alexametrics
الأولى

صراع غير مسبوق بين البنك المركزي والحكومة - الأزمة على الأبواب

مدّة القراءة : 4 دقيقة
صراع غير مسبوق بين البنك المركزي والحكومة - الأزمة على الأبواب

 في أجواء متوترة سبقتها حرب تصريحات بين البنك المركزي والجانب الحكومي، انطلقت  لجنة التخطيط والمالية في مناقشة مشروع قانون المالية 2021  الذي يتضمن نسبة نموّ بـ4 بالمائة  مقابل نسبة نموّ سلبيّة  في حدود 7.3  بالمائة شريطة تراجع الأزمة الصحية في أفق 2021. يبلغ التداين نسبة 92  بالمائة  من الناتج القومي الخام فيما وصلت وديون الدولة تجاه المؤسسات العمومية الى عتبة 8.7 مليار دينار.

 

ارتفع عجز الموازنة الى  14 مليار دينار  بسبب أزمة كورونا، ومن الضروري ايجاد حلول لتعبئة موارد إضافية بأكثر من  10 مليارات دينار لتمويل العجز خلال  الأشهر الأخيرة من سنة 2020. تمر تونس بأزمة مالية مؤرقة فيما يترفع التوتر بين البنك المركزي التونسي والحكومة حول مشروع  الميزانية التكملية الذي تم سحبه لتعديله. مرد الجدل، أن الحكومة تعتزم التداين من البنوك التونسية لتمويل عجز الموازنة، فيما يرفض البنك المركزي  ذلك.

 طالب رئيس الحكومة  هشام المشيشي رسميا البنك المركزي بالتدخل مباشرة من أجل تمويل عجز الموازنة محذرا من أن  نسبة العجز ستصل الى 14 بالمائة و مؤكدا أنه يريد أن يكون صريحا  مع الشعب فيما سعت الحكومات السابقة الى تجميل الأرقام واخفاء الحقيقة.  وتابع، أن طريقة طرح قانون المالية التكميلي كانت في اطار الشفافية والصراحة لوضع الشعب أمام الحقيقة، والارقام الحقيقية، والصعوبات الحقيقية مما أدى الى نقاش عام حول قانون المالية. المشيشي استغرب من رد فعل البنك المركزي منتقدا انتهاجه طريقة "البيانات" وعلق ان التعامل في الدولة يكون بين المؤسسات داعيا البنك لطاولة الحوار.  وأكد أن البنك المركزي الذي انتقد قانون المالية، كان على علم بكل المعطيات وعمق الأزمة الاقتصادية وأن الدولة لم تعد قادرة على استخلاص دائنيها.

  محافظ البنك المركزي مروان العباسي  كان متشائما خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب اليوم 5 نوفمبر مؤكدا أنه حاول أن يكون واقعيا في تصريحاته حول وضع البنك، خاصة خلال الفترة الصعبة التي تعيشها تونس إقتصاديا، قبل جائحة كورونا وتفاقمها بعد الأزمة. وأكد أنّ المؤشرات الأربعة الأساسية تبيّن أن الناتج الإجمالي المحلي سيكون أواخر السنة بحسب توقعات الاقتصاد والمالية ما يقارب -7.2  معلقا ''إن توصلنا لهذا الرقم فهو يعتبر ممتازا بالنظر لانعكاسات جائحة كورونا''. التضخم سيسجل انخفاضا بلغ -5.4 بالمائة، قد يصل أواخر السنة إلى حدود 5.7 بالمائة، وهو يعتبر مؤشرا إيجابيا نسبيا. وتابع، أن مداخيل  قطاع السياحة بلغت  3 مليار دينار، مسجلة نقصا بـ30 بالمائة، مؤكدا أن عديد القطاعات تأثرت بالجائحة، وهو ما سيؤثر على نسبة البطالة التي  تتجه إلى مستويات قياسية.

 

وأكد العباسي أن الاستثمار والتصدير هما  دافعا النمو، في حين لم تتجاوز نسبة الاستثمار 13 بالمائة في حين كانت في مستويات تتراوح بين 26 و27 بالمائة من الناتج المحلي مع وجود انخفاض في الادخار الذي بلغ  6 بالمائة معلقا "االدولة التي لا تتدخر، لا تستثمر ولا تخلق الثروة " 

 

مؤكدين أن القانون غير واقعي ومتفائل جدا ومبني على فرضيات غير مؤكدة، طالب أغلب أعضاء لجنة المالية بسحب مشروع قانون المالية لسنة 2021. رئيس اللجنة هيكل المكي أعلن أن هناك أصوات داخل اللجنة تدعو الى سحب مشروع القانون ومراجعته على أسس علميّة وواقعيّة. وأكدت اللجنة أنه لا يمكن اعتبار تراجع أزمة كورونا أمرا ثابتا ولا يمكن تأكيد عودة نشاط البيترول والفسفاط في ظل تواصل مسلسل قضية الكامور الى غاية الأشهر الأخيرة من السنة الحالية دون بوادر انفر

في تصريح أوردته بيزنس نيوز  أكد وزير المالية علي الكعلي أنه مازال مبكرا للحديث عن سحب القانون وأنه لا يمكنه أن يقرر ذلك بنفسه لأنه قرار حكومي داعيا الى مزيد من النقاش. "للبرلمان شهرين حتى يصادق أو يررفض قانون المالية وفي الاثناء يوجد نقاش وتعديلات من طرف العكومة وهو أمر عادي في كل الديمقراطيات. نحن مستعدون للتحسين والتعديل." صرح الوزير.

 

ونفى الوزير تصريح هيكل المكي  مشددا على أن القانون واقعي وأنه لم ينكر الكورونا بل قرر التعايش معها الى افق 2021 لأنه لا أحد يعلم متى تنتهي الجائحة. ودعا الكعلي الى الاطمئنان، مؤكدا أن تونس ستتأقلم وتتعلم من الماضي ولن تعيش نفس الظروف التي عاشتها شهري مارس وأفريل. وتابع أنه يوجد  فرضية في حال عد مرور قانون المالية ان نحتكم للدستور الذي يرمي المرة في ملعب رئيس الجمهورية لاصدار أوامر رئاسية وهو ما يسمح له به الدستور.

 

 ويشير الفصل 66 من الدستور على "إذا لم تتم المصادقة على مشروع قانون المالية في أجل 31 ديسمبر، يمكن تنفيذ المشروع فيما يتعلق بالنفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر رئاسي، وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل"

 

 محافظ البنك المركزي التونسي من جهته أعلن أن إن مؤسسة الإصدار المالي لن تطبع الأوراق النقدية من أجل توفير السيولة لتمويل عجز الموازنة معلنا تمسك البنك المركزي باستقلاليته. وطالب ببحث حلول تعيد عجلة الإنتاج والتعجيل بمعالجة مشاكل قطاعي الطاقة والفوسفات المعطلين.

" الحكومة مدعوّة إلى تحمّل مسؤولياتها في بحث حلول لتمويل عجز الموازنة، يكون فيها البنك المركزي شريكا دون دفعه  الرجل أكد أن هناك حلولا ممكنة للخروج من أزمة التمويل تتمثل اساسا في آلية مقاصة الديون بالمؤسسات العمومية وترشيدها وحوكمة هذه المؤسسات والقيام باصلاحات مشيرا الى تجربة اعادة رسملة البنوك العمومية الناجحة لتصبح هذه البنوك قادرة اليوم على تحقيق ارباح تمكنها من تمويل المؤسسات العمومية والشركات الخاصة.
 تسمك البك المركزي  بالمحافظة على مستوى التضخم الحالي وأكد انه لا يمكن التراجع عن هذا الاستقرار المالي الذي تم تحقيقه بفضل سياسة نقدية صارمة.

 "ماذا لو عجزت الحكومة مرة اخرى العام المقبل من الخروج على السواق الخارجية للحصول على قروض أجنبية .. فهل سيتم مجددا اللجوء الى البنك المركزي لتمويلها؟".  تساءل العباسي، موجها اللوم بدوره لحكومة المشيشي التي اتهمها بخلق صراعات وهمية.

تتواصل أزمة التصريحات فيما تعلو صفارات الانذار. الوزير الأسبق والخبير الاقتصادي حكيم بن حمودة  أكد في تصريح أوردته بيزنس نيوز أن الخلاف على قانون المالية هو تعبيرة واضحة على خطورة الوضع الاقتصادي والتراكمات مثل نمط التنمية واختلال التوازنات الكبرى و الأزمة الصحية الأخيرة التي ادت الى مستوى انكماش غير مسبوق يستطيع أن يصل الى -10 في المائة.   بن حكمودة دعا  تبني الى حالة طوارئ اقتصادية حالا  معلقا "لا اريد استخدام كلمة افلاس لكن اعادة جدولة الديون هي فقط طريقة ديبلوماسية لنقول أن الدولة لن تتمكن من الايفاء بتعهداتها مما يفتح باب الخطر. يجب تفادي ذلك لأنه قد يؤدي لمحاولات التحكم في السيادة الوطنية وقرارات تونس وأمنها القومي.من الضروري توحيد كل الجهود وبسرعة."

عبير قاسمي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter