سماح مفتاح ستقود هشام المشيشي إلى طريق خطير!
لإدارة مصلحة الاعلام والاتصال بالقصبة، اختار رئيس الحكومة هشام المشيشي المبتدئة سماح مفتاح. وهو اختيار قد يكلفه الكثير اذا لم يقم بمراجعته في اقرب الآجال. تعددت أخطاءها و تراكمت عداواتها مع زملائها ورئاسة الحكومة هي من تدفع الثمن.
يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020 على الساعة الثانية ، اجتمع رئيس الحكومة مع هيئة مكافحة الكورونا للنظر في القرارات الجديدة الممكن اتخاذها لمواجهة فيروس كوفيد19. الجميع كان يعلم ان القرارات الجديدة ستكون موجعة لكن لا احد يعلم فحوى هذه القرارات. بعض وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كانت لهم تخميناتهم الخاصة.
في نفس الوقت و في فرنسا يتم الحديث حول نفس الموضوع : الإجراءات الجديدة لمواجهة فيروس كورونا، الفرق بيننا و بينهم يكمن في ان وسائل الاعلام الفرنسية لديها فكرة حول القرارات التي من الممكن اتخاذها وهو ما جهز الرأي العام للإعلان الذي سيتم على الساعة الثامنة ليلا من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. قرارات موجعة سيتم الإعلان عنها سينطلق تنفيذها بعد يومين من الإعلان حتى يتمكن الجميع من تطبيقها. بعد اعلان الرئيس الفرنسي على الإجراءات الجديدة انطلقت وسائل الاعلام الفرنسية في تفسير وتوضيح النقاط التي تناولها الإعلان، كالإجراءات الخاصة بمرافقة الشركات التي تضررت من جائحة كورونا على سبيل المثال.
في تونس و على الساعة الثامنة ليلا لازلنا ننتظر انتهاء اجتماع القصبة، لا وجود لتسريبات و لا حتى لتصريح لتهدئة الرأي العام (الشعب)، الصحفيون مجبرون على التخمين و على استعمال وسائلهم الخاصة، فيما تطفو على الواجهة مقتطفات من قرارات غير مؤكدة.
انتظرنا الى غاية الساعة الثانية صباحا حتى تقرر رئاسة الحكومة أخير نشر البيان على صفحتها على الفايسبوك. بيان عاجل بين هم نيام، هذا ماتحصل عليه التونسيين.
اذا ارادت الحكومة التقليل من احترام التونسيين لما قامت بهذا الاعلان بطريقة أخرى، يبدو الامر و كأننا نعيش في ديكتاتورية الرئيس يأمر و الشعب ينفذ. الإجراءات التي تم الإعلان عنها كان من الاجدر إعلانها من قبل رئيس الحكومة شخصيا بدلا عن بيان الساعة الثانية صباحا. كلا ! نحن نشتغل بالبيانات هنا ! متى سيتم الانطلاق في تطبيق الإجراءات ؟ لا احد يعلم، بيان الحكومة لم يحدد التاريخ، هل توجد إجراءات خاصة بمتابعة الشركات المتضررة من فيروس كورونا ؟ بالتأكيد لا لان البيان لم يذكرها.
ماذا يحدث في القصبة ؟ لماذا نعمل بهذه الطريقة ؟ الا يوجد احد يستطيع اخبار رئيس الحكومة انه لا يمكن العمل بالبيانات وانه من الضروري ان يقوم شخصيا بالإعلان عن هذه الإجراءات ؟
لا يمكن الانكاران هشام المشيشي يتحمل المسؤولية كاملة في عدم احترام التونسيين الا انه و من العدل النظر في مطبخه الداخلي في قصر الحكومة بالقصبة لفهم خلفيات ما وقع يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020.
في جميع المؤسسات يوجد ما يسمى بإدارة الاعلام و الاتصال، و هي المسؤولة على صورة "المدير". في رئاسة الحكومة بالقصبة المسؤولة على هذه الإدارة هي سماح مفتاح، صحفية سابقة اشتغلت لمدة في الصحافة المكتوبة حيث ارتكبت مجموعة من الأخطاء و الخروقات لأخلاقيات المهنة. انتقلت بعد ذلك الى إذاعة شمس اف ام اين أصبحت مذيعة و في نفس الوقت قامت بتقديم برنامج على قناة حنبعل، وهي قناة غير قانونية بحسب الهايكا. هي زوجة لطفي المشري رئيس تحرير في قناة نسمة وهي قناة غير قانونية أيضا، هل كان لمشاهدتها في قناة تلفزية ام للوبي نبيل القروي تأثير على قرار تنصيبها في القصبة ؟ لا نعلم.
تعيين صحفية في منصب مستشارة إعلامية كمعالجة طبيب عيون لآلام الاسنان، كلاهما أطباء الا انه لكل طبيب اختصاصه.
بالعودة الى البيان الكارثي الذي تم نشره على الساعة الثانية صباحا، المسؤولة عن الاتصال هي المسؤولة على هذا النشر. فإما ان تكون قد قامت بإنذار رئيس الحكومة بعدم إمكانية التواصل مع الشعب بهذه الطريقة وهو لم يستجب لها فتكون في هذه الحالة غير مقنعة و بالتالي لا تتمتع بالكفاءة اللازمة لهذا المنصب او انها لم تقم بإنذار رئيس الحكومة و في كلتا الحالتين هي لا تتمتع بالكفاءة اللازمة.
سماح مفتاح لم تقم بأول كارثة لتشويه رئيس الحكومة حين سمحت بنشر بيان على الساعة الثانية صباحا، بل انها و في نفس اليوم يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020 ارتكبت خطأ في حق احد الصحفيين، حيث كان من المنتظر استقبال ممثلين عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين : فرع نقابة الصحفيين بكاكتوس و فرع النقابة بدار الصباح، للاجتماع مع كل من مدير ديوان هشام المشيشي والمكلف بالشؤون الإجتماعية في رئاسة الحكومة والمكلفة بالإعلام والاتصال. الا ان مستشارة رئيس الحكومة رفضت مشاركة وليد بورويس رئيس فرع نقابة الصحفيين بشركة كاكتوس المصادرة بتعلة نشره لتدوينات على صفحته على الفايسبوك مسيئة لرئيس الحكومة هشام المشيشي. و قررت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اثرها تعليق مفاوضاتها مع رئاسة الحكومة إلى حين تغيير منهجها التفاوضي المعتمد. و عبرت النقابة الوطنية للصحفيين في بلاغ نشرته في الغرض عن رفضها لسياسة الحكومة المعتمدة على الابتزاز وربح الوقت في تعاملها مع الملفات المطروحة و ادانت في بيانها السلوك الاستبدادي و الذي ينتمي الى عصر ضننا انه انتهى.
كذلك تلقت سماح مفتاح طلب تصوير من شركة انتاج سمعية بصرية متخصصة يديرها الزميل ماهر عبد الرحمان. جرت العادة ان يتم التوقيع على طلبات التصوير هذه في غضون ساعة. إلا أن سماح مفتاح أعادت العمل بإجراء جديد، اختفى من القصبة منذ قرابة عشر سنوات. فالآن تريد سماح مفتاح استشارة وزارة الداخلية قبل التوقيع!
فتصبح المشاورات مكتوبة وتتبع المنوال البيروقراطي الذي يستغرق وقتا طويلا. الزميل ماهر عبد الرحمان كان مستعجلا للحصول على الترخيص من اجل منح التأشيرة لاكرم خزام الذي سيقوم بإعداد تقرير حول تونس. في هذا الاطار قامت سماح مفتاح بمراسلة وزارة الداخلية للاستفسار حول هذا الصحفي الشهير، وردا على مراسلتها اشارة وزارة الداخلية الى ان الصحفي المذكور يشتغل بقناة الجزيرة وهو بالتالي غير مرحب به، سماح مفتاح تعمدت تجاهل الزميل ماهر عبد الرحمان و لم ترد على طلبه بالرغم من ان اكرم خزام استقال من قناة الجزيرة و لم يعد يعمل فيها منذ زمن طويل. اذا كانت سماح مفتاح فعلا صحفية جيدة لكانت علمت بالأمر. إما أن وزارة الداخلية لم تقم بتحديث سجلاتها أو أن السيدة لا تقول الحقيقة. في كلتا الحالتين، عدم كفاءة سماح مفتاح واضحة فالتشاور مع وزارة الداخلية هي ممارسة جديرة بالديكتاتورية. خاصة و ان الامر يتعلق بشركة انتاج يترأسها ماهر عبد الرحمان الصحفي المعروف بكفاءته و جديته، نقابة الصحفيين حاولت التدخل معالجة الوضع الا ان مستشارة رئيس الحكومة تمسكت بموقفها.
حتى نتمكن من تقييم عمل مستشارة رئيس الحكومة يجب مقارنتها بمن سبقها في هذا المنصب، و لا داعي لمقارنتها بنظرائها في فرنسا او في الديمقراطيات الكبرى فنحن على بعد سنوات ضوئية. و كان اخر من تقلد المنصب عدنان بن يوسف مدير الاتصال لدى الياس فخفاخ و سبقه مفدي المسدي مكلف بالإعلام والاتصال لدى رئيس الحكومة يوسف الشاهد . كلاهما كانت لهم علاقات جيدة مع وسائل الإعلام. كانوا متواجدين وقت الحاجة في معظم الوقت، على عكس سماح مفتاح التي نادراً ما ترد على الهاتف.
ومن المستحيل على الصحفيين تقديم مواد جيدة لقرائهم / مستمعيهم / مشاهديهم إذا لم يرد المكلف بالإعلام و الاتصال على الهاتف و اذا لم يقم بتقديم المعلومات الضرورية والرسمية.
سواء مع بن يوسف أو مفدي المسدي، سارت الأمور بشكل طبيعي متماشية مع هدفين: بالنسبة للإعلام، توفير معلومات جيدة لجمهورهم. بالنسبة للمطلف بالاتصال، هو إعطاء صورة جيدة لرئيس الحكومة. وهو ما وقع أيضا في قرطاج مع الرئيس الباجي قائد السبسي حيث كان من السهل دائمًا الوصول إلى معز السيناوي وفراس قفراش وكانت لديهما علاقات ممتازة مع وسائل الإعلام و مع الصحفيين.
يختلف الامر بالنسبة لمديرة الاتصالات السابقة في قيس سعيد، رشيدة النيفر، و التي شوهت صورة رئيسها وحافظت على علاقات سيئة مع الصحافة. أدرك رئيس الجمهورية ذلك مؤخرا ودفعها إلى الاستقالة. سماح مفتاح هي أيضا على هذا المنوال، وسوف ينتهي الأمر بها أيضًا للطرد إذا لم تلحق بالركب بسرعة.
للحفاظ على علاقات جيدة مع وسائل الإعلام، يجب أولاً وقبل كل شيء احترام اراء الصحفيين، حتى لو كانت ناقدة، و خاصة اذا كانت ناقدة. من خلال "معاقبة" وليد بورويس على منشوراته على فايسبوك، أظهرت سماح مفتاح أنها لا تحترم الرأي المخالف وأنها تفتح باب القصبة فقط للمدح أو للصحفيين الذين من المحتمل أن يصبحوا مادحين لرئيس الحكومة. بعد ذلك يجب فتح قنوات التواصل و تزويد الصحفيين بمعلومات دقيقة و ليس باتباع سياسة النعامة و تجاهلهم كما فعلت سماح مفتاح.
يوم الأربعاء الماضي، على سبيل المثال، كان ينبغي عليها إبلاغ الصحفيين أن الاجتماع منعقد و انه سيكون هناك بيان صحفي. من الخطأ، ترك الإعلام (حتى العمومي) دون معلومات.
الوضع المثالي هو إجبار رئيس الحكومة على تأجيل إعلان قراراته حتى يوم الخميس لإبلاغ الجمهور بالإجراءات الجديدة في بيان متلفز. كان لدى مفدي مسدي ومعز سيناوي وفراس قفراش وعدنان بن يوسف الكلمات اللازمة لإقناع قادتهم بالسياسة الجيدة التي يجب اتباعها في مجال الاتصال. والزعيم الجيد هو من يتبع نصائح فريقه. سماح مفتاح على بعد سنوات ضوئية من هذه الممارسات الجيدة، فهي تهيأ الأرضية لتخلق صورة سيئة لرئيسها.
أخيرًا، للاستمرار في إقامة علاقات جيدة مع وسائل الإعلام، على المكلف بالإعلام و الاتصالات التخطيط جيدا لعقد اجتماعات فردية دورية مع الصحفيين الأكثر نفوذاً و هذا ما فعله كل من سبق السيدة مفتاح. الا انها فضلت تقديم صديقاتها و اصدقائها ، بغض النظر عن وزنهم الإعلامي. أما من ليسوا في قائمة اصدقائها ، فقد تعمدت تجاهلهم بالرغم من جمهورهم وتأثيرهم.
اذا لم تأخذ سماح مفتاح بعين الاعتبار البيان الصحفي لنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و اذا لم تدرك الصورة السيئة للغاية التي قدمها بيان الساعة الثانية صباحا، فستقود رئيس حكومتها إلى طريق خطير، كما فعلت رشيدة النيفر مع قيس سعيد.
فإما أن تعوض عن اخطائها في أسرع وقت ممكن، أو سينتهي بها الأمر مثل رشيدة النيفر. عاجلاً أم آجلاً، سيدرك هشام المشيشي سوء اختياره ، إنه أمر حتمي، لن تتمكن من إخفاء عجزها وسلوكها السيئ مع أولئك الذين كانوا زملائها منذ وقت ليس ببعيد لفترة طويلة.
نزار بهلول -ترجمة عن النص الفرنسي
تعليقك
Commentaires