alexametrics
الأولى

عامر عياد- أو كيف نصنعُ من اسلاميّ متطرف بطلا في حرية التعبير !

مدّة القراءة : 3 دقيقة
عامر عياد- أو كيف نصنعُ من اسلاميّ متطرف بطلا في حرية التعبير !


منعطف جديد في تونس قيس سعيد، "تونس الجديدة" بعد 25 جويلية. مررنا من المنع التعسفي للسفر على رجال الأعمال والقضاة والسياسيين الى الإقامات الجبرية التعسفية، حان الوقت الآن لأن تكون حرية التعبير في مرمى الرئيس !

 


اقتحمت قوات الامن يوم الأحد 3 أكتوبر على الساعة السادسة صباحا  منزلي الاعلامي عامر عياد، والنائب الإسلامي المتطرف عبد اللطيف العلوي  تنفيذا لبطاقة جلب صادرة عن المحكمة العسكرية بتونس. السبب ؟ حصّة تلفزيونية قد بُثت يوم الجمعة تهّجم خلالها كلّ من الصحفي والضيف على رئيس الجمهورية.

الثنائي متهمان بـ التآمر على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية ونسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي والدعوة الى العصيان وحمل السكان على التباغض والتقاتل.

لم يستمع قاضي التحقيق إليهم سوى يوم أمس الثلاثاء 5 أكتوبر. حتى إذا تم الإفراج عن عبد اللطيف العلوي وتأجيل جلسة الاستماع، فقد صدرت بطاقة ايداع في السجن بحق عامر عياد وذلك بعد عشر ساعات من المرافعات من قبل العديد من محاميه، معظمهم من الإسلاميين ونواب حزب النهضة الإسلامي ونشطاء حقوق الإنسان... عامر عياد نجمُ القناة وبطل مئات الآلاف من المشاهدين المتعاطفين مع الإسلاميين والاسلام السياسي، يقبع منذ أمس في سجن المرناقية.

كانت حصّة يوم الجمعة 3 أكتوبر ما أضّر بالاعلاميّ، و رئيس التحرير السابق لصحيفة "آخر خبر" ، وهي صحيفة أقرب إلى حزب "تحيا تونس" التقدمي منها إلى الإسلاميين.

ماذا قال؟ في رأي العديد من الإعلاميين - تجاوز عياد الكثير من الخطوط الأخلاقية ولم يحترم قواعد مهنته. نعت قيس سعيد بشقيق هتلر وتلا قصيدة لأحمد مطر تشير إلى أن الرئيس "ابن زنا" حيث شبّهه بالحاكم في قصيدة لأحمد مطر يتحاور فيها مع "البوليس" الذي هاجم بيته. هذا النوع من الخطاب لا يمر في بلد يحمل فكرا أبويّا للثقافة العربية الإسلامية. لقد تخصص الإسلاميون منذ سنوات في إهانة خصومهم. بشكل شبه يومي، توصف سامية عبو بأنها "عياطة" (التي تبكي كثيرًا) ، أما عبير موسي فهي زغراطة" (التي تزغِرد، في احالة للتملق لبن علي)، ليلى حداد المحامية والنائبة تشبه بأنهما من جماعة البراميل المتفجرة (دعم القوميين لبشار الأسد) إلخ. منذ 25 جويلية ، على قناة الزيتونة، لم يعد يتم تعريف رئيس الجمهورية بالاسم أو الصفة، بل صراحة باسم "الانقلابي".

في وسائل الإعلام التي تحترم معايير المهنة وأخلاقياتها  لا يتم تمرير هذا النوع من التعليقات. إلا أن قناة الزيتونة ليست وسيلة إعلامية عادية و "صحفيوها" لم يحترموا الأخلاق منذ سنوات. لا تتردد القانة غير القانونية، في تشويه وسحل معنويّ لأي صوت معارض للإسلاميين.

قررت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الهايكا ، إغلاق القناة بعد المطالبة ببايقاف البثّ، لعشرات المرات لكن قرار الهايكا لم يُنفذ أبدا ، ولطالما كانت القناة محمية من قبل حزب النهضة الحاكم. والأسوأ من ذلك قام أحد الصحفيين في القناة لامارقة عن القانون بتمزيق قرار الهايكا أمام الكاميرا على الهواء مباشرة.


هذه القناة التي لا تملك رخصة بث  كانت تفعل دائمًا ما تريد - متحدية السلطة والدولة. لا يُعرف أي شيء عن تمويلها حيث لا تمرّر اشهارا، ولم يتضح بعد كيف تدفع حقوق تأجير الأقمار الصناعية بالعملة الأجنبية.
القانون واضح ويمكن أن يكون تطبيقه واضحا ، لأنه كان كافياً لإرسال قوات الأمن لإغلاق القناة تنفيذا لقرار الهايكا. وبدلاً من اختيار هذا الحل الذي تم اعتماده وتطبيقه أخيرا اليوم الأربعاء 6 أكتوبر فضل قيس سعيد الحل الصعب والمكلف سياسيا، وهو جر مدني (و صحفي) لمحاكمة عسكرية.

وبدلا من تطبيق القانون - أي قرارات مجلس الهايكا المختلفة التي بقيت حبرا على ورق، قرر قيس سعيد خرق القانون وخاصة المرسوم 115 المنظم للصحافة وحرية التعبير.

ووفقاً لهذا المرسوم، يعاقب مرتكب القذف بخطية من ألف دينار إلى ألفي دينار. يعاقب مرتكب الثلب بخطية تتراوح بين 500 وألف دينار.

الصحفيون، مثل الاعلاميين ومقدمي البرامج، ليسوا فوق القانون ولا ينبغي لهم أن يكونوا فوقه. لكن... لا يجب أن يكونوا أقل من ذلك أيضا.

 

كلام صحفي الزيتونة هو تحريض وثلب واهانة واضحة . لكن على أي حال، لا ينبغي أن يؤدي به إلى السجن. وأمام محكمة عسكرية...

هذا ما يسمى بـ...حرية التعبير.
قد لا نتفق مع كلام الصحفيين أو محتوى مقالاتهم ، ولكن لا يجب بأي حال من الأحوال أن نعاقبهم بأحكام أو قرارات سالبة للحرية. ما فعله عامر عياد أمر خاطئ، لكنه لا يستحق يوما واحدا في السجن!

باسم حرية التعبير هذه دافع الصحفيون حول العالم عن رسامي الكاريكاتير في مجلة شارلي إيبدو على الرغم من أن رسومهم تسيء إلى أكثر من مليار مسلم.

لماذا تعتبر حرية التعبير خطا أحمرا في الديمقراطيات؟ لأنها من الأساسيات!

قد يدعو العالم كله إلى احترام حرية التعبير وعدم تجاوز هذا الخط الأحمر أبدا ، أي عدم سجن أي صحفي بسبب آرائه وكلماته لكن قيس سعيد شوّه تحقيق هذا الإنجاز الذي يحتسب لثورة 14 جانفي عبر سجن شخص لا يتفق معه. الى جانب أن تمرير ذلك أما القضاء العسكري يتعارض مع القانون ومبادئ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

وهكذا أصبح عامر عياد، ضحية للقمع، وبطل حرية التعبير.

قد يكون الرجل إسلاميا متطرفا وقد يكون خطابه لا أخلاقيّ لكنه بفضل قيس سعيد اليوم أصبح بطلا يدافع عنه الصحفيون باسم الدفاع عن حرية التعبير و احترام القانون والمواثيق العالمية. موقف ضحية يعشقه الإسلاميون ويعرفون دائمًا كيف يلعبونه بنجاح.

يكمن الخطر في أن عامر عياد لن يكون إلا الأول في القائمة التي ستتبعها ربما ايقافات أخرى في الأيام القليلة المقبلة. حيث تشهد صفحات مساندي قيس سعيد وبعض المدونين الذين عرفوا بقربهم منه، هجمات مباشرة على وسائل الإعلام ودعوات لتنظيف و"تطهير" القطاع ، بعد تطهير القضاء مباشرة. تشير بداية الحملة على موقع فيسبوك ضد الإعلام إلى أن قيس سعيد سيهاجم وسائل الإعلام المستقلة المعارضة له بعد مهاجمته للإعلام الإسلامي وقناة الزيتونة.


رؤوف بن هادي.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter