القاضي الطيب راشد يكشف تورّط البشير العكرمي في ملف اغتيال الشهيدين

كشفت بعض المشاكل بين قاضيين المستور من التجاوزات في السلطة القضائية، وكان رئيس محكمة التعقيب الطيب راشد، قد وجّه تقريرا مطولا إلى المتفقد العام بوزارة العدل ويتعلّق موضوعه بـ ''تجاوزات مرتكبة من طرف وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي'' وذلك على خلفية مطالبة العكرمي برفع الحصانة عن رئيس محكمة التعقيب الطيب الراشد.

في هذا التقرير الذي تمّ تداوله بكثرة على موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك، أفاد فيه رئيس محكمة التعقيب الطيب راشد أنّه بات مجبرا على الردّ على البشير العكرمي الذي وجّه ثلاث مراسلات إلى رئيسة مجلس القضاء العدلي وطالب بتتبع شخصه جزائيا في ''ملفات اختلقها وحاول جاهدا الزجّ باسمي'' وفق نصّ  التقرير.  وأضاف الطيب راشد أنّ العكرمي تلاعب بصلاحياته ووصل إلى حدّ تزيّيف الحقائق وخلق الأكاذيب وكان تصرّفه ذلك بمثابة ردّة فعل على القرار الذي اتخذه مجلس القضاء العدلي في تسمية وكيل جمهورية بتونس مكانه مشيرا أنّ العكرمي حمّله مسؤولية اتخاذ ذلك القرار.

وكشف رئيس محكمة التعقيب أنّ العكرمي قام بتهديد رئيسة مجلس القضاء العدلي لما علم بالقرار ودعاها إلى التراجع عنه قبل المصادقة عليه ونشر الحركة مؤكّدا لها أنّه في صورة لم يتمّ ذلك فإنّه سيُورّط إبنها في قضية جزائية مشيرا لها أنّه يملك ملفات ضدّ أعضاء المجلس سيتولى تحريكها. وأضاف أنّ البشير العكرمي ترجم تهديده على أرض الواقع وذلك من خلال تعمّده إحياء مواضيع قديمة كان يحتفظ بملفاتها  لديه لإستغلالها عند الحاجة مؤكّدا أنّ غاية العكرمي كانت للتشهير به وتشويه سمعته. 

وفي تقريره، أكّد  رئيس محكمة التعقيب الطيب راشد أنّ البشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق قد قام باستغلال الضابطة العدلية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب القضائي الإقتصادي والمالي بحكم إشرافه القانوني على تلك الهياكل لضرب كلّ من يُصنّفه عدوا له وحاد بها عن مهامها الأصلية في كشف الحقائق. 

وأشار الطيب راشد أنّه ومن أسباب الكره العميق الذي يكُنه له البشير العكرمي يعود إلى الإختلاف بينهما في معالجة بعض الملفات لما كان مباشرا لخطة وكيل عام لدى محكمة الإستئناف بتونس وكان العكرمي يشغل خطة وكيل الجمهورية لدى محكمة تونس الابتدائية وخاصة ملفيْ الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وملف شفيق جراية المعروف بقضية التآمر على أمن الدولة والتي تورّط فيها معه كلّ من صابر العجيلي و عماد عاشور.

 وكشف أنّ البشير العكرمي لما كان يشغل خطة حاكم تحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهّد بالبحث في قضايا الشهيد بلعيد والعملية الإرهابية بسوسة والعملية الإرهابية بباردو وختم الأبحاث فيها وتمتّ إحالتها على دائرة الإتهام وأمام تعدّد الشكاوي من هيئة الدفاع على الشهيدين ضدّ العكرمي، طلب وزير العدل من القاضي الطيب راشد الإطلاع على الأبحاث المنشورة أمام مكتب التحقيق الخامس والمتهم فيها عامر البلعزي والذي اعترف في هذه القضية أنّه هو الذي تولى إتلاف السلاحيْن الناريين الذي تمّ استعمالهما في عملية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وأوضح القاضي الطيب راشد أنّه تبيّن له أنّ العكرمي اطلع على اجراءات البحث في هذه القضية في خمس مناسبات مشيرا وأنّه على الرّغم من الإرتباط الوثيق بتلك الإعترافات فإنّ العكرمي لم يقم بسماع المتهم عامر البلعزي ولا لمن شهد ضدّه من بقية المتهمين.

وأكّد رئيس محكمة التعقيب الطيب راشد، أنّ وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي حاول فبركة قضية ضدّه بعد أن اطّلع على قائمة أملاكه وتوجّه بمكتوب قبل أسبوع من مغادرته إلى وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب وأضاف أنّه قيام العكرمي بالإطلاع على معطياته الشخصية دون وجه حقّ يجعله مرتكبا للجرائم المنصوص عليها بقانون حماية المعطيات الشخصية لقانون 2004. 

كما تمّ تسريب مراسلة توجّه بها البشير العكرمي ضدّ الطيب راشد، بيّن فيها أنّ من خلال التحري في ممتلكات الرئيس الأول لمحكمة التعقيب العقارية تبيّن شرائه لعدة عقارات وتعمّد التنصيص على أثمان غير حقيقية لها كوجود شبهة قوية على استعماله لشخص يدعى كمال الطبوبي كوادهة لشراء العقارات خاصّة أنه بالإطلاع على دفتر عمل عدل الإشهاد حياة العجيلي وجليسها لسنة 2019 تبيّن أنّ هذا النفر تولى شراء عقارين بجهة مرناق خلال سنة 2019 الأوّل ثمنه مليون ألف دينار والثاني ثمنه 240 ألف دينار. وأشار أنّ أحد العقارين تمّ ابرام عقد بيعه خلال نفس التاريخ ومن طرف نفس عدلي الإشهاد وبنفس مكان ابرام العقد وهو منزل المدعو كمال الطبوبي. 

وكشف العكرمي على مجموعة من العقارات التي قام بشرائها القاضي الطيب راشد مؤكّدا أنّ القيمة الحقيقية لتلك العقارات تتجاوز بكثير القيمة أي الثمن المصرح به بعقود البيع أذ تتجاوز ستة أو سبع مليارات، كما أشار إلى أنّ ثروة الطيب راشد هي ثروة ضخمة حسب ما هو مضمّن بتقرير الإدارة العامة للأداءات. وأضاف أنّه ومن خلال جواب رئيس هيئة مكافحة الفساد فإنّ الطيب راشد لم يقم بتحيّين تصريحه على المكاسب مشيرا أنّ القاضي المذكور خالف بالتالي واجب النزاهة وتورّط في شبهات فساد مالي.