alexametrics
الأولى

القانون الانتخابي - الباجي قائد السبسي أمضي أو لا أمضي؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
القانون الانتخابي - الباجي قائد السبسي أمضي أو لا أمضي؟

 

ما يزال القانون الانتخابي الجديد موجود على مكتب رئيس الجمهورية في انتظار الموافقة عليه من عدمها. هذا القرار المثير للجدل سيصبح قرارا حاسما وتاريخيا ذو أبعاد مختلفة، ليجد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نفسه أمام اختيارات مختلفة ويجب أن يقرّر في غضون أربعة أو خمسة أيام من موافقة مجلس نواب الشعب على صدور القانون.

 

بالرغم من الجدل العقيم الذي أثاره تعديل قانون الانتخابات ورفضه من قبل جزء كبير من المواطنين تمّت المصادقة عليه بمجلس نواب الشعب ومرّر إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين والتي بدورها وافقت على تعديله. انقسم الرأي العام حول هذا التعديل الذي يهدف –ضمنيّا- إلى اقصاء المرشحين المتحصلين على المراتب الأولى في نوايا التصويت على غرار نبيل القروي وعبير موسي وألفة الترّاس. لقد بيّنت عمليّة سبر الآراء الأخيرة لـ "سيغما كونساي" يوم أمس الأربعاء 10 جويلية 2019، أنّ نسبة 62 فاصل 5 بالمائة من التونسيين ضد الفصول التي تمّت إضافتها للقانون الانتخابي.

 

بدأ العدّ التنازلي للسباق الانتخابي، حيث لم يتبقى سوى أسبوعين أمام المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية لذلك يجب على الباجي قائد السبسي أن يقرّر إمّا أن يوقّع ويقع تمرير هذا القانون الجديد ويستثني بعض المرشحين، وإمّا أن يرفضه ويثير أزمة سياسية قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات. فماذا سيفعل؟

 

في حالة إمضائه فإنه سيحترم مجلس نواب الشعب والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، الأمر الذي يقوم به دائما –تقريبا-. كذلك فالباجي قائد السبسي ملزم باحترام الدستور والآن فالقانون المثير للجدل، الذي رفض من قبل 62 فاصل 5 بالمائة، رسميا فهو دستوري. وفي حالة عدم التوقيع فإن رئيس الجمهورية يفي بوعده لأنه لا طالما صرّح بأنه يرفض الاستبعاد والاقصاء ويحترم مبادئ الديمقراطية.

 

وبالرغم من أن القانون الانتخابي الجديد رسميا هو دستوري، فإنه يعتبر غير ديمقراطي لأنه جاء بهدف اقصاء بعض المرشحين الذين تصدروا نوايا التصويت بما فيهم رجل الاعلام نبيل القروي الذي يعتبر من المقربين للرئيس وهو من ساهم في فوزه في انتخابات 2014. وفي الحالتين فإن الباجي قائد السبسي له ما يكفي من الحجج ليفسّر اختياره الذي سيستجيب حتما لإحدى فقرات الفصل 81 من دستور الجمهورية.

 

الخيار الأول: الباجي قائد السبسي يصدر القانون الانتخابي

الفصل 81 يعطي لرئيس الجمهورية 4 أيام كحدّ أقصى لإصدار القوانين ونشرها بالرائد الرسمي. إنه الحل الأكثر صعوبة بالنسبة له لأنه سيصدر قانونا ضدّ الديمقراطية ويقصي أشخاص وهو ما يمس من صورة البلاد، فقد ندّد العديد من النقّاد بهذا القانون الذي اعتبروه "مؤشر لبداية عودة الديكتاتورية".

 المحلل والصحفي سامي غربال علّق على هذا الامر وقال بأن ما نعيشه اليوم هو حفلة تنكرية تمثّل خطرا على الديمقراطية فحتى بن علي وهو في أقوى حالاته لم يجرؤ على فعل ذلك. فعندما أراد اقصاء نجيب الشابي في 2009، قام بتنقيح الدستور واستغرق الامر أكثر من سنة.

 في العديد من المناسبات منذ سنة 2011، لطالما صرّح الباجي قايد السبسي بصوت عال بأنه يرفض أي نص قانوني يشرّع اقصاء او استبعاد أي شخص. فماذا يمكن القول عندما يتم صياغة نص لاستبعاد أشخاص بعينهم، هذا ما يجعل من الصعب على رئيس الجمهورية التوقيع على نص يتعارض مع مبادئه.

كذلك من الصعب عليه أن يعارض قرارات مجلس نواب الشعب والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لأنه ما انفكّ يحترم مؤسسات الدولة. فمعارضة مؤسسات الدولة للتوافق مع مبادئه ومبادئ الديمقراطية هي ممارسة مؤلمة.

 

الخيار الثاني: الباجي قايد السبسي لا يصدر القانون الانتخابي الجديد

في حال رفض رئيس الجمهورية التوقيع على القانون الانتخابي الجديد يبقى أمامه 5 أيام لإحالته على مجلس نواب الشعب مع تقديم أسبابه الخاصة لرفضه. هذا الحل يعتبر الأسهل بالنسبة للباجي قائد السبسي لأنه سيعيد النواب والناخبين إلى مواجهة بعضهم البعض ولم يتبقى لديهم الكثير من الوقت، لأنه بتاريخ 22 جويلية سيتقدّم المترشحون تحت قانون الانتخابات القديم.

 

لدى الباجي قائد السبسي حجّة أخرى لتقديمها لمجلس نواب الشعب بخصوص عدم توقيع القانون الانتخابي الجديد فبالإضافة على أنه ضدّ الديمقراطية فقد يتطلب نصوصا محددة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حتى يتسنى لها تطبيقه. تقنيا هيئة الانتخابات ليست جاهزة ولا هي مفوضّة للحكم على من ينتهك القانون الجديد لا سيما فيما يتعلق بـ "الجرائم" السابقة. فمن سيقوم بالحكم؟ القضاة؟ المسؤولين؟ المحامين؟ فهل لديها الموارد البشرية الكافية لتعبئة كل هؤلاء المختصين في جميع مكاتبها الإقليمية؟

 

ذهب الكثير من المختصين في القانون إلى وجود مسار ثالث وهو مسار الاستفتاء، الخيار المستبعد بموجب الفصل 82 من الدستور وذلك لسببين الاوّل هو أنه سيؤخر –حتما- في الانتخابات التشريعية والرئاسية وهذا أسوء من إصدار القانون من عدمه. أمّا الخيار الثاني فهو أن الاستفتاء لا ينطبق إلا على مشاريع القوانين التي أقرها مجلس نواب الشعب فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية وحقوق الانسان والحريات. ولا يمكن في هذه الحالة أن يدخل تعديل القانون الانتخابي تحت طائلة الحريات حتى وإن كان يعيق بشكل غير مباشر حرية المواطنين للترشح وهو عائق ينص عليه الدستور عندما استثنى غير المسلمين من الترشّح للرئاسة، الامر الذي يعتبر مخالف لحقوق الانسان، لكن هذا هو الدستور.

 

التصويت على القانون الانتخابي الجديد في وقت متأخر وبسرعة مع التركيز على نصوص بعينها يعرقل الطريق أمام بعض المؤهلين (على حق) من الغش. لكن الدولة لا يمكنها أن تكون في نفس المرتبة مع المتحيلين الذين يستعملون طرقا غير ديمقراطية. فهذا خطأ الدولة والحكومة بدرجة أولى أن لا تحاسب نبيل القروي وألفة ترّاس. فلا يمكن اصلاح الأخطاء بأخرى أشدّ وقع وخطورة.

 

الباجي قايد السبسي كرجل دولة يعرف جيّدا كل هذا وسيأخذه بعين الاعتبار عندما يقرّر تمرير القانون الانتخابي الجديد من عدمه. ولا يمكننا إلا أن نتمنى له التوفيق في مهمته الخطيرة وهو مريض وفي فترة نقاهة.

 

ترجمة عن النص الفرنسي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter