alexametrics
الأولى

صيحة فزع - لا لتركيع قطاع الإتّصال السمعي البصري لخدمة أجندات سياسية

مدّة القراءة : 8 دقيقة
صيحة فزع - لا لتركيع قطاع الإتّصال السمعي البصري لخدمة أجندات سياسية

 المرسوم عدد 116 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011، والمتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، هو مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية المؤقت، باقتراح من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. يضمن هذا المرسوم حرية الاتصال السمعي والبصري وينظّم ممارستها ويحدث هيئة تعديلية مستقلة للاتصال السمعي والبصري يمارس أعضاء الهيئة مهامهم في كنف الاستقلالية والحياد وعلى أساس خدمة المصلحة العامة دون غيرها، وتكلف بالسهر على ضمان حرية الاتصال السمعي والبصري وتعدديته، وفقا للمقتضيات المنصوص عليها بهذا المرسوم، وتمارس الهيئة مهامها باستقلالية تامة دون تدخل من أيَة جهة كانت من شأنها التأثير في أعضائها أو نشاطاتها على امتداد ستّة سنوات من تعيّينها. 

 

منذ إصدار هذا المرسوم وتشكيل الهيئة العليا المستقلة للإتّصال السمعي البصري، تجنّدت هذه الهيئة لمراقبة قانونيّة الإذاعات والقنوات التلفزية ومعاقبة كلّ من يتجاوز أخلاقيات المهنة. وعلى الرّغم من المجهودات التي قامت بها الهايكا لتنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري، إلاّ أنّ العديد من الأشخاص النافذين في البلاد قاموا بالتمرّد على قانون الاتصال السمعي البصري وأحدثوا قنوات تلفزية وإذاعات غير قانونية على غرار قناة نسمة لصاحبها رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي وإذاعة القرآن الكريم لصاحبها رئيس حزب الرحمة سعيد الجزيري. هؤلاء تمرّدوا على الهايكا ولم يخضعوا لقراراتها واستمروا في البثّ بطريقة غير قانونيّة، كما أنّ العديد من الأحزاب الإسلامية تعمّدت ممارسة أسلوب الضغط على العديد من القنوات التلفزية والإذاعية على غرار حركة النهضة التي مارست الضغط والتهديد على قناة الحوار التونسي التي أضحى صاحبها سجينا بسبب الحركة الإسلامية.

 

أيضا ائتلاف الكرامة الحزب الذي ما انفكّ نوابه في التهجّم على الصحفيين ونعتهم بأبشع العبارات وخاصّة أعضاء الهايكا لم يسلموا من السب والشتم من قبل هؤلاء، ائتلاف الكرامة اعمتد أسلوب منهجُ للتهجم على الصحفيين وصار ذلك سلوكا نمطيا لزعيم الائتلاف سيف الدين مخلوف  المُوالي لحركة النهضة، وهو سلوك عدواني ممنهج ضد الاعلام وهيئته التعديلية لا يغيبُ كذلك على مُداخلات زملائه في الكتلة.  سيف الدين مخلوف وصف حمزة البلومي بالمُرتزق والكاذب، وذلك في تصريح مباشر على اذاعة اي اف ام اتجه على أثره البلومي للقضاء بتهمة الثلب وتشويه السمعة، أيضا في 25 مارس المُنقضي خصص مخلوف صفحته على فايسبوك لوصف الاعلامي مراد الزغيدي بالقول - يا هايشة .. يا مريض .. يا مُغط .. يا بقايا زبلة يسار بن علي البوليس-. واذ نعتذر على تضمين هذه الألفاظ، الا أنّ صاحبها لم يتردد في نشرها والدفاع عنها بنبرة التهديد وخطاب الكراهية على صفحته الرّسمية. كما اتهم الإعلامي سمير الوافي بأنه كاذب ومتحيّل يغالط الجمهور لرفع نسب المشاهدة، أيضا كان عضو الهايكا هشام السنوسي كان عرضة للتكفير من قبل رضا الجوادي في جلسة علنية بمجلس النواب، تعمد فيها الجوادي بث خطاب تحريضي ضد الهيئة التعديلية التي اتهمها بمعاداة الإسلام والمسلمين.

 

لم يكتفي نواب ائتلاف الكرامة بهذا الحدّ من الإعتداء السافر على قطاع الإعلام، بل تقدّم بمبادرة تشريعيّة في البرلمان، جعلت من قطاع الإتّصال السمعي والبصري اليوم يعيش تهديدا خطيرا وتمرّدا واضحا على السلطة الرابعة من قبل الإسلاميين الذين تركوا مشاريع القوانين الحارقة لمناقشتها واهتموا بمحاولة إدخال الفوضى والهمجيّة على القطاع السمعي البصري. كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان بعد يوم من الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة،  تقدّمت يوم 4 ماي 2020، بمبادرة تشريعيّة تهدف إلى تنقيح بعض فصول المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المنظم لحريّة الاتصال السمعي والبصري وتعديله على مقاسهم، وتنص هذه المبادرة على إلغاء تراخيص بعث قنوات إذاعية وتلفزية وتعويضها بتصريح للوجود لدى كتابة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري مقابل الحصول على وصل في ذلك يتضمن كل المعطيات المتعلّقة باسم الشخص أو المؤسسة المالكة للقناة ومقرّها ورقم سجلّها التجاري ومعرّفها الجبائي وبقائمة في أسماء مؤسسيها ومسيّيريها.

 

هذه المبادرة رفضتها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري في بيان لها اليوم 12 ماي 2020، وحذرت من خطورتها نظرا لأنّها صادرة عن طرف سياسي، ائتلاف الكرامة، يعتبر الهايكا خصما ايديولجيا له وقام نواب الكرامة بالتهجم على الهيئة الدستورية في أكثر من فرصة وتكفير أعضائها. الهايكا شدّدت على أنّ هذه المبادرة مخالفة للدستور إذ أنّها تهدف إلى تجديد تركيبة الهيئة عبر تنظيم انتخابات من قبل مجلس نواب الشعب فيما ينصّ الدستور على أن"تواصل الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري القيام بمهامها إلى حين انتخاب هيئة الاتصال السمعي البصري'' مؤكّدة أنّ إلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي والبصري الخاضعة لكراسات الشروط وتعويضه بنظام التصريح، هو اقتراح خطير يهدف الى إخضاع الهيئة التعديلية المستقلة للمحاصصة الحزبية ولسيطرة مراكز النفوذ الخفية.

 

نقابة الصحفيين التونسيّين في شخص نقيبها ناجي البغوري، اعتبر أن المبادرة التي قدمها ائتلاف الكرامة بخصوص تنقيح المرسوم 116 غير دستورية  لأنّ هناك منشور منظم للإعلام السمعي البصري والقانون ينصّ على وجوب إنشاء قانون أساسي يعوض المرسوم و ينهي الهيئة الحالية وينشئ هيئة جديدة. و قال البغوري أنّ مقترح ائتلاف الكرامة خطير حيث أنه ينصّ على امكانية تأسيس قنوات تلفزية وإذاعية دون رخصة مسبقة  أي أنّ الهايكا تصبح مجرد مكتب ضبط يؤشر على الملفات وبالتالي يمكن لأيّ جهة حتى وإن كانت داعش أن تأسّس إذاعة أو قناة تلفزية و تبث من خلالها المادة الإعلامية التي تريد وتحرّض على ما تريد.

بعد أن أعلن مجلس الوزراء يوم أمس الثلاثاء 7 جويلية، عن مصادقته على مشروع قانون أساسي يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري ويهدف إلى تنظيم القطاع وصلاحيات الهيئة الدستورية المستقلة، ووفقا للناطقة باسم رئاسة الحكومة أسماء السحيري فإنّ هذا المشروع سينظّم صلاحيات الهايكا التي تمّ إحداثها بمقتضى دستور 2014، كما سينظّم كلّ ما يتعلّق بقطاع الإعلام السمعي البصري وفقا لمقاربة حقوقية تضمن حرية الإتصال السمعي البصري، صادقت اليوم الأربعاء لجنة الحقوق والحريّات بالبرلمان، على كامل فصول مقترح القانون الأساسي عدد 34/2020 المتعلّق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والمؤرّخ 02 نوفمبر 2011 المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، كما صادقت عليه برمّته بأغلبية 11 عضو واحتفاظ 3 أعضاء اعتراض عضو واحد. صوتت كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة لفائدة تعديل المرسوم 116، في حين احتفظ نواب الكتلة الديمقراطية، وصوّت نواب الحزب الدستوري الحر ضد التعديل.

المصادقة على هذا القانون أثارت غضب وسُخط ممثلي قطاع الإعلام، كيف لا وهذا القانون يعتبر تعدّيا صارخا على السلطة الرابعة واستقلاليتها. نقيب الصحفيّين ناجي البغوي نشر تدوينة على حسابه بالفيسبوك اعتبر فيها أنّ ''أعداء حرية الصحافة والتعبير يمررون مبادرة تشريعية لخدمة اعلام المافيا والإرهاب والاجهاز على هامش الحرية'' واعتبر أنّ المصادقة على هذا القانون سيسمح قريبا في إنشاء إذاعات داعشية وقنوات جند الخلافة في تونس مشيرا أنّ هذا ما أرادته التيارات الإسلامية المعادية لحرية الإعلام وهي حركة النهضة وإتلاف الكرامة وقلب تونس.


أعضاء المكتب التنفيذي بنقابة الصحفيين استنكروا هذا التعدّي الخطير على قطاع الإعلام ونشروا تدوينات عبّروا فيها عن رفضهم لهذا القانون وأشار البعض أنّ لرئيس الجمهورية قيس سعيد حريّة الطعن في دستوريّة ذلك القانون أو إعادته إلى البرلمان في قراءة ثانية تتطلب 145 صوتا للمصادقة عليه بشكل نهائي. وأكّد البعض الآخر منهم أنّ إلغاء تراخيص إنشاء قناة إذاعية أو تلفزية سيساهم في خلق فوضى على المجال السمعي البصري في تونس.

 

 

كما اعتبر عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الهايكا هشام السنوسي، أنّ المصادقة على هذا القانون اللاّدستوري هو مهزلة سياسية ويعدّ هذا منعرجا خطيرا في قطاع الإعلام نظرا لأنّ هذه المبادرة تمثل تهديدا لحرية الإعلام وتهديدا للمسار الديمقراطي. وأكّد أنّ هذه المبادرة ستفتح الباب أمام الفاسدين وستمكّنهم من وضع أيديهم على قطاع الإعلام وستمكّن كل من هبّ ودبّ من بعث إذاعات وتلفزات.


 

كما أنّ الجامعة العامة للإعلام  في بيان لها اليوم الأربعاء، عبّرت عن استنكارها بتوجه عديد الأطراف السياسية إلى تمرير هذا المشروع الخطير دون الاستئناس والاستماع وتشريك الأطراف المعنية بالملف واعتبرت ذلك عملية تمثل مرورا بالقوة وتنذر بتحول مجلس نواب الشعب لمؤسسة تهدف لضرب الحقوق والحريات الصحفية. ودعت الجامعة كافة الجهات المعنية بالملف وكلّ مكونات المجتمع المدني المستقل وكل الأحزاب المؤمنة بحرية الإعلام وترفض التطرف والتسلط وفساد الفضاء الإعلامي والمال الفاسد في الإعلام ، إلى إسقاط المبادرة لخلفياتها السياسية المعروفة كما تعلن الجامعة العامة للإعلام استعداد كافة هياكلها إلى التصدي لمشروع ائتلاف الكرامة.

وأكّدت الجامعة العامة للإعلام أنّ هذه المبادرة تشكّل خطرا وتهديدا حقيقيا لحريّة الإعلام في تونس، وتهدف إلى المس من استقلالية الهيئة والتراجع عن المكتسبات الضامنة لحرية الإعلام بالنظر الى المعايير المنظمة لحريّة الاتصال السمعي والبصري، التي أقرّها المرسوم عدد 116 لسنة 2011 ، ومقتضيات كراسات الشروط المتعلقة بإحداث واستغلال القنوات الإذاعية والتلفزية. واعتبرت أنّ مصادقة لجنة الحقوق والحريات على مقترح القانون المنقح للمرسوم عدد 116، هدفه حذف شرط الترخيص لإحداث القنوات الفضائية والاذاعية من أجل إضفاء الشرعيّة على القنوات غير القانونيّة مؤكّدة أنّ إلغاء تراخيص البثّ هو مخالف بالكامل لمفهوم التّعديل وضرب في الصّميم لأيّة هيئة تعديليّة.

وبالتّالي فإن هذه المصادقة مخالفة للدّستور الذي نصّ في مادّته 127 على أن "تتولى هيئة الاتصال السمعي البصري تعديل قطاع الاتصال السمعي البصري وتطويره، وتسهر على ضمان حرية التعبير والإعلام، وعلى ضمان إعلام تعددي نزيه، تتمتع الهيئة بسلطة ترتيبية في مجال اختصاصها وتستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بهذا المجال". وحذّرت الجامعة من تحويل المؤسسات الإعلامية إلى دكاكين إعلامية لترويج الخطاب المتطرف ودكاكين للمال الفاسد، ودعت الحكومة، إلى التسريع بتقديم مشروع القانون الأساسي المتعلق بحريّة الاتصال السمعي البصري المتكامل في أقرب الآجال الى مجلس نواب الشعب. كما طالب الجامعة العامة للإعلام كافّة الأطراف إلى توحيد الجهود والعمل المشترك ضد المصادقة على هذا المشروع غير الديمقراطي عبر تحركات إحتجاجية تتوج بإضراب عام في القطاع.

رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي، أعلن أنّ مشروع القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري الجديد الذي صادق عليه مجلس الوزراء، له أولوية النظر باعتباره مبادرة حكومية ينتفي معها النظر في أية مبادرة أخرى . ودعا رئيس أعضاء مجلس نواب الشعب إلى التعجيل بالنظر في هذا القانون في أقرب وقت ممكن وبين اللجمي أن مشروع القانون الأساسي الجديد الذي سيعوض كليا المرسوم 116، هو مشروع متكامل لتأسيس هيئة السمعي والبصري وفق ما ينص عليه الفصل 127 من الدستور، موضحا أن هذا المشروع يهمّ كل ما يتعلق بالهيئة من حيث تركيبتها ومهامها وصلاحيتها، وبتنظيم المشهد السمعي والبصري بما فيه الإعلام العمومي والخاص والجمعياتي. وأشار اللجمي إلى أن صياغة مشروع القانون الجديد هو نتيجة مشاورات وورشات عمل على امتداد سنوات بمشاركة كل من الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام وممثلين عن المجتمع المدني، معتبرا أن مصادقة مجلس الوزراء على المشروع، هو خطوة إيجابية لتركيز هيئة السمعي والبصري التي نص عليها الدستور. 

مصادقة لجنة الحقوق والحريات التي تتضمّن نواب من قلب تونس وائتلاف الكرامة،  على مقترح القانون المنقح للمرسوم عدد 116 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والمقدم من قبل نواب ائتلاف الكرامة المعادين لحريّة الإعلام، تُعتبر خطرا يُهدّد استقلاليّة السلطة الرابعة وتساهم في خلق الفوضى في المشهد الإعلامي وسيتسنى لكلّ المتطرّفين بعث إذاعات وقنوات تلفزيّة تمجّد داعش وتخدم أطراف حزبية وسياسية دون سلطة ورقابة وهذا ما يرده نواب النهضة وائتلاف الكرامة وخاصّة قلب تونس وحزب الرحمة لتركيع الإعلام وللتحكم في القطاع السمعي البصري. 

يسرى رياحي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter