alexametrics
الأولى

سفراء تونس ليسوا لعبة!

مدّة القراءة : 3 دقيقة
سفراء تونس ليسوا لعبة!

 

الدبلوماسية التونسية، شأنها شأن الاقتصاد أو الوضع الاجتماعي والسياسي ، ليست بمنأى عن انحلال  قيم الدولة. سفير يغلق الباب خلفهُ ويغادر منصبه ببساطة، 14 سفارة شاغرة دون ممثلين لتونس، وتعيينات على أساس المحسوبية والصداقات. في الوقت الحالي، هناك أربع عشرة سفارة شاغرة.  أمر لم نشهد مثله في تاريخنا من قبل.

 

قيس قبطيني ، الممثل الدائم لتونس لدى الأمم المتحدة ، تلقى خبر استبداله من منصبه  المرموق في نيويورك بشكل سيء. في تصريح لوكالة فرانس براس في 9 سبتمبر 2020، قال السفير الأسبق إنه سيترك السلك الدبلوماسي التونسي "من أجل الشرف والمبدأ". لم يُعجب القبطيني سماعه عن إقالته المرتقبة على وسائل التواصل الاجتماعي. تم تعيينه في نهاية مارس ليحل محل منصف البعتي  الذي أقيل هو نفسه في فيفري المنقضي بعد خمسة أشهر فقط في المنصب لقيامه "بتعطيل" العلاقات مع الولايات المتحدة لصالح الفلسطينيين. لم يشرح قيس سعيد هذا القرار حتى الآن  وهو الذي يبدو مرتبطًا جدًا بالقضية الفلسطينية.

 

 

وفي نفس التصريح ، قال السفير الاسبق "لم أعد أثق" برئيس الجمهورية  وحاشيته ممن كانوا مسؤولين عن إقالته. حتى أن بعض أصداء القصر تشير إلى احتمال أن تكون رئيسة ديوان الرئيس  نادية عكاشة  في مركز الصدارة لشغل هذا المنصب. وسيحل محلها في رئاسة الديوان وزير العدل السابق محمد صلاح بن عيسى الذي استقبله الرئيس في 8 سبتمبر 2020.

 

أيا كان اسم بديل السفير المتخلي  فمن الواضح أن هذا القرار لا يمكن إلا أن يضر بصورة تونس التي اصبحت عضوًا غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2020-2021. في رأي العديد من المراقبين  هذه الفرصة أهدرت ببساطة من قبل الدبلوماسية التونسية. الصورة المرسلة من نيويورك عن الدبلوماسية التونسية ليست مُشرقة  خلافا للتقاليد الراسخة منذ الاستقلال.

 

تمثيل تونس في الأمم المتحدة في نيويورك ليس السفارة الوحيدة التي تتحمل وطأة الإدارة الفوضوية لقرطاج، فالسفارة التونسية في باريس لها أهمية كبرى ايضا. بغض النظر عما قد يقوله الشعبويون  فهذه الدولة هي عميلنا الاقتصادي الرئيسي وموردنا الرئيسي. لكن قيس سعيد لا يرى ضرورة ملحة لتعيين سفير في العاصمة الفرنسية أو حتى قنصل. نُشر في الرائد الرسمي ، يوم الإثنين 30 ديسمبر 2019 مرسوم ينص على  إقالة السفير عبد العزيز الرصاص في باريس. في نفس اليوم عرف القنصل العام التونسي في فرنسا علي الشعلالي المصير نفسه. بعد مرور تسعة أشهر تقريبًا  لا يزال كلا المنصبين شاغرين.

في 21 ديسمبر 2019  أي قبل أسبوع من نشر المراسيم الرئاسية أصدرت وزارة الخارجية بيانًا يفيد بموجبه قيس سعيد بفتح تحقيق في شبهات الفساد في السفارة التونسية في باريس. والتزمت الوزارة بنشر نتائج التحقيق والعقوبات المقررة. بعد أكثر من تسعة أشهرلم ترد أنباء عن هذا الموضوع.

من ناحية أخرى ، تبقى السفارة شاغرة مع كل ما يوحي به من تعقيدات لشؤون البلاد. يجب ألا ننسى قمة الفرانكفونية التي ستعقد في تونس عام 2021 والتي لم نقم بالتحضير لها بعد.

كما يمكن ملاحظة الفوضى على أعلى مستويات الدبلوماسية التونسية  أي منصب وزير الشؤون الخارجية. لكونه من الصلاحيات السيادية لرئيس الجمهورية  فمن المسلم به عمومًا أن رئيس الدولة هو الذي يختار هذا الوزير  حتى لو كان الدستور يشير إلى مشاورات بين قرطاج والقصبة. هذا لم يمنع قيس سعيد من اختيار وزير لم يخدم حتى سنة واحدة  وهو نور الدين الري. ثم عين الرئيس مستشاره الدبلوماسي عثمان الجرندي على رأس الوزارة في حكومة هشام المشيشي. أحد مهندسي مؤتمر "أصدقاء سوريا" الحزين في .2012

 

يريد قيس سعيد الحفاظ على  أحد أهم سلطه وهي السياسة الخارجية إلا أنه يفعل ذلك بشكل سيء للغاية. رئيس الجمهورية  بعد قرابة عام من توليه منصبه  قام فقط برحلات بروتوكولية إلى الجزائر وفرنسا. تلك  الزيارة الخاطفة، المليئة بالازدراء وعدم التنظيم من قبل الرئيس التركي في بداية ولايته، لم تكن مطمئنة. يريد قيس سعيد وضع رجاله في مناصب رئيسية  حتى لو لم يكن لديهم معرفة بالدبلوماسية. انتشرت قائمة مسربة على الشبكات الاجتماعية للحركة الديبلوماسية القادمة ومن بينهم وزير الدفاع السابق عماد الحزقي في باريس ووزير الداخلية السابق هشام الفراتي في بيروت. فقط اشاعة تعيينات غير الدبلوماسيين في مناصب مهمة اثارنت غضب نقابة السلك الدبلوماسي التي لطالما دعت لتعيين مهنيين دبلوماسيين حقيقيين. سارعت وزارة الخارجية إلى نفي القائمة وزعمت أنها خاطئة. ومع ذلك، يعرف الخبراء أن هناك الكثير من هذه القائمة صحيح.

أحد مجالات العمل التي يمكن أن يتألق فيها قيس سعيد هو مجال السياسة الخارجية لكنه يبدو عاجزا تماما في مواجهة هذه القضايا رغم بعض النقاط الإيجابية مثل زيارة فرنسا. في الوقت الحالي، تُبتر تونس ذراعها الخارجي غير متدخلة في اغلب القضايا الإقليمية والدولية منها الوضع في ليبيا. حان الوقت لرئيس الدولة، أن يُصوب بوصلته.

 

مروان عاشوري

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter