حركة النهضة تسقط الفخفاخ من حساباتها... و البديل جاهز
حركة النهضة : شبهة تضارب المصالح تستوجب إعادة تقدير الموقف من الحكومة والائتلاف المكون لها
لا يزال موضوع رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وشبهة تورطه في ملفات تضارب مصالح وتحقيق فوائد مالية لشركاته يهيمن على المشهد السياسي في تونس، حيث ان أغلب التحاليل السياسية تركزت على السيناريوهات الممكنة لتعويض الفخفاخ وعن الجهة السياسية المنوط بعهدتها اقتراح بديل لرئيس الحكومة حسب ما ينص عليه الدستور.
مصادر مؤكدة داخل الفريق الحكومي لإلياس الفخفاخ أكدت أن موضوع الاستقالة غير مطروح البتة، حيث ان رئيس الحكومة يرى أنه لم يرتكب جرما يستحق الخروج من الباب الخلفي بسببه، ويرى أيضا ان حكومته خلال أيام قليلة من امساكها زمام الأمور وجدت نفسها في مواجهة وضعية غير مسبوقة منذ الاستقلال وأحسنت التعامل معها وانقذت التونسيين من مصير مجهول وبالتالي كان ينتظر مناخا سياسيا أفضل للعمل ومواصلة الإصلاح بدل التركيز على جدل اسماه مصدرنا – الدونكيشوتيزم- أو اختراع خصم وهمي و الصراع معه لتحسين شروط التفاوض او الخروج في ثوب البطل.
- النهضة تناور... والبديل جاهز
مجلس شورى حركة النهضة، سينعقد في دورة استثنائية السبت القادم لمزيد النظر في موقف الحركة من حكومة الفخفاخ، ويرى محللون أن الحركة تحاول إخضاع الفخفاخ وحكومته لخياراتها وإملاءاتها بعد إعلانها أنها ستعيد النظر في موقفها من الفريق الحكومي وتحالفه الذي “تضرر من قضية تضارب المصالح التي تلاحق رئيسه”.
النهضة ومن خلال البيان الصحفي الذي نشرته أمس الاحد 05 جويلية 2020، مررت رسائل مبطنة لرئيس الحكومة أنه لا خيارات كثيرة أمامه، بل هما خياران فحسب إما دخول المعبد الأزرق وتوسيع الحزام الحكومي أو تفعيل الفصل 97 من الدستور وسحب الثقة منه.
مصادرنا داخل الحركة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن النهضة انطلقت فعلا في سيناريو لائحة اللوم وسحب الثقة من الفخفاخ، وأعدت البديل له بل انطلقت فعلا في إعداد الخطوط العريضة للحكومة الجديدة وحزامها السياسي المتكون من النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس وبعض المؤلفة قلوبهم داخل المجلس.
وان كان القانون لا يسمح لمجلس النواب بتقديم لائحة لوم وسحب الثقة من الحكومة قبل مرور 6 أشهر من توليها رسميا الحكم فان النهضة قند انطلقت في مساعيها لبلوغ موعد 28 أوت القادم تاريخ انتهاء مدة الستة أشهر القانونية باتفاق حقيقي حول رئيس الحكومة البديل وقد تم الاتفاق حول شخصية قريبة من قلب تونس ولا مشاكل لديها مع حركة النهضة.
- قيس سعيد الخصم الحقيقي للنهضة
الخصم الحقيقي لحركة النهضة ليس الياس الفخفاخ، بل هو قيس سعيد، والهدف الحقيقي هو سحب البساط من أمامه واسترجاع المبادرة منه بعد سقوط مشروع الحبيب الجملي وحكومته لكن الدستور جعل أمامها منفذا واحدا وهو الفصل 97 من الدستور الذي يشترط أولا لائحة لوم يمضيها ثلث النواب وهو أمر يسير بالنسبة للنهضة وشركائها، ثم نيل الثقة ب 109 نائبا مع اقتراح اسم المرشح البديل خلال اللائحة وذلك بعد ستة أشهر من تاريخ مباشرة الحكومة لمهامها.
أكثر من شهر ونصف قانونيا تفصل حركة النهضة على إمكانية سحب الثقة من الفخفاخ وهي مدة طويلة جدا في عام السياسة و من المبكر جدا الحديث عن فرضية تفعيل الفصل 97، لكن مصادر مؤكدة تؤكد ان هدف النهضة الفعلي ليس ابعاد الفخفاخ بقدر ما هو تحقيق نقاط سياسية على حسابه واستغلاله لتنفيذ برنامجها في ابعاد حركة الشعب من التحالف الحكومي لإضعاف موقف الرئيس و سحب المبادرة منه في اطار الحرب الباردة بين الطرفين.
قيس سعيد طبعا يدرك جيدا ان حركة النهضة تستهدفه مباشرة وتخطط لعزله سياسيا وابعاده عن الشأن السياسي الداخلي والاكتفاء بصلاحياته التي منحها له الدستور، وان كانت تدخلت أيضا في ملف الديبلوماسية الخارجية من خلال الملف الليبي، وحسب ما أكدته مصادر مقربة من قصر قرطاج فان الرئيس لا ينوي خسارة المبادرة لفائدة مجلس النواب ويحاول دفع الياس الفخفاخ الى الاستقالة وله البديل السياسي القادر نسبيا على جمع 109 صوتا اللازمة لتشكيل حكومة جديدة.
- الحوار الوطني في البال
موقف الاتحاد العام التونسي للشغل عبر تصريحات أمينه العام نور الدين الطبوبي خلال الأيام القليلة الماضية، أكد رفضه التام أن يكون العمال والقطاعات الهشة من يدفع الفاتورة ويتم تحميلهم أعباء الأزمة أو أن يتم المساس بأجورهم و أكد في نفس الوقت أن الاتحاد ليس طرفا في أي صراع سياسي بين رئيس الحكومة الياس الفخفاخ و حركة النهضة و ان اكدت بعض المصادر المؤكدة أن موقف الاتحاد لن يكون في صف النهضة و ائتلاف الكرامة و سيراجع موقفه من الفخفاخ و حكومته و لن يكون أداة ضغط عليها لخدمة أجندا النهضة و لو كان ذلك بصفة غير مباشرة.
حيث أن الاتحاد سيحاول مسك العصى من المنتصف وان لا يتنازل عن حقوق منتسبيه ولن يكون في نفس الوقت أداة طيعة في خدمة حركة النهضة وائتلاف الكرامة وسيحاول قدر الإمكان تهدئة نسق الاحتجاجات وعدم الدخول في الصراع الا في بالحسنى في إطار مشروع صلحي شبيه بمبادرة الحوار الوطني التي فاز من خلاله بجائزة نوبل للسلام مناصفة مع الثلاثي الراعي للحوار، حيث ان المناخ السياسي في تونس الان شبيه الى حد كبير بما كان عليه سنة 2013 الى حدود تولي المهدي جمعة رئاسة الحكومة و يحتاج الى حل تجميعي شبيه بمبادرة الحوار الوطني حيث سيجلس كل الفرقاء السياسيين على طاولة النقاش للخروج بحل يرضي الجميع.
حسب الاخبار القادمة من محيط الياس الفخفاخ كما أسلفنا الذكر، لا يفكر رئيس الحكومة في الاستقالة، على الأقل في الوقت الراهن و لا ينوي أيضا التوسيع في التحالف الحكومي استجابة لمطلب حركة النهضة وبالتالي فان الوضع السياسي مرشح للتأزم أكثر فحركة النهضة لا يهمها الفخفاخ بقدر ما يهمها تحقيق نقاط سياسية و ربح المعركة ضد الرئيس قيس سعيد، و سعيد نفسه لم يعد يناصر الفخفاخ كما كان في السابق و يرغب في التضحية به لعدم خسارة الحرب و هو ما يعني ان الفخفاخ ان أراد مواصلة الحكم عليه إيجاد حل يضمن له 109 صوتا داخل المجلس.
حسام بن أحمد
تعليقك
Commentaires