار، مراهنا بذلك على الترفيع في نسبة الفائدة المديرية والتقليص من نسبة الصرف وهما السبيلان الوحيدان لكبح التوريد وخفض مستوى عجز الميزان التجاري  (15 %) وميزان الدفوعات الجارية (11 %) من الناتج الداخلي الخام وهي أرقام مفزعة وغير مسبوقة.

 

إيقاف نزيف العجز التجاري مهما كان الثمن

 

لكن هل أن كل العوامل السابق ذكرها تعد مبررا وجيها للقرار الذي اتخذه البنك المركزي التونسي بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية؟ .. هذه المؤسسة أضافت سببا آخر تخشى انعكاساته التضخمية وهو الزيادات في أجور القطاعين العام والخاص في سنة 2019 وهي زيادات إن لم يتبعها ارتفاع في الإنتاج أو تحسُّن في الإنتاجية فسيكون لها انعكاسات وخيمة على المستوى العام للأسعار وبالتالي على التضخم.

 

السؤال المطروح والذي سيثير بلا شك نقاشا وجدلا مطوَّلين .. ألا يمكن أن يؤدي هذا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية، إلى التخفيض من نسق النمو ؟ .. بالنسبة إلى البنك المركزي لابد من تضحيات لحلحلة الوضع الراهن .. تضحيات ستعاني منها البنوك التي رضخت لإجراءات أخرى سابقة تهدف إلى ترشيد الحصص المخصصة للقروض الموجهة للحرفاء .. وفي ظل هذه المعطيات جميعا تجد الأسر التونسية نفسها أمام أمرين أحلامها مرٌّ .. إما تحمُّل غلاء المعيشة والوقوف عاجزة أمام تدهور قدرتها الشرائية .. أو اللجوء إلى الاقتراض بنسب فائدة مرتفعة بما يؤثر على مستوى عيشها .. أي أن المواطن التونسي صار بين المطرقة والسندان .. يعيش ليقترض أو يفترض ليعيش.

 

 

(ترجمة للنص الأصلي بالفرنسية)

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter