alexametrics
الأولى

كلفة اللامغرب.. تسببت فيها السياسات وتدفع ثمنها الشعوب

مدّة القراءة : 4 دقيقة
 كلفة اللامغرب.. تسببت فيها السياسات وتدفع ثمنها الشعوب

 

لا يختلف اثنان في أن كلفة اللاَّمغرب باهظة جدا للبلدان الأعضاء في هذا الاتحاد .. فحسب عديد الدراسات يمكن للاندماج التجاري ان يسمح بتحقيق نسب النمو في الدولة المغاربية وتحسين مستوى العيش وذلك بفضل سوق مندمجة شاسعة تضم اكثر من 100 مليون مستهلك وهما ما سيتيح الترفيع في نسب نمو الدول الأعضاء بمعدل من 1 % الى غاية 2,5 % اذا ما تمكنت هذه الدول من تنويع اقتصادها والتحسين من جودة منتوجاتها ...

 

في دراسة بعنوان "الاندماج الاقتصادي للمغرب العربي: مصدر نمو غير مستغل" سلط مكتب الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التابع لصندوق النقد الدولي الضوء على كلفة اللامغرب والتي تم التطرق اليها في عديد المناسبات كما ان كل الدول المعنية وقادتها واعون بالمزايا والامكانيات الكامنة فيها غير انه لا احد تمكن من توظيفها واستغلالها ..

 

فالمبادلات البينية تمثل أقل من 5 % من مجمل المبادلات بين البلدان المغاربية (مقابل 70 % في أوروبا) أي ان هذه النسبة منخفضة جدا مقارنة بتلك المسجلة في باقي الاتحادات الإقليمية في العالم وذلك بسبب "اعتبارات جيوسياسية وسياسات اقتصادية منعت تحقيق الاندماج الإقليمي بحكم التركيز على العامل الوطني وإهمال الجانب الإقليمي كما ان القيود الكبرى المفروضة على المبادلات وعلى حركة رؤوس الأموال عطلت الاندماج الإقليمي للقطاع الخاص"، حسب خبراء الاقتصاد التابعين لصندوق النقد الدولي.

 

منطقة المغرب العربي تغطي حوالي 6 ملايين كلم مربع ويقطنها ما يقارب 100 مليون ساكن .. وباستثناء المغرب وتونس فإن باقي البلدان لا تصدِّر الا القليل من المنتوجات .. رغم الإجراءات والحوافز والمؤسسات المتوفرة فإن المبادلات التجارية بين الدول المغاربية تبقى ضئيلة ومحدودة جدا فنصيب الأسد من المبادلات يذهب الى الاتحاد الأوروبي.

 

الأسباب الكامنة وراء ضعف الاندماج المغاربي عديدة ومتشعبة نذكر من بينها بالخصوص اتباع سياسات لا تشجع المبادلات والاستثمار ونقص البنية التحتية الإقليمية وعوامل جيوسياسية (أهمها الخلاف بين الجزائر والمغرب).

 

الى ذلك تضاف عديد العراقيل الأخرى من بينها ارتفاع كلفة الصادرات وكثرة الحواجز في الطرقات وطول الانتظار في نقاط العبور وضعف شبكة الطرقات المغاربية سواء للنقل البري أو الجوي وهو ما يعيق أيضا عملية الاندماج التجاري للمنطقة المغاربية. كما ان طرق النقل الأربع (البحر، الجو، البر، السك الحديد) غير مستغلة باستثناء النقل البحري.

 

القيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال من قبل البلدان المغاربية على بعضها البعض اكثر من المعدل المعمول به في البلدان المشابهة .. من ناحية أخرى فإن المهاجرين المغاربيين يفضلون معظم الوقت التوجه نحو أسواق مضمونة اكثر على غرار البلدان الأوروبية بالأساس.

 

لذلك فان تحقيق سوق مندمجة من شانه ان خلق حوافز وتشجيعا هامة خاصة في المجالات التالية: دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة والابتكار وتحويل التكنولوجيا ..غير ان كل بلد من البلدان المغاربية هو حاليا بصدد التفاوض بشكل منفرد مع شركاء تجاريين اكبر حجما وأهمية منه في حين ان المناطق الأخرى تتفاوض بكل جماعي.

 

تشير الدراسة الى ان الاندماج التجاري قد يتيح النهوض بالنمو وتحسين مستوى العيش كما ان تحرير التجارة سيكون له تاثيره الإيجابي على نسب التنمية في منطقة المغرب العربي من ذلك مثلا فان الانفتاح التجاري الهام وتنويع الصادرات وتحسين جودة المنتوجات كلها عوامل كفيلة بجعل مداخيل دول المنطقة تتحسن بنسبة تتراوح بين 5 و10 % في غضون خمس الى عشر سنوات في بلد صاعد أو بلد ذي نمو متوسط ..

 

فتحقيق اندماج اقوى واكبر صلب المغرب العربي بالتوازي مع إصلاحات هيكلية واسعة قد يشكل حلا ناجعا لبلوغ هذه الأهداف والرفع من نسبة النمو على المدى المتوسط في الدول المعنية .. فحسب بعض التوقعات فان معدل النمو السنوي للفترة 2018/2023 هو في حدود 1,6 % في الجزائر و3,9 % في ليبيا و3,4 % في تونس و4,1 % في المغرب و 5,5 % في موريتانيا .. هذه النسب يمكن ان ترتفع بمعدل نقطة مئوية اذا انفتحت دول المنطقة اكثر على بعضها و0,6 % اذا نوعت في اقتصادها و0,2 % اذا حسنت من جودة منتوجاتها .. وبالطبع فان الثمار المحتملة لهذا الاندماج المغاربي قد تتضاعف مع انطلاق إعادة تعمير ليبيا.

 

عوامل أخرى خارجية قد تساهم في انتعاشة اقتصاديات دول المغرب العربي من ضمنها تطور الطلب من شركائها التجاريين التقليديين في أوروبا بما من شنه جلب المزيد من المداخيل فضلا عن استقطاب مستثمرين جدد وعلى رأسهم الصين التي اطلقت مبادرة "الحزام والطريق" التي قد تدر استثمارات هامة على المنطقة المغاربية خلال العشرية المقبلة اذا ما استثمرها الدول الأعضاء.

 

من جهته اعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده لدعم ومساندة كل المبادرات الرامية الى تحقيق الاندماج بين البلدان المغاربية وقد وفرضت لذلك الآليات اللازمة من بينها الية الاندماج التجاري والمساندة التقنية في مجال السياسة والإدارة الجبائية والديوانية ..

 

خلاصة القول ان الاندماج المغاربي يجب ان لا ينظر اليه على انه هدف في حد ذاته بل وسيلة لبلوغ الأهداف المشتركة وهي في غاية الأهمية لكل بلد عضو وللمنطقة برمتها .. فاندماج واسع النطاق سيجعل من المنطقة اكثر استقطابا للاستثمار الأجنبي المباشر وسيقلص من تكاليف المبادلات البينية في المنطقة وكذلك النهوض بحركة رؤوس الأموال واليد العاملة وتحسين نجاعة توزيع الثروات.

 

كما المغرب العربي يعد فرصة هامة لكل الدول الأعضاء التي عليها استثمارها واستغلالها جماعيا للتخلص من الركود الاقتصادي والاستفادة من نقطة إضافية على الأقل في نسب التنمية الحالية بما سيخلق المزيد من مواطن الشغل ويحسن من ظروف العيش .. وبالنظر الى ظروفها الداخلية الراهنة، فان على تونس ان تعمل اكثر من غيرها على إرساء أسس هذا الاتحاد الإقليمي الذي سيتيح لكل أعضائه ان يصبح قوة إقليمية لها وزنها وثقلها وكلمتها .. لكن يبقى تحقيق ذلك مرتبط بتوفر إرادة سياسية قوية غابت لدى البعض في حين ان الشعوب المغاربية تنتظر منذ عقود لتجسيم هذا الحلم المشترك.

 

(مترجم عن النص الأصلي بالفرنسية)

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter