alexametrics
الأولى

خطة الإنقاذ الاقتصادي بين النظري و التطبيقي

مدّة القراءة : 5 دقيقة
خطة الإنقاذ الاقتصادي بين النظري و التطبيقي

منذ انتشار فيروس كورونا و نتائجه الاقتصادية الوخيمة سارعت الدول في اتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات لحماية مؤسساتها و للحد من التداعيات الاقتصادية للفيروس. واختلفت هذه الإجراءات بين منح القروض المباشرة والاعفاء من تسديد الضرائب وتركزت بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

 

خطط تحفيزية لدعم الاقتصاد : المثال الأوروبي

لمقاومة الاثار الاقتصادية الوخيمة التي تسبب بها فيروس كورونا أعلنت الحكومة الفرنسية يوم الخميس 3 سبتمبر 2020 على خطة تحفيزية بقيمة 100 مليار يورو تمتد على سنتين و نصف. فبالإضافة الى الخسائر البشرية  30  الف حالة وفاة بسبب الفيروس أدى تفشي فيروس كورونا الى اغلاق عدة مؤسسات أبوابها بسبب إجراءات الحجر الصحي و التي امتدت من 17 مارس 2020 الى غاية يوم 11 ماي 2020 و خسائر  مئات الفرنسيين لوظائفهم و الى ارتفاع قياسي في نسبة العاطلين عن العمل ليرتفع بنسبة 22.6 بالمائة في شهر افريل 2020.

وأشارت  وكالة الاحصاءات الوطنية الفرنسية أن إجمالي الناتج المحلي سجل انكماشا  بنسبة 19% خلال النصف الأول من سنة 2020، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية  و تراجع الاستثمار التجاري بنسبة -11,8  و انخفضت التجارة الخارجية بنسبة -6،5%، و امام هذه المؤشرات سارعت الحكومة الفرنسية الى اتخاذ إجراءات لاحتواء الازمة الاقتصادية عن طريق 160 ألف وظيفة جديدة في 2021.

وتهدف هذه الخطوة إلى خلق 200 ألف فرصة عمل اعتبارا من العام المقبل وإعادة العجلة الاقتصادية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة، بحلول 2022.

و تم منذ شهر مارس 2020 تخصيص اعتمادات بـ300قيمة  مليار يورو  لدعم الشركات و حمايتها من الافلاس، هذا بالإضافة الى  اعفاء الشركات من الضرائب، و تم كذلك اتخاذ قرارات حاسمة لمساعدة  الشركات الفرنسية الصغيرة والمتوسطة من خلال اعفاءها من  دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز والإيجارات.

 

في إيطاليا  قدمت الحكومة الإيطالية مساعدات مالية قدرت ب 25 مليار يورو، لدعم اقتصاد البلاد في مواجهة تداعيات انتشار "كورونا.

 

اما بالنسبة للحكومة الألمانية فقد أعلنت على خطة دعم قيمتها  130 مليار يورو مخصصة لسنتي  2020 و2021، و أعلنت في اطار الإجراءات الرامية الى مواجهة الازمة الاقتصادية عن تخفيض مؤقت  للضريبة على القيمة المضافة ،و أيضا على اعانات  للعائلات  بقيمة 300 يورو لكل طفل .

يذكر ان الحكومة الألمانية كانت قد أعلنت منذ شهر مارس 2020 عن  تقديم قروض مع ضمانات بقيمة لا تقل عن 550 مليار يورو مخصصة للشركات التي تعاني من مشاكل مالية و التي تأثرت جراء تداعيات فيروس كورونا  

و أشارت  وزارة العمل الألمانية في احصائيات أصدرتها في شهر افريل 2020  الى ان نسبة البطالة ارتفعت جراء الازمة الصحية و التي القت بضلالها على الاقتصاد الألماني مما أدى الى ارتفاع البطالة  بنسبة 13.2 بالمائة  و هو ما دفع  الشركات إلى تقديم أكثر من 11 مليون طلب للاستفادة من إعانات البطالة الجزئية لموظفيها.

تأثير فيروس كورونا على اقتصادات الدول الأوروبية يظهر من خلال تراجع إجمالي الناتج الداخلي لمنطقة اليورو و الذي تراجع بنسبة 12.1 في المئة خلال ربيع 2020  مقابل 3.6 في المئة في الثلاثة اشهر الأولى من سنة 2020، و اعلن الاتحاد الأوروبي في هذا السياق عن خطة إنعاش بقيمة  750 مليار و اقر الاتحاد المتكون من 27 دولة أوروبية  ميزانية  بقيمة 1047 مليار لفترة 2021-2027.

 

روسيا وأمريكا و الدعم المالي الضخم

اما في الولايات المتحدة الامريكية و التي سجلت تراجعا بنسبة 4.8 في المئة في نموها الاقتصادي  فقد أعلنت عن حالة طوارئ اقتصادية تم اثرها الإعلان عن إجراءات  قيمتها 2.3 تريليون دولار لدعم الحكومات المحلية والشركات الصغيرة والمتوسطة.

و أعلنت الحكومة الروسية عن تأسيس صندوق الازمات بقيمة 4.1 مليار دولار لدعم اقتصادها و مساعدة الشركات الروسية التي تأثرت جراء الازمة الاقتصادية هذا بالإضافة الى  إعفاءات ضريبية لشركات السياحة والطيران المتضررة.

 

في تونس إجراءات اقتصادية تنتظر التنفيذ

اعلن رئيس الحكومة السابق الياس فخفاخ منذ شهر مارس 2020  عن جملة من الإجراءات الاستثنائية  بقيمة ملياري ونصف المليار دينار من اجل دعم المؤسسات الاقتصادية و التي تأثرت نتيجة إجراءات الحجر الصحي و تم تخصيص جملة من الإجراءات لفائدة المؤسسات الصغرى و المتوسطة و المهن الحرة على غرار : " تأجيل دفع الأداءات لمدة 3 أشهر ابتداءا من شهر افريل ، تأجيل دفع المساهمة في الضمان الاجتماعي للثلاثية الثانية لمدة 3 أشهر، تأجيل خلاص أقساط الديون البنكية والمؤسسات المالية لمدة 6 أشهر، جدولة الديون الجبائية والديوانية لمدة 7 سنوات ، وضع خط ضمان بقيمة 500 مليون دينار لتمكين المؤسسات من قروض جديدة للتصرف والأشغال و التمكين من استرجاع فائض الأداء على القيمة المضافة في أجل أقصاه شهر" .

و رغم تعدد هذه الإجراءات الا انها لم تتكمن من استرجاع ثقة المؤسسات الاقتصادية  وهو ما تظهره ارقام   المعهد العربي لرؤساء المؤسسات و الذي قام في شهر اوت باستجواب عدد من رؤساء المؤسسات التونسية حول الإجراءات الحكومية الاقتصادية لمقاومة اثار فيروس كورونا ، و أظهرت هذه الأرقام  ان  60 بالمائة من رؤساء المؤسسات غير راضون على الأداء الحكومي على المستوى الاقتصادي. اما في إطار الإجراءات الحكومية الخاصة بالانتعاش الاقتصادي  عبر 37 بالمائة من رؤساء المؤسسات الذين تم استجوابهم  على رضاهم لإعلان الحكومة  تعزيز السيادة الوطنية والأمن  و رحب 64 بالمائة من المستجوبين بالإجراءات الخاصة بالحفاظ على النسيج الاقتصادي وخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

 

و عبر 52 بالمائة من رؤساء المؤسسات المستجوبين على عدم اقتناع بالأداء الحكومي خلال الفترة الأولى من سنة 2020 و من بين القطاعات التي عبرت عن امتعاضها من الأداء الحكومي  احتل القطاعي التجاري المرتبة الأولى حيث اجمع جميع المستجوبين على عدم رضاهم في علاقة بالإجراءات الاقتصادية بنسبة 100 بالمائة ثم احتل القطاع الصناعي المرتبة الثانية بنسبة 54.29 بالمائة و قطاع البناء بنسبة 40 بالمائة.

 

تعددت الإجراءات و الإعلانات الخاصة بدعم المؤسسات الاقتصادية في تونس الا انها لم تفي الى حد الان بالغرض و بقيت بعض الإجراءات مجرد حبر على ورق و مجرد شعارات نظرية ، اذ لا تزال بعض المؤسسات خاصة منها الصغرى و المتوسطة تعاني من الركود و من صعوبات مالية نتيجة الانكماش الاقتصادي و الذي بلغ نسبة -11.9 بالمائة خلال النصف الأول من 2020 مقارنة بالثلاثي الأول من 2019 و أدى ذلك الى ارتفاع معدل البطالة خلال الربع الثاني من سنة  2020 ليصل الى 18 بالمائة.

 

و في هذا الاطار اكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة في بيان نشره يوم  18 اوت 2020 على  ضرورة الاعلان على حالة طوارئ اقتصادية: من أجل حماية السيادة الاقتصادية ومناعة النسيج الاقتصادي الوطني والعمل على توفير شروط انطلاقة جديدة لإنعاش الاقتصاد من خلال الإسراع بالإصلاحات الاقتصادية الكبرى واتخاذ كل الإجراءات الضرورية الكفيلة بدفع التنمية الجهوية ومساندة كل القطاعات الاقتصادية وخاصة الهشة منها.

 

رباب علوي

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter