alexametrics
آراء

نساؤنا متقدّمات في المعارك متأخرات في الحوافز

مدّة القراءة : 3 دقيقة
نساؤنا متقدّمات في المعارك متأخرات في الحوافز

 

ألف تحية لكل من سامية عبّو التي أتمنّى لها الشفاء العاجل ولعبير موسي .. النائبتان تألقا خلال الأسبوع الماضي في مواجهة وحشية زملائهما النواب ورئيسهم راشد الغنوشي.

 

ما الذي حصل حتى يستحقا هذه الإشادة ؟ نفّذت سامية عبّو مع ثلاثة من زملائها في الكتلة إضراب جوع لمطالبة البرلمان بإصدار بيان لتنديد العنف اللفظي والمادي الذي مارسه نواب ائتلاف الكرامة .. لكن راشد الغنوشي بقي طيلة أيام رافضا مبدأ إصدار هذا البيان، مساهما بصمته في حماية المعتدين .. واصل الغنوشي عمله بصفة عادية كما لو أن شيئا لم يكن، في الوقت الذي كانت فيه سامية عبّو، في حالة صحّية حرجة، على بعد أمتار منه .. أطباء الإسعاف أجمعوا على أن حالتها الصحية تعكّرت يوم الجمعة ولا تبعث على الإطمئنان .. تبعا لذلك هاجت عبير موسي وماجت، محتجّة على تواصل سير جلسة برلمانية كان يترأسها الغنوشي وهو ما دفع هذا الأخير باستشعار خطورة الوضع وبالتالي تحمّل مسؤولياته.

 

بعد أيام عديدة من المماطلة والتسويف، صدر أخيرا بيان إدانة العنف .. ولا داعي للتذكير هنا بأن عبير موسي وسامية عبّو من ألد الأعداء .. 

  

فور صدور هذا البيان مباشرة، انخرط سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة الكرامة والعديد من الإسلاميين، في كيل الشتائم ضد سامية عبّو وعبير موسي، واصفين النائبتين بأقذع النعوت .. في المقابل لا شتائم تُذكر في حق الغنوشي، باستثناء بعض الإنتقادات اللاذعة لكنه لم يكن عرضة للشتائم مثلما هو الحال بالنسبة إلى عبير موسي وسامية عبّو.

 

هذه المعارك التي خاضتها كل من سامية عبّو وعبير موسي ليست أمرا مفاجئا .. فآخر من نفّذت إضراب جوع كانت راضية النصراوي منذ أشهر من الآن .. النساء التونسيات يناضلن حتى نحرز نحن الرجال مكاسب هامة وتاريخية .. وهذا ليس غريبا فهي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر بل تعود المسألة إلى عقود خلت.

 

الإشكال ليس هنا .. بعد يوم من المعركة البطولية التي خاضتها سامية عبّو، أجرى رئيس الحكومة تحويرا في صفوف فريقه الحكومي .. القائمة الجديدة خلت من أي عنصر نسائي ..

 

الفصل 46 من الدستور ينص بوضوح على أن الدولة "تضمن تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمّل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات". كما أن مبدأ التناصف في مختلف المجالس المنتخبة تم التنصيص عليه في هذا الفصل من الدستور.

 

فما الذي دفع بهشام المشيشي لاتخاذ مثل هذا القرار وإقصاء العنصر النسائي من تحويره الوزاري ؟ هذا التصرف هو ثمرة مجتمع ذكوري نلاحظ مظاهره في محيطنا المتوسطي، شمالا وجنوبا .. وفي عالمنا العربي .. في هذه الثقافة، ثقافتنا نحن، يتم إقصاء المرأة من دوائر القرار ومن دوائر الحُكم ومن ثمار العمل.

 

رغم أن نساءنا في زمن المعارك عادة ما يكنّ في الصفوف الأولى، حتى لا نقول أنهن دائما في الصفوف الأمامية .. لماذا إذن نقبل نحن معشر الرجال أن تدافع عنا النساء خلال المعارك الهامة، فيما نرفض أن يقاسمننا ثمار تلك المعارك ؟

 

ما أتاه هشام المشيشي يوم السبت الماضي، يعد إهانة في حق النساء. بإقصائه المرأة من حكومته، يكون قد أقصى 50 بالمائة من المجتمع التونسي وأدار ظهره لأحد مبادئ الدستور .. وهو أمر غير معقول وفيه جحود ونكران للجميل ويعكس قدرا من الغباء السياسي.  

 

اللوم هنا ليس موجها للمشيشي فقط، بل إن من واجب المجتمع برمّته أن يعترف بالجميل تجاه المرأة .. من غير المقبول أن نلجأ للنساء في المعارك والمشاكل ثم نتجاهلهن حين يتعلّق الأمر بجني الثمار وإسناد المناصب في السلطة .. علينا أن نقطع مع هذه العقلية وهذه الممارسات فهي لا تليق بتونس القرن الحادي والعشرين.

 

الحدث البارز الآخر الذي شهدته البلاد خلال الأسبوع الماضي، هو التحوير الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي صار سيّد مصيره. فقد أقصى من حكومته النساء ووزراء الرئيس قيس سعيّد. كما أنه أقصى (نظريا) الوزراء المحسوبين على الأحزاب .. أصبح لديه حكومة اختارها بمفرده ولم يفرضها عليه أحد .. صار بمقدوره أن يحكم بعيدا عن كل الضغوطات .. كما أنه لن يستطيع القول إن رئيس الدولة أو الأحزاب منعوه من العمل في كنف الأريحية على غرار سابقيه.

 

فهل سيتوفّق في تسيير حكومته ؟ هذا كل ما نتمنّى له، رغم بدايته المتعثّرة ..

 

فإعفاء وزراء وتعديل التركيبة الحكومية، بعد أقل من خمسة أشهر على منحها الثقة من قبل البرلمان، يعكس حالة من عدم الإستقرار التي يتحمّل المشيشي بمفرده، مسؤوليتها كاملة .. تجاهله للعنصر النسائي في تحويره الوزاري يعكس افتقادا لكل حس سياسي .. من الغباء استعداء رئيس الجمهورية و50 بالمائة من المجتمع التونسي.

 

الأكيد أن هشام المشيشي لم يكن موفّقا في تمشّيه الأخير .. فإلى أين يمكنه الوصول، دون حلفاء حقيقيين إلى جانبه ولا رئيس للجمهورية يسانده ويدعمه ؟ .. بالطبع لن يذهب بعيدا، إذا لم يراجع حساباته في أقرب الآجال .. لأنه بهذه الطريقة لن يصمد في منصبه لأربع سنوات أخرى.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0