خطّة إتّحاد الشغل الإستراتيجيّة للعمل مع حكومة الفخفاخ

لعب الإتّحاد العام التونسي للشغل دورا هاما وفعالا في مشاورات تشكيل حكومة إلياس الفخفاخ وساهم في تقريب وجهات النظر بين الفاعلين في المشهد السياسي وذلك لأنّه الفاعل الأساسي في البلاد وفي المؤسّسات. 

بعد أن نالت حكومة الفخفاخ ثقة البرلمان وتسلّم رفقة وزرائه مهامهم بصفة رسميّة في الحكومة، لم يفت إتّحاد الشغل توجيه النصائح للحكومة الجديدة مؤكدا أنّه ساهم  في إنقاذ البلاد وفي تعديل المشهدين الاجتماعي والسياسي وفي الحدّ من التجاذبات التي دفعت بعض الأطراف إلى أن تضع مصلحتها الشخصية فوق مصلحة تونس.

اتّحاد الشغل إعتبر أنّ الإعلان  عن تشكيل الحكومة ساعد على تجنّب الاحتقان الذي بلغ ذروته في المدة الأخيرة في ظل شبه فراغ حكومي عمّق حالة عدم الاستقرار السياسي وكاد يعصف بالتجربة الديمقراطية ويدخل البلاد في مسار مجهول وغامض. الإتّحاد أكّد في بيان له أنّ موقفه من حكومة الفخفاخ سيتحدّد من خلال برنامجها وأولوياتها وأدائها ومدى استجابتها لانتظارات الشعب وقدرتها على حلّ المسألة الاجتماعية المتعلّقة بالتشغيل والانتدابات وتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتجاوز الوضع المتردّي للمرافق العمومية ومقاومة الفقر والخصاصة والتهميش وكذلك بتخطّي الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

نور الدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل دعا الحكومة الجديدة إلى الالتزام بتعهّدات الحكومات السابقة وإلى تطبيق الاتفاقيات المبرمة احتراما لمصداقية التفاوض، وطالبها بالانكباب على فضّ المشاكل القطاعية العالقة ومنها ملفّات التشغيل الهشّ بين عمّال الحضائر ومنهم عمّال الحضائر الفلاحية وأعوان الاعتمادات المفوّضة والأساتذة النوّاب وخرّجي الإجازة في علوم التربية وسائر المتعاقدين في الكثير من القطاعات.  الطبوبي دعا حكومة الفخفاخ إلى تطبيق الاتفاق المُمضى حول إعادة التوظيف المضمّن بالفصل الثاني من القانون التكميلي لميزانية 2014 والذي صدر بشأنه الأمر الترتيبي بتاريخ 2 سبتمبر 2016.

إتّحاد الشغل حذّر من تدهور الوضع الأمني الذي تمظهر في تنامي منسوب العنف والجريمة والاعتداءات التي تستهدف المواطنين وطالب بمضاعفة جهود مكافحة الجريمة وضمان أمن التونسيات والتونسيين، ودعا أيضا السلطات إلى تتبّع المطبّعين ومنع أي مسار تطبيعي بكل أشكاله عبر إصدار قانون يجرم التطبيع.

كما دعا الأمين العام المساعد لاتّحاد الشغل سمير الشفي حكومة  الفخفاخ إلى أن تضع في أولويات جدولها القدرة الشرائيّة للمواطنين، وأن تحترم  الإتفاقيات المُبرمة بين اتحاد الشغل والحكومة، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح مؤسّسات القطاع العام على قاعدة تأمين ديمومتها بالإضافة إلى إعادة النظر في النظام الجبائي. وأكّد على ضرورة إيلاء مسألة التهريب الأهميّة القصوى ووضع حدّ لمسألة مسالك التوزيع الغير قانونيّة، ودعا الحكومة إلى أن  تتميّز بالإنسجام في المواقف والقرارات.

عبد الرحمان اللاحقة الخبير الاقتصادي بقسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل، قي تصريح لإكسبراس أف أم، أفاد أنّ تونس تعرّضت لسوء حوكمة خلال العشر سنوات الفارطة وأنّ الجانب السياسي طغى على الجانب الإقتصادي في البلاد. ودعا الخبير الإقتصادي باتحاد الشغل إلى ضرورة بلورة عقد إجتماعي جديد الذي سيُجدّر مدنيّة وحداثيّة الدولة، وأوضح أنّ هذا العقد سيحدّد حقوق وواجبات كلّ طرف على غرار دور القطاع العمومي ودور القطاع الخاصّ ودور الدّولة. ''لا يجب أن نبيع الأوهام للشعب التونسي'' أفاد عبد الرحمان مبرزا أنّ الخروج من الأزمة يتطلّب تمشّي مرحلي وعلاني، وبيّن أنّ الإتّحاد قدّم خطّة على امتداد عاميْن لإعادة التوازن في البلاد بالإمكانيات الذاتية القائمة على التقليص من التداين. كما أنّ هذه الخطّة تعتمد على اعادة استغلال القطاعات المنسيّة التي تمثّل 20 بالمائة من الإقتصاد التونسي ودعا الحكومة الجديدة إلى ضرورة مراجعة قطاع الفسفاط والطاقة والسياحة والأشغال العموميّة والبناء، بالإضافة إلى أهميّة توسيع الإستثمار العمومي وإصلاح المنظومة الجبائيّة. وأضاف أنّ الإتحاد له على امتداد متوسّط المدى خطّة للتنمية يعتمد على العديد من الركائز بالإضافة إلى إصلاح المؤسّسات العموميّة.

وأشار الخبير الإقتصادي بقسم الدراسات باتحاد الشغل أنّ رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ شارك العديد من المرات في مجلس الخبراء بالإتحاد وكان هناك صريح وعميق بشأن دور المؤسّسات العموميّة وضرورة إصلاحها، وأكّد أنّ الإتحاد ضدّ بيع المؤسّسات العموميّة ولكنّه يسعى لإيجاد حلول لإخراج تلك المؤسّسات من أزمتها الماليّة وإعادة هيكلتها بتوجّه عقلاني تشارك فيه كلّ الأطراف المعنية على رأسها الحكومة. 

إعتبر اتحاد الشغل أنّ حكومة يوسف الشاهد كانت أسوأ حكومة في تاريخ تونس، والإتحاد بصدد تحضير خطّة استراتيجيّة لبرنامج إصلاح وطني لحكومة الفخفاخ لإصلاح الوضع الإقتصادي والإجتماعي بالبلاد وبقي على الفخفاخ وحكومته التعاون والتفاعل إيجابيا مع الإتحاد لتحقيق ذلك. 

يسرى رياحي