الإجراءات الإستباقيّة لمجابهة كورونا فعّالة وناجعة في نظر هؤلاء
انتشر فيروس كورونا المستجّد في تونس منذ بداية شهر مارس الحالي بعد أن سجّلت أوّل إصابة بهذا الوباء يوم 2 مارس، وسرعان ما انتشر هذا الفيروس إلى أن بلغ عدد الإصابات المؤكّدة اليوم 39 حالة وفقا لوزارة الصحّة، كما سجّلت بلادنا اليوم أوّل حالة وفاة بهذا الفيروس وهي إمرأة عادت من تركيا وخضعت للحجر الصحّي الذاتي وبمجرّد نقلها ليلة البارحة لمستشفى فرحات حشاد بسوسة توفيت وأفرزت نتائج التحاليل اليوم أنّها توفيت بسبب فيروس كورونا.
مديرة مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن عليّة، أعلنت في ندوة صحفيّة اليوم شفاء أوّل مُصاب بفيروس كورونا وهو كهل أصيل ولاية قفصة وقد غادر مستشفى فرحات حشاد بسوسة صباح اليوم بعد التأكد من تحاليله وثبوت شفائه كليا، في نفس السياق أفادت أنّه بعد صدور نتائج 86 تحليل مخبري تبيّن إصابة 10 أشخاص بفيروس كورونا ليرتفع العدد إلى 39 إصابة وبالتالي أصبح تونس تتضمّن 25 حالة إصابة مُستوردة و14 حالة محليّة. وتتوزّع الإصابات بين تسعة في ولاية أريانة وأربعة منها مستوردة وخمس حالات محلّية أصيبوا عن طريق العدوى، ولاية القيروان سجّلت إصابتيْن الأولى مستوردة والثانيّة حالة عدوى محلّية، كما أنّ كلّ من هذه الولايات القصرين وقفصة وتطاوين ونابل وبن عروس ومدنين والمنستير وصفاقس، سجّلت كلّ منهم حالة إصابة واحدة مستوردة، أما ولاية المهديّة سجّلت ثلاث إصابات إحداها مستوردة وحالتيْن عدوى محليّة، وأكثر الإصابات سجّلت في ولاية تونس التي بلغت 14 حالة منهم تسع حالات مستوردة وخمس حالات عدوى محلّية، ولاية بنزرت سجّلت إصابتيْن إحداها مستوردة وقد غادر البلاد والحالة الثانيّة عدوى محلّية، أما ولاية سوسة سجّلت حالتيْن مستوردة. ووفقا لوزارة الصحّة فإنّه وقع إلى حدّ هذا اليوم إخضاع 8787 شخصا للحجر الصحي الذاتي، ومنهم 5628 أتمّوا فترة المراقبة الصحيّة.
رئاسة الحكومة بالتنسيق مع باقي الوزارات وخصوصا وزارة الصحّة ومجلس نواب الشعب، اتّخذت مجموعة من الإجراءات للوقاية من فيروس كورونا وللحدّ من انتشاره ودعت الشعب التونسي إلى الإلتزام بتطبيق تلك التدابير ولكن رغم ذلك فإنّ التونسيّين لم يحترموا تلك الحلول لمقاومة تفشي الوباء ونظرا لذلك أعلن رئيس الجمهوريّة قيس سعيد يوم الثلاثاء 17 مارس، أنّه تقرّر فرض حظر التجوّل من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباحا ابتداء من يوم أمس الأربعاء مشيرا إلى أنّه قد تمّ إصدار القرار إلى القوات العسكرية والقوات الأمنية للقيام بدوريات مشتركة في كامل تراب الجمهورية بتنسيق بين وزارتي الداخلية والدفاع.
محمد الشاهد أستاذ متخصّص في علم الأوبئة وخبير دولي في السلامة الصحيّة، وصف فيروس كورونا بالأزمة التي أصابت البلاد، وخلال استضافته اليوم الخميس في برنامج ميدي شو، فسّر الشاهد من الناحيّة العلميّة أنّ فيروس كورونا هو وباء لا يتمّ التحضير له مسبقا لأنّه فيروس غير متوقّع وانتشر في العالم كلّه وبالتالي تكون طريقة التفاعل معه بصفة يوميّة. واعتبر أنّ الإجراءات التي تمّ إعتمادها للحدّ من انتشار فيروس كورونا هي تستجيب لأمريْن، أوّلهما الدروس التي استخلصتها تونس من دولة الصين والتي تمكّنت من القضاء على هذا الوباء والأمر الثاني أنّ تونس أطلقت خطّة متناسقة ومتماشية مع خطورة الفيروس، كما انّها اعتمدت على الخمس نقاط المهمّة لمقاومة كورونا وهي عزل المصابين بهذا الفيروس ثمّ وضع عائلات المصابين وكلّ المحيطين بهم في الحجر الصحّي الذاتي، ثمّ عزل الأشخاص الذين لهم علاقة بعائلة المصابين وعزلهم لإختبار إمكانيّة إصابتهم بالفيروس، ورابعا أشار إلى أهميّة إغلاق المدارس وهذا ما قامت به تونس وخامسا وهي المهمّة حسب تصريحه إبعاد كبار السّن والمصابين بأمراض مزمنة عن أماكن العمل. وأضاف الأستاذ المتخصّص في علم الأوبئة انّ مجابهة أيّ فيروس خطير تتطلّب اليقظة والمتابعة وطريقة التصرّف لمواجهة الفيروس ومن الناحية العلميّة أكّد أنّ وزارة الصحّة تقوم بما يلزمها القيام به، وأوضح أنّ توجيه الرأي العام وتوعيتهم في كيفيّة تعاملهم مع هذا الوباء هو أمر ضروري وهام لمقاومة الفيروس. وعاد الشاهد على التضامن بين التونسيّين والذي لاحظه على مواقع التواصل الإجتماعي بسبب أزمة فيروس كورونا وأشاد بوعيِهم في إرشاد بعضهم البعض ودعا إلى اعتماد هذا السلوك بصفة مستمرّة على الأقلّ لمدّة سنة كاملة. وأشار إلى أنّ الخلايا الجينيّة لفيروس كورونا متغيّرة وليس من السهل إيجاد لقاح مضادّ له بسهولة معتبرا أنّ الحلّ بيد المواطن في حدّ ذاته مؤكّدا أنّ السلوكيات هي المضادّ الأساسي لهذا الوباء.
من جهته أفاد مدير الصحة العمومية في وزارة الصحة الدكتور شكري حمودة، أنّ ارتفاع نسبة الإصابات بفيروس كورونا تدلّ على أنّ الإجراءات الإستباقيّة التي تمّ اتّخاذها هي في محلّها ومن المفيد أنّه تمّ التسريع في تطبيقها للحدّ من هذا الفيروس، موضّحا أنّ كلّ إجراء يقدّم نتائج إلاّ بعد أسبوعيْن او ثلاثة. وفي مداخلة هانفيّة له على موجات إذاعة راديو ماد اليوم، أكّد حمودة أنّه من المحتمل في الأيام القليلة القادمة كلّ المواطنين يلازمون منازلهم ويطبّقون الحجر الصحّي الذاتي، وأشار إلى أنّ وزارة الصحّة أصبحت تنظر إلى الأرقام التي وصلت لها الحالات وهي 39 إصابة إلى حدّ الآن متسائلا إن كان هذا العدد هو حقيقي أو فقط هو نتيجة عينات فقط. وشدّد بن حمودة أنّه في صورة تواصل تفاقم الإصابات عشرة عشرة بصفة متسارعة فسيتم إتّخاذ إجراءات أخرى واعتبر أنّ الإجراءات الوقائيّة الإستباقيّة التي اتّخذتها تونس هي ناجعة في ظرف أسبوعيْن مقارنة بباقي الدول التي سجّلت حالات وفاة عالية بفيروس كورونا. وأضاف حمودة أنّه هناك إجراءات أخرى تصعيديّة يمكن أن تتخذها السلطات لمقاومة انتشار فيروس كورونا على غرار العزل الكامل الذي ينصّ على أن يتمّ عزل الناس على مستوى وطني في منازلهم لمدّة معيّنة تتجاوز 15 يوما وتبقى فقط الإطارات الطبيّة تعمل رفقة وزارتي الداخليّة والدفاع. من الناحيّة البيولوجيّة، أشار بن حمودة انّ فيروس كورونا هو فيروس متطفّل أيّ أنّه يبقى في جسم الإنسان لتظهر عليه علامات الإصابة بعد أسبوعيْن، ويتطلّب علاجه سريريا تقريبا 16 يوما وبالتالي فإنّ الفيروس يظل في الجسم لأكثر من شهر. وأكّد الدّكتور انّ هناك 100 دواء لفيروس كورونا في طور التجارب العلميّة على مستوى عاملي موضّحا أنّ هذه التجارب تتحمّل التناقضات وأشار انّ دواء Chloroquine هو مخصّص للأمراض الروماتيزم ولتعديل الإلتهاب وأثبتت التحاليل الجينيّة لهذا الدواء أنه قادر على تخفيض نسبة الفيروسات في الجسم ولكن عدد الأشخاص الذين أُجري عليهم البحث صغير مشيرا إلى أنّه ستظهر بعض الحقائق في الأيام المقبلة، ونبّه إلى عدم استعماله بصفة فرديّة تلقائيّة لأنّه به أضرار وانعكاسات سلبيّة على الجسم.
وفقا للخبراء في علم الأوبئة والأطباء فإنّ الإجراءات الإستباقيّة التي اتّخذتها الدّولة هي إجراءات ناجعة وفعّالة لمجابهة انتشار فيروس كورونا المستجدّ خاصّة حظر التجوّل، كما يؤكّد المختصّين في هذا المجال فإنّ تطبيق الحجر الصحّي الذاتي على مستوى وطني لمدّة تفوق أكثر من أسبوعيْن سيكون له أكثر فاعليّة نجاعة للسيطرة على هذا الوباء والحدّ من انتشاره.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires