بيع الكمامات في الشوارع جريمة يُعاقب عليها القانون و90 بالمائة منها غير مطابقة للضوابط العلميّة
''يجب أن ندخل في هذه المرحلة الجديدة ونُصرّ على النجاح بحسن التنظيم من طرف الدّولة والإلتزام من طرف المواطن'' بهذه الكلمات أكّد وزير الصحة عبد اللطيف المكي في ندوة صحفيّة له اليوم الثلاثاء 5 ماي 2020، بمناسبة إحياء اليوم العالمي والوطني لحفظ صحة الأيدي، على أنّ الدخول في العمل بالحجر الصحّي الموجّه هو أمر ضروري لعودة الحياة تدريجيا لسالف نشاطها خاصّة في ظلّ تراجع عدد الإصابات بفيروس كورونا مشيرا أنّ مدى إلتزام المواطن بإجراءات التعامل مع هذه الفترة هي رهينة مواصلة العمل بالحجر الموجّه من عدمه.
''بالأمس نحن إنزعجنا حقيقة لظاهرة عدم إرتداء الأقنعة الواقية.. إرتداء الأقنعة بالرّغم من أنّها تُقلقنا قليلا ولكنّها تحمينا وتوفّر لنا نسبة حماية قد تصل إلى 70 بالمائة.. من أصعب الأشياء هي قضيّة تنظيم المواطنين في وسائل النقل العمومي''، هذا التصريح لوزير الصحة عبد اللطيف المكي، تعود أسبابه إلى الفوضى وسوء التنظيم لليوم الأوّل من الحجر الصحّي الموجّه يوم أمس الإثنين حيث شهدت وسائل النقل حالة من الإكتظاظ سواء في الحافلات أو في شبكة المترو. كما أنّ دعوة وزارة النقل ووزارة الصحّة وهياكل الدولة إلى ضرورة التباعد الجسدي بين الرّكاب في وسائل النقل لم تكن سوى حبرا على ورق. كما أنّ إقرار خروج 50 بالمائة من المواطنين للتنقّل وللعمل كانت أيضا حبرا على ورق. شوارع تونس العاصمة امتلأت بالمواطنين وكلّ الطرقات امتلأت بالسيارات ووسائل النقل وكأنّ الحياة عادت في لمح البصر إلى سالف عهدها ولا وجود لوباء يُدعى ''كورونا'' في تونس. بالإضافة إلى عدم احترام المواطنين لشرط التباعد الجسدي بينهم، لم يلتزم الكثير منهم بارتداء الكمامات الواقية.
''هذا الإخلال يضعنا في وضع هش في مواجهة الكورونا'' بهذه الكلمات عبّر وزير الصحّة على أنّ عدم ارتداء الكمامات له دور في إضعاف استراتيجيّة الحجر الصحّي الموجّه وامكانيّة انتشار العدوى بفيروس كورونا، وأكّد أنّه تمّ ضخّ 4 ملايين كمامة بـ 500 مليم وهو سعر مدعوم من قبل الدولة. وكان قد دعا منذ بداية العمل بالحجر الصحّي الموجّه في تدوينة له على ضرورة ارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الجسدي بين الركّاب وأهميّة الحذر والحيطة في وسائل النقل ومراكز العمل. هذه النصائح لم يتمّ الإلتزام بها وتطبيقها وهذا ماسجّله اليوم الأوّل من الحجر الموجّه، كما أنّ مسألة الكمامات ومدى توفّرها شكّلت محور الإخلالات في اليوم الأول وهذا ما تبيّن في عدم ارتداء نسبة كبيرة من المواطنين للأقنعة الواقية في كلّ الأماكن والولايات. وكانت مظاهر الإلتزام بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات الطبيّة تجسّدت فقط في تونس العاصمة تحديدا في الأماكن القريبة من مراكز الشرطة والحرس الوطني ومحطّات تونس للنقل، وهذا ما أكّده مدير عام شركة نقل تونس أنيس ملولشي يوم أمس في تصريح له عندما أشار إلى أنّ تركيز المراقبة على سلامة المواطنين من قبل أعوان النقل كانت قد تمت على مستوى المحطات الكبرى بالعاصمة أساسا، وتعقيبا منه على عدم التزام الناس بإرتداء الكمامات الواقية في وسائل النقل رغم إجباريتها، أعلن أنّ وزارة النقل ستقوم بتوزيع كمامات مجانية وسيقوم شباب متطوّعون من الكشافة بتوزيع حوالي 700 كمامة في محطات تونس الكبرى. وردّا منه على عدم إلتزام الركاب بالتباعد الجسدي في وسائل النقل، أفاد قائلا '' نجاح الحجر الموجّه مُرتبط بالنقل ونحن اشتغلنا بكافة طاقاتنا ويوجد الإيجابي والسلبي، حددنا العدد الأقصى للمسافرين تبعا للتباعد الاجتماعي ووفّرنا عدد كبير من العربات خاصة في أوقات الذروة وكان كافة الأسطول في حالة عمل مما يعادل 700 حافلة 70 ميترو و 5 قطارات تي ج أم''.
الجدير بالذكر أنّ إجراءات الوقاية المنشورة في موقع وزارة النقل تتمثّل في نقل 40 شخصا بالنسبة للحافلات العادية، و65 شخصا بالنسبة للحافلات المزدوجة و120 شخصا بكلّ عربة من عربات المترو أو قطار ت.ح .م أي 240 شخصا بالسفرة الواحدة. بالإضافة إلى الاقتصار على نقل حاملي التصاريح أو استمارات التصريح على الشرف بعد الاستظهار بها وجوبا قبل الصعود مع إجبارية وضع الكمامات من قبل كافة المسافرين وأعوان الشركة.
على الرّغم من أنّه تمّ توزيع 10 آلاف كمامة واقية مجانية على متساكني مدينة تونس بتاريخ 2 ماي، منها القابل للغسل ومنها الكمامات الطبية ذات الاستعمال الواحد، شهدت محطّة برشلونة يوم أمس الإثنين اكتظاظ وعدم التزام الركاب بإرتداء الكمامات ولاحظ الكثيرون دعوة أعوان المراقبة التابعين لوزارة النقل للركاب بالنزول من المترو وحثّهم على شراء كمامات من رجل تعمّد الإنتصاب الفوضوي في المحطّة وبيع الأقنعة الواقية مجهولة المصدر للمتنقّلين عبر شبكة المترو، بسعر دينار و1500 مليم. مثّلت هذه العمليّة محور حديث الرّأي العام يوم أمس، ''من أين جلب ذلك الرجل الكمامات ومن حدّد له سعر البيع وهل هي مطابقة لشروط الصحّة أم لا'' وكيف لوزير النقل أنور معروف أن لا ينتبه أثناء تفقّده لمحطّات النقل إلى تواجد ذلك الكهل بمحطّة برشلونة، وهو الذي قام يوم أمس الإثنين بمعاينة وسائل النقل وكان قد أكّد أثناء زيارته لمحطة الترابط بساحة برشلونة، على توفير كلّ الإمكانيات لإنجاح هذه المرحلة حيث أعطى تعليماته للمراقبين للتثبّت من استعمال تراخيص التنقل والكمامات والتنسيق مع المتطوعين من منظمات الغرف الفتية والكشافة والمصائف والجولات والحرص على ضمان احترام مسافة الأمان وتوزيع المنشورات الخاصة بتوعية المواطن بضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية.
مدير عام شركة نقل تونس أنيس ملولشي مُعلّقا على موضوع بيع الرجل للكمامات الواقية بطريقة غير قانونيّة، أكّد أنّ لا علم له بمسألة بيع الكمامات الواقية من قبل ذلك الشخص وأوضح أنّه سيتحرّى في الموضوع وسيتمّ اتّخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة في حقّ ذلك الشخص، ودعا كافّة المواطنين إلى ضرورة شراء الكمامات الواقية من الصيدليات لضمان نجاعتها، مؤكّدا على أهميّة إرتداء الكمامات للحفاظ على سلامة المواطنين. من جهته، اعتبر الدكتور حبيب غديرة عضو اللجنة العلمية الوطنية لمتابعة فيروس كورونا، أنّ ما قام به ذلك المواطن ''جريمة يعاقب عليها القانون'' وأكّد أنّ نسبة 90 بالمائة من الكمامات التي تُباع خارج الأطر القانونيّة غير مطابقة للضوابط العلميّة، ودعا إلى فتح تحقيق في الغرض من قبل وزارة الداخلية لأنّ هذه جريمة في حقّ حياة التونسيّين. كما اعتبر أنّ ما حدث في اليوم الأوّل من الحجر الصحّي الموجّه من حالات اكتظاظ في وسائل النقل وعدم احترام الناس لشروط السلامة الصحيّة أمر عادي سيتمّ تداركه في الأيام القليلة القادمة، مؤكّدا أنّه في صورة استمرار حالة الإنفلات وتواتر الإخلالات، سيتمّ العودة للحجر الصحي الشامل ''ليس لنا حلّ آخر''.
كلّ من وزارة التّجارة ووزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أعلم المؤسسات المصنعة للكمّامات الواقية المعدة للاستعمال الغير الطبي بما فيها المؤسسات المصدرة كليا أن ترويجهم لمنتجاتهم يتمّ لدى موزّعي الأدوية بالجملة والمساحات التجارية شريطة الاستجابة للشروط الفنية، كما أنّ الوزارتان، أكّدتا على أن تكون الكمَامات مطابقة للمعايير المضمنة بكراس الشروط الفنية الصادر بتاريخ 11 أفريل 2020، وأشارتا إلى ضرورة الالتزام بقرار وزير التجارة الذي حدّد سعر البيع الأقصى للكمامة الواحدة بـ 1.850 دينار. وكان وزير التجارة محمد المسيليني، قد أصدر قرارا يحدّد الأسعار القُصوى لبيع الكمامات الجراحيّة ذات الإستعمال الوحيد باحتساب جميع الأداءات في مختلف مراحل التوزيع، وتمّ تحديد سعر البيع من الصيدليّة المركزيّة بـ 379 ملم، كما أنّ سعر البيع بالجملة يقدّر بـ 417 ملم، وسعر بيع الكمامات الجراحية للعموم قدّر بـ 500 ملم. كما أنّ الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية، أفاد أنّ الصيدلية المركزية قامت بكلّ ما يلزم لتوفير مليون و300 ألف كمامة من نوع " FFP2 " وحوالي 25 مليون "كمامة جراحية"، وأكد أنّ التنسيق جار بصفة يومية مع سفير تونس بالصين لمتابعة عملية الصنع من قبل المزودين، مشيرا الى أن الصيدلية المركزية تقدمت بطلب لوزارة المالية قصد إعفائها من المعاليم الديوانية والاداءات المستوجبة عند توريد المستلزمات الطبية للحماية الفردية و التي تبلغ 24 مليون دينار وذلك لتخفيض سعر البيع بأكثر من 30 بالمائة.
تجاوزت تونس مرحلة خطورة تفشّي فيروس كورونا بكلّ الإمكانيات التي سخّرتها الدّولة ودخلت في المرحلة الأولى من الحجر الصحّي الموجّه بغاية عودة الحياة الإجتماعية والإقتصاديّة بصفة تدريجيّة إلى سالف نشاطها، ونجاح هذه العودة الحذرة رهين مدى إلتزام المواطنين بإرتداء الكمامات الصحيّة الواقية وتطبيق التباعد الجسدي بينهم واتخاذ كافّة آليات السلامة الصحية أثناء التنقّل والعمل.
تعليقك
Commentaires