خطة الترشح للرئاسية -أبناء النهضة يكشفون وجه الغنوشي الخفيّ
مجموعة المائة : تعرضنا للتهديد و الغنوشي يرغب في الترشح لرئاسة الجمهورية لسنة 2024
89 بالمائة من التونسيين غير راضون عن راشد الغنوشي !
يدور الصراع في الحزب الاسلامي النهضة في فلك شخصية واحدة- كانت محلّ توافق، وأضحت محل جدل. راشد الغنوشي رئيس الحركة ،بين من يرى فيه شخصية اعتبارية مقدسة تخدم استمرارية فلسفة الحزب وتحافظ على هويتها واوازنها الذي بات على المحكّ، وبين من يرى فيه أمراض الزعامتية التي تجرّ الحزب الى خسارة تلو أخرى وتهدد بتصويره كحزب الرجل الواحد صاحب الرئاسة مدى الحياة.
ويقضي الفصل 31 من النظام الأساسي للحزب الاسلامي بأنه لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين. لذلك يحاول العنوشي الان الاستنجاد بقيادات مستقيلة لتعود لتبييضه ومنحه نوعا من الشرعية- أو لتحل مكانه في رئاسة الحركة حتى يكون له اليد العليا على كل القرارات دون أن يكون فعليا في منصب القيادة. عودة رياض الشعيبي والحديث عن عودة حمادي الجبالي ماهو الا رسالة سياسية لمعارضي الغنوشي أن بديلهم جاهز بالفعل وأنه يوجد من يدعمه بعد أن كان في فترة ما يعارضه. الشعيبي كان قد صرح، أن عودته كانت بدعوة مباشرة وشخصية من الغنوشي، الذي بدأ في حشد القيادات والدعم وتعبئة أنصاره- وان كان في التصريحات الرسمية يزعم أنه لم يحدد موقفه بعد من الترشح وأنه يريد أن ينأى بنفسه عن الصراع.
رسالة أخرى من "مجموعة المائة" وهم التيار الاصلاحي في النهضة تؤكد هذه الفرضية، في حين تمحورت الرسالة الأولى بشأن التداول القيادي واحترام الفصل 31 من القانون الأساسي للحركة جاءت الرسالة الثانية المسربة لتوضيح مقاصد الرسالة الأولى ولتكشف نية رئيس الحركة الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2024. هذه الرسالة، هي الدليل على غلق باب التشاور الهادئ والاتجاه نحو التصعيد وكشف مخططات الغنوشي.
الدال على أنّ الأمر تجاوز مجرد مناكفات تنظيمية وصراعات على القيادة داخل الحركة وتموقعاتها، أن الخلاف لم يعد داخليا يفرش على موائد الاجتماعات والشورى بل اضح تصديره الى الراي العام عبر عرائض ورسائل هو السبيل الوحيد لجلب اهتمام الغنوشي ومسانديه الذين يرفضون أن يستمعوا للاراء المخالفة. لم يعد الأمر ظاهرة صحية أو ديمقراطية داخل حزب مازال يتباحث خطواته القادمة- بل هي أزمة هيكلية واضطراب في الخط السياسي والثوابت لحزب أنهكه الحكم وسيطرةُ فئة صغيرة على أغلبية القواعد والشباب والمتمردين على قدسية الغنوشي.
يردد الغنوشي ورجاله أنهم يحترمون القانون الداخلي وأن المؤتمر سيد نفسه، لكن هل ذلك صحيح- الاجابة هي لا. يوجد مبادرات من داخل الحركة للالتفاف على القانون الداخلي ذاته والتمديد للشيّخ، الذي يعد ترشحه مخالفا لقانون الحركة من جهة لأنه تمتع بثلاث ولايات ومن جهة أخرى لأنه سيجمع بين مسؤولية رئاسة البرلمان ومسؤولية رئاسة الدولة. المؤتمر لن يكون سيد نفسه ولن يكون الفيصل لهذا الاشكال بل سيكون بداية ا الانشقاقات العميقة التي ستبنى على النقمة ضد التحيّل على القانون اذا ترشح وفاز الغنوشي ومن النقمة على "تحطيم" الرئيس التاريخي اذا لم يفز. المؤتمر سيكون فقط بداية النهاية ولن يحل للتفاهم وتجاوز الماضي من أجل المصلحة العليا لأنه سيقوم على نفي طرف للاخر- ولو بعملية ديمقراطية. الأمر متعلق بالربح والخسارة.وهذا التعقيد لن يخدم سوى مزيد من التفرقة عبر خلق عداوات جديدة، تشطر الحركة إلى قسمين.
عبرت مجموعة المائة عن استنكارها لردود الفعل التي لحقت الرسالة الأولى وعددت في رسالتها الثانية ردود أفعال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعد تلقيه الرسالة الأولى عبر رسالة شديدة اللهجة أرسلها الى الكتاب العاميين الجهويين بنغمة متوترة جدا اتهمها عبرها بالانقلابيين .
القياديون في الحزب الاسلامي من معارضي الغنوشي أكدوا عن سلوك الغنوشي لم يكن ايجابيا عكس ما يصرح به لوسائل الاعلام بل كان انفعاليا وانتقاميا قام على اقصاء أعضاء المكتب التنفيذي الذين امضوا على الرسالة و تغييبهم عن الاجتماعات و هرسلة بعض الكتاب العامين ممن وقعوا على الرسالة و اقالة احدهم دون وجه حق وتشويه سمعتهم.
رفيق عبد السلام، المساند للغنوشي مساندة عمياء، ظل يذكر بأن الدخول في الزمن السياسي للمؤتمر سجلب معه سجالات حول القيادة القادمة وهو أمر عادي في كلّ الأحزاب الكبرى والديمقراطية.
ويؤكد عبد السلام أن الحوار في النهضة الان بين من ينطلق في تحليله من مقاربة قانونية لاحترام النظام الداخلي وبين من ينطلق من المقاربة السياسية التي تراعي التوازنات السياسية ومصالح الحركة لأنه في النهاية- وفق هذا المنطق- الحزب جاء قبل القانون والقانون جاء في خدمة الحزب زيجب أن يكون مرنا.
وردا على الرسالة الثانية لم ينفي الغنوشي مضومنها ولم يؤكده بل اكتفى بالفقول أن المؤتمر سيكون سيد نفسه وأن قيادات حركة النهضة من حقهم التعبير عن آرائهم معلقا " هذا مظهر من مظاهر الديمقراطية .. والحديث عن ترشحي لرئاسة الجمهورية سابق لأوانه ونحن بصدد التحضير لمؤتمر الحركة و خلاله سننظر في مسالة الخلافات داخل الحركة "
تتباهى النهضة بادارة الخلاف وقدرتها على فرض التوافق والعقلانية، لكنها في الواقع تُصّدر الخلافات والخطابات المتشنجة للرأي العام. الهروب الى الأمام وادعاء أن المؤتمر سيكون ساحة الحزار وحلّ الخلافات ليس الا انكارا للشروخ التي بدأت في التشكل والظهور على واجهة الحزب، والتي قد تنسحب بدورها على السلم الاجتماعية في البلاد بسبب ارتباط الوضع السياسي بالوضعيين الاجتماعي والاقتصادي المتجهان سالفا الى الاسوأ- مثل تجربة حركة نداء تونس.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires