alexametrics
الأولى

بساحة القصبة- السلطة الرابعة تتجند للدفاع عن حقوقها!

مدّة القراءة : 4 دقيقة
بساحة القصبة- السلطة الرابعة تتجند للدفاع عن حقوقها!

بشاراتهم الحمراء، وعزمهم على اصلاح الأزمات النسقيّة والهيكليّة التي يمر بها القطاع وتمسكهم بحقوقهم في ان، واصل الصحفيون في احتجاج ذكيّ الالتزام بمسؤوليتهم المهنية والاجتماعيّة في توفير المعلومة لمُواطنيهم دون تعطيل خلال أولى الحركات للمسار الاحتجاجيّ القادم، ثان امتحان للقيادة النقابية الشابة الجديدة، بعد مشروع تنقيح المرسوم 116 الذي اقترحهُ واهما ائتلاف الكرامةالاسلامي، سيستامُ المناولة للنهضة.

الخميس 26 نوفمبر لجُند صاحبة الجلالة موعد مع ساحة الحكومة بالقصبة في يوم غضب قطاعي مُشترك بين نقابة الاعلام التابعة لاتحاد الشغل ونقابة الصحفيين، يتبعهُ اضراب عام فتصعيد متواصل أمام تململ رئاسة الحكومة وتراجعها عن التزامها الأخلاقي والقانوني الذي يتنزّل في سجل "استمرارية الدولة" اذا أردنا استعارة التعبير من لسان رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي طالما كرّر هذه اللفظ-كاذبا، بينما الواقعُ أن ديوانه لم يتردد في اهانة الصحفيين واعتماد منهج تفاوضيّ غير جدي مع أن الامر لا يتعلق بالتفاوض بل بالايفاء بالتعهدات ونشر الاتفاقية الاطارية المشتركة، التي تضمن حقوقا أساسية لا رفاهيات وامتيازات-كالتي يتمتع بها بعضُ موظفي القصبة مثلا. الاتفاقية هي نتاج سنوات من المُراكمة والمطلبية الموجهة لتحسين الظروف الاجتماعية للصحفيين لأنهم أولى حلقات الاصلاح المنهجي للقطاع المُشغل الذي يعيشُ مأزقا حقيقا على مستوى الهيكلة الاقتصادية للمؤسسات، المحتوى الاعلامي، والوضعية الهشة للصحفيين. فلا اصلاح دون القطع مع التشغيل الهشّ، وضمان الحقوق المعنوية والمادية للصحفي الذي لا يمكنه أن يُنتج مضمونا ذا جودة دون أن تكون كرامته مكفولة. لم الاتفاقية مُهمة، ولم يجب نشرها بالرائد الرسمي خاصة بعد قرار المحكمة الادارية القاضي بذلك فورا؟ الاجابةُ أنه في فلسفة القانون "الاتفاقية" هي أثر قانوني وازن لحماية الصحفيين كون المؤسسات الخاضعة لتطبيق الاتفاقية المشتركة ملزمة حسب مجلة الشغل بتنفيذها. وفق الفصل 31 من مجلة الشغل فان الاتفاقية تعني اجرائيا "اتفاقا متعلقا بشروط العمل مبرم بين المؤجرين المنظمين لكتلة أو القائمين شخصيا من جهة أو بين مؤسسة أو عدة مؤسسات نقابية للعمال من جهة أخرى تحتوي على الحرية النقابية وحرية الرأي ولأجور وشروط انتداب العمال واعفائهم وأجل الإعلام بالخروج."
تتضمن الاتفاقية الاطارية للصحفيين هذه الشروط، و تُعد متأخرة نسبيا، 8 سنوات بعد الثورة. وطبعا، تعد الثورة بداية تقويم صفحة جديدة للصحافة التونسية التي لم تعد تحت اليد العليا للنظام الفاسد السابق-المعادي لحريتّها، ناهيك عن حقوق منظوريها. وحتى لا ننسى، فان التشغيل الهشّ أدّى لوضع الصحفي عبد الرزاق الرزقي حدّا لحياته حرقا في ديسمبر 2018 وهذه أهم بنودها :


الحقوق المادّية وساعات العمل


تُلزم المؤسسات الإعلامية التونسية، بموجب هذه الاتفاقية، بإعطاء أولوية الانتداب بنسبة 50 في المائة على الأقل من مراكز عمل الصحفيين بالمؤسسة لفائدة المترشحين الحاملين لشهادة جامعية في مجال الصحافة وعلوم الإخبار والاتصال، وفي صورة انتداب صحفي واحد بالمؤسسة المعنية، وجب أن يكون من ضمن هؤلاء المترشحين. كما تلتزم الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقية بعدم التعاقد مع المتعاونين للقيام بأعمال يمكن إنجازها من طرف الصحفيين القارين المنتمين لها مما من شأنه تذليل البطالة في صفوف خريجي الصحافة.
وفق تعليق نقيب الصحفيين المُغادر ناجي البغوري فان الاتفاقية أنهت نظريا هضم الحقوق المادية للصحفيين. تحدد الاتفاقية الاطارية أجرًا أدنى للصحفي في كل المؤسسات بـ1400 دينار خام. كما تضبط مدة العمل وفق النظام الاعتيادي بـ40 ساعة في الأسبوع، وبالنسبة للصحفيين الذين يكلفون بمهامهم خارج المؤسسات، تضاف العمل الفعلي التنقل ذهابًا وإيابًا لإنجاز المهمة. وينتفع الصحفي براحة أسبوعية بيوم أو يومين حسب كيفية توزيع ساعات العمل. كما ينتفع كل صحفي مباشر لمهنته بإجازة سنوية خالصة الأجر تتناسب مدتها مع أيام العمل وتقدر بـ30 يومًا عن كل سنة كاملة. وتتعهد المؤسسات بتمكين الصحفيين العاملين لديها بتسهيل تكوينهم ورسكلتهم من أجل تحسين مهاراتهم لمدة لا تقل عن 12 يومًا في السنة خالصة الأجر.
كما تتضمن بعض فصول الاتفاقية المختلفة المستلهمة من روح مجلة الشغل، تنصيصا على اختيارية التقاعد والاستقالة ورخص المرض ونظام التأمين وحفظ الصحة والسلامة المهنية.


أخلاقيات المهنة


على اعتبار أن الجانب الأخلاقي للمهنة هو السبيل للارتقاء بها نحو صحافة الجودة، تنص الاتفاقية على التزام المؤسسات الصحفية باحترام خصوصية العمل الصحفي وحق الصحفيين العاملين لديها في حرية الرأي والتعبير بما يمليه عليهم ضميرهم والخط التحريري للمؤسسة. كما تلتزم المؤسسات باحترام حقوق التأليف لفائدة الصحفيين على إنتاجهم الفكري والفني، كما تلتزم بألا يقع أي تحريف لأعمالهم أو تغيير في مضمونها طالما التزمت بأخلاقيات المهنية دون موافقتهم مسبقًا قبل نشرها.
ونلحظُ أن الاتفاقية نصت على بند الضمير ومضمونه أنه في صورة حصول أي تغيير جوهري في الخط التحريري للمؤسسات الصحفية، أو إحالة نشاطها للغير أو توقفها عن النشاط لأي سبب من الأسباب، يحق للصحفي أن ينهي عقد عمله معها، دون تنبيه مسبق، على أن لا يقل التعويض لفائدته على التعويض المترتب عن الطرد التعسفي.
ولضمان التكوين المستمر للصحفيين وتأقلمهم مع التغيرات في عالم الميديا ومراكمة الخيرة والمهارات، تتضمن الاتفاقية تشديدا على ضرورة منح الصحفيين مدة من التكوين لا تقل عن 12 يوما في السنة خالصة الأجر طبق برنامج سنوي تتفق عليه كل من المؤسسة الإعلامية ونقابة الصحفيين.

حقوق الصحفيات


رغم أن هذا القطاع مُؤنث تشكل الصحفياتُ النسبة الأكبر منه، لكن مطالبهن ظلت "أمرا غير عاجل" ويفسر ذلك بأن رؤساء المؤسسات والقيادة النقابية وممثلي الهيئات والحكومة ليس من ضمنهم امرأة واحدة. صورة توقيع الاتفاقية في جانفي 2019 كانت صورة ذكورية للبدلات الفخورة دون أي تمثيلية للصحفيات ضمن مواقع القرار والتفاوض، أمر مخجل فعلا نظرا لتشدق كل من في الصورة بتقدميته وايمانه بتمكين الصحفيات والمساواة، لازالت الصحفيات في عديد المؤسسات تتمتعن بأجور أقل من زملائهم الرجال وتهميش على مستوى توزيع المهام والارتقاء في السلم المهني. ما يُحسب لهذه الاتفاقية هو إقرار انتفاع المرأة الصحفية الحامل بإجازة لا تقل مدتها عن 14 أسبوعا. نقطة ايجابية، لكن غير كافية بالمرة ومازال الكثير أمامهّن للنضال من أجله.
وأقرت الاتفاقية مبدأ عدم التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الإعاقة أو الحالة العائلية أو غير ذلك وضمان حرية الرأي والتعبير توافقا مع مبادئ الدستور واستجابة لعلويته على القوانين والأوامر التطبيقية بأنواعها.

ولا يذهبُ الظن أن تحركات الصحفيين تتعلق حصرا بمصالحهم المادية (المشروعة)، فان الاحتجاج يحمل أبعادا أخرى كاعادة القانون الأساسي لحرية الاتصال السمعي البصري للنقاش في البرلمان بعد أن سحبهُ المشيشي ليفتح المجال لقانون التحالف الهجين قلب تونس-ائتلاف الكرامة. كما يدخل ضمن ساحة الاحتجاج المطالبة باصلاح شامل لمؤسسات الإعلام العمومي التي تشكو من سوء الحوكمة وفتح باب الترشيحات لخطة رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية. ويشكل ملف المؤسسات المصادرة قضية كبرى يدافع عنها صحفيو هذه المؤسسات وزملائهم من المساندين فيما تواصل الحكومة حديثة العهد وقليلة الخبرة رفض تطبيق القرار القاضي بإلحاق إذاعة الزيتونة بالمرفق العمومي والمماطلة في قضايا إذاعة شمس أف أم ومؤسسة دار الصباح، وشركة كاكتوس برود. والقائمة تطول، من التعهدات الوهمية باصلاح قطاع الصحافة المكتوبة كـ"التوزيع العادل للدعم وإحداث وكالة للإشهار العمومي" والاجراءات -التي لا أثر لها - لاسناد المؤسسات الاعلامية المتضررة من جائحة كورونا. لعلّ الايام القادمة تُفسّر لساكن القصبة وحاشيته، أنه لا وطن حر دون صحافة حرّة.

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter