7 ملايين تونسي لم يصوتوا بـ 'نعم' لدستور سعيد، هل فعلا 'الشعب يريد' ؟
مليونين و458 ألفا و985 ناخبا صوتوا في الاستفتاء الوطنيّ
تقديرات نتائج الاستفتاء الوطنيّ- قرابة 7 ملايين تونسي لم يصوتوا
نتيجة أولية - دستور قيس سعيد يمر بـ 'نعم' بـنسبة 92 فاصل 3 بالمائة
يمكنُ للأرقام أن تُعتمد على حجّة للانتصار كما للفشل، الأمر يعتمدُ على الزاوية التي ننظر بها للأمر.
حتى قبل إعلان النتائج الرسمية أو تقديرات مؤسسات الاقتراع ، احتفل أنصارقيس سعيد بالنصر. التقديرات المنشورة على الساعة 10 مساءً أمس 25 جويلية 2022 أشارت الى أن نسبة التصويت على مشروع الدستور بـ "نعم" بلغت 92.3 بالمائة. لذلك يستطيع قيس سعيد أن يتنفس الصعداء فقد تم تمرير دستوره الذي سيدخلُ حيز النفاذ بمجرد نشر النتائج النهائية...
ولكن... 92.3 بالمائة من أيّ مجموع؟ من 12 مليون تونسي في العموم، أم من قرابة 9 ملايين ناخب؟ الإجابة هي، 92 فاصل 3 بالمائة من مجموع المواطنين الذي ذهبوا للتصويت ! وهذه زاوية النظر الأكثر صوابية. النسبة الأقل منذ 2011، بلغ عدد التونسيين الذين أدلوا بأصواتهم في استفتاء 25 جويلية، مليونين و458 ألفا و985 ناخبا.
طبعا قيس سعيد لن يتناول الأمر من هذا المنحى ولن يشعر بالحرج من حقيقة الأرقام. سياسياً ، سوف "يبيع" هذه الـ "نعم" ويستغلها كحجة جاهزة تؤكد أن له شرعية الشارع ومشروعية الناخبين.
قد تفوز "نعم" بهذه الجولة، لكن تظل الحقيقة أن نسبة المشاركة البالغة 25 بالمائة تعني أيضا، أن نسبة المقاطعة من الجانب الاخر هي 75 بالمائة.
هل تعني هذه النسبة نفور التونسيين من السياسة؟ على الاطلاق، نسبة كبيرة من المقاطعين رفضوا الذهاب إلى صناديق الاقتراع حتى لا يدعموا مشروع قيس سعيد الاستبداديّ . هذا هو حال إسلاميي النهضة والكرامة، و الدستوري الحر، التيار، التكتل، الجمهوري وحزب العمال.. بالنسبة لهؤلاء ، العملية التي بدأها قيس سعيد هي مسار انقلابي وأي مشاركة فيه هي مصادقة عليه وتوّرط في منحه مزيدا من المشروعية.
مقارنة بالأصوات التي تحصلت عليها هذه الأحزاب في تشريعيات 2019، أي حوالي 1.5 مليون ناخب، إذا شارك هذا الرصيد الانتخابي في استفتاء الرئيس، فمن المؤكد أن مشروعه لم يكن ليمرّ ...
الصورة واضحة لمن يريد أن يرى الأمور على حقيقتها : من جملة ما يقرب من تسعة ملايين ناخب صوت مليوني شخص بـ 'نعم'. إذًا هناك سبعة ملايين شخص قالوا لا أو رفضوا المشاركة فيما يعتبرونه مسرحية أو استقالوا تماما من الاهتمام بالشأن العام. هذه هي الأغلبية الحقيقية المسكوت عنها، والنتيجة : فشل قيس سعيد في حشد التونسيين للاستفتاء.
ومع ذلك من الضروري التأكيد على الامتيازات التي تمتع بها سعيد للترويج لمشروعه السياسي، الرجل بيده جميع السلطات وموارد الدولة والإدارة وهيئة الانتخابات. الترويج لموقف "نعم" استمر لأشهر ولم يكن فقط خلال الحملة الانتخابية، وحتى يوم الاقتراع خرق الرئيس الصمت الانتخابي وروّج بكل وضوح للتصويت بنعم عبر خطاب رسمي من داخل مركز التصويت.
من خلال استخدام كل هذه الوسائل القانونية وغير القانونية فازت ظاهريا الـ "نعم" ، ولكن تمكن قيس سعيد فقط من جمع 1.8 مليون صوت من 9 ملايين تونسي. في الدول الديمقراطية ، عندما لا تصل نسبة المشاركة في الاستفتاء إلى 50٪ ، لا يتم المصادقة على الاستفتاء.
يمكن لقيس سعيد أن يكون فخوراً بنسبة 92 بالمائة القادمة من القرن الماضي، والتي تذكرنا بنسب التصويت في الأنظمة الدكتاتورية، ولكنه لن يكون قادراً على أن ينكر موقف السبعة ملايين تونسي الذين أداروا ظهورهم للعملية برمتها. الشعب اذا " لا يريد"... الشعب لم يذهب للتصويت يوم الاقتراع. الشعب ليس المليوني شخص الذين قالوا نعم واليوم قيس سعيد لديه التزام أخلاقي وسياسي بالاعتراف بهذا.
ترجمة عن النص الفرنسي
تعليقك
Commentaires