alexametrics
آخر الأخبار

اليوم الأوّل من الحجر الموجّه: إزدحام وفوضى وغياب تامّ لشروط السلامة

مدّة القراءة : 3 دقيقة
اليوم الأوّل من الحجر الموجّه: إزدحام وفوضى وغياب تامّ لشروط السلامة

دخلت تونس اليوم الاثنين 4 ماي 2020، يومها الأوّل في الحجر الصحّي الموجّه الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الياس الفخفاخ ونشرت رئاسة الحكومة تفاصيله على صفحتها الرسمية وفسرته الناطقة الرسمية للحكومة، وإن كان للحكومة فعليا أكثر من ناطق رسمي، أسماء السحيري في أكثر من تصريح إعلامي واستضافة.

اليوم الأول كان شاقا ومتعبا للكثير من التونسيّين، فقد بدأ فعلا بجدل إعلامي كبير حول الفصل المتعلق بالأشخاص الذين يستثنيهم الحجر الصحي الموجه حيث استثنى الأمر الصادر بالرائد الرسمي النساء اللاتي لم يتجاوز أطفالهن سن الخامسة عشر. كما سبق وذكرنا فقد خلق هذا الاستثناء ضجة كبرى وربما ضغوطات جعلت رئاسة الحكومة تُسارع بنشر بيان تؤكد فيه أنّ خطأ  ورد غير مقصود وان المعنيّين بالحجر الوجوبي هم الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر سنة، وهذا ما أكدته اسماء السحيري خلال مداخلة اعلامية، حيث أشارت إلى ورود خطأ متحججة باستحالة تطبيقه على ارض الواقع وان المشرع لم يكن يقصد النساء بل الاطفال.


وكما استطردنا بالقول، إن للحكومة أكثر من ناطق رسمي على أرض الواقع، وكل ناطق له روايته الخاصة، فقد أكد عبد اللطيف المكي خلال تدخل اعلامي ان الحكومة فكرت في العائلة ككل و قررت استثناء النساء لأنهن الأكثر احتكاك بالأطفال وبالتالي  وجب بقائهن في منازلهن، معددا في نفس الوقت مناقب الحكومة العادلة التي تفكر في شعبها وتُولي المرأة الأولوية حتى على حساب المصلحة الاقتصادية وأن القرار كان بإجماع المجلس الوزاري ليتبيّن فيما بعد أن الإجماع الوزاري كان إجماعا على خطأ مطبعي.


لن نتحدث كثيرا عن الأخطاء التي شابت النصّ الذي نشر في الرائد الرسمي، فقط يمكن أن نشير الى أنه منذ إقرار الحضر الشامل، يقع اعتماد النسخة الرقمية للرائد الرسمي وهو ما يجعل من الصعب الحديث عن خطأ مطبعي أو فني على مستوى المطبعة الرسمية. والحقيقة أن صياغة النصّ المنشور تخلّلته عدة نواقص وكانت حمالة أوجه فكيف يقع قرن مبدأ التصريح بإستئناف النشاط بطلب الحصول على موافقة مسبقة للتنقل للعمل وكيف سيصل الموظفون والعملة في حين شددت الحكومة عبر كل من ناطقيها الرسميين أنه لن يخرج الا من يحمل ترخيصا دون الحديث عن فرض الحجر على الأمهات بتعلة وجوب التعهد بالأبناء اقل من 15 سنةً . 

بعيدا عن الترتيبات الادارية، عاشت تونس خلال أول أيام الحجر الصحي الموجّه حالة من الاكتظاظ وحركة كبيرة في الأسواق والبنوك ومراكز البريد والفضاءات التجارية وخاصة محطات النقل ووسائل النقل عموما دون الالتزام بإجراءات الوقاية والسلامة من خلال التباعد الجسدي أو ارتداء الكمامات لدى أغلب المواطنين. كما شهدت الولايات القريبة من تونس وتحديدا زغوان ونابل وبنزرت، اشكالا كبيرا للمواطنين الذين يعملون بتونس حيث أن الحكومة أقرت استمرار الحجر بين الولايات ولم يكن هناك لا سيارات اجرة ولا نقل عمومي ولا اي طريقة للتنقل وهو ما خلق سوق سوداء من نوع خاص وكانت كلمة السر - تحب كرية ؟ - اي هل تريد ان اوصلك بمقابل يتراوح بين العشرين و الثلاثين دينارا للفرد الواحد.


أما في العاصمة  فالأمر كان مختلفا نسبيا، فقد كان النقل متوفرا لكن دون نظام ، باستثناء المحطات الكبرى للحافلات وخاصة المترو (محطات الباساج وبرشلونة وتونس البحرية) أين يتم تطبيق صارم لمقتضيات الحجر الصحي الموجه بوجوب وضع الكمامات والاستظهار بتراخيص التنقل من طرف أعوان شركة نقل تونس، فإن بقية المحطات الأخرى غابت فيها مظاهر المراقبة والتواجد الأمني وطلب الاستظهار بتراخيص التنقل او اجبار المواطنين على ارتداء الكمامة.


وشهدت جُلّ شوارع وانهج العاصمة عودة ملحوظة لحركة الجولان لتبلغ حد الاختناق في أماكن الازدحام الكلاسيكية، مع التأكيد على ان اغلب المحلات كانت مغلقة. من ناحية أخرى، شهدت مكاتب البريد بصفة خاصة ومرة أخرى، ازدحاما كبيرا  تزامنا مع صرف الدفعة الثانية من المساعدات الاجتماعية الاستثنائية التي أقرتها الحكومة حيث شهدت معظم المكاتب طوابير طويلة غاب عنها النظام وغابت عنها أبسط مظاهر السلامة رغم محاولة بعض مكونات المجتمع المدني وخاصة الكشافة والهلال الأحمر تنظيم الصفوف وفرض الانضباط ولو نسبيا.


نقطة الغموض كانت تتمثل في مكاتب القباضات المالية، فبرغم تأكيد رئيسة وحدة الدراسات بالإدارة العام للمحاسبة العمومية، فتحية اللملومي، إنه قد تمّ اليوم استئناف العمل بالقباضات المالية بصفة تدريجية فإن أغلب القباضات كانت مغلقة، وحتى المفتوحة منها كانت تشتغل بالحد الادنى حيث أكدت اللملومي انه سيتم إسداء بعض الخدمات، في حين سيتم تأجيل البعض الآخر والتمديد في آجالها والتخلي عن خطايا التأخير والعقوبات، حيث تم التمديد فيها إلى 15 يوما من تاريخ رفع الحجر الصحي الشامل. وتشمل هذه الإجراءات الخطايا المرورية و”الرادار” والديون المُثقّلة ومعلوم جولان السيارات والدراجات النارية والسيارات التي تملكها شركات الكراء أو المقتناة في إطار عقود شركات الإيجار المالي “الليزينق”.


الثابت والمؤكد خلال اليوم الأوّل من الحجر الصحي الموجّه، أنّ نسبة احترام المواطنين لمعايّير السلامة الصحيّة والتباعد الجسدي بينهم لم يتمّ الإلتزام به، وهذا يوحي بأنّ خطر انتشار فيروس كورونا ليس مستبعدا، إنّ عودة الحياة الطبيعيّة لكلّ التونسيّين رهينة مدى تفهّمهم لخطورة المرحلة التي نمرّ بها والإلتزام بتطبيق الإجراءات الوقائيّة لتفادي عودة كورونا في موجة ثانية.

حسام بن احمد


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter